الرئيسية » في دائرة الضوء » الاخبار الرئيسية »
 
28 أيلول 2020

هدمي: الإقراض المصرفي للحكومة وصل "السقف"... والحكومة تبحث مصادر تمويل أخرى

حسناء الرنتيسي_ بوابة اقتصاد فلسطين.

تشير البيانات المالية لبنك القدس خلال النصف الأول لعام 2020، إلى ارتفاع أرباح البنك بنسبة 6% عن ذات الفترة من عام 2019، فكيف استطاع البنك الحفاظ على أدائه المالي وتحقيق النمو رغم الآثار السلبية التي خلفتها جائحة كورونا على كافة القطاعات الاقتصادية؟

التقينا في "بوابة اقتصاد فلسطين" بالرئيس التنفيذي لبنك القدس صلاح هدمي، والذي أرجع أسباب ذلك الارتفاع إلى "نجاح بنك القدس في الحفاظ على إيراداته كما في النصف الأول من عام 2019، وعند مقارنة الإيرادات بين عامي 2019 و2020 نجد أنها متقاربة ولا يوجد نمو يذكر".

وأوضح هدمي أن الإنجاز الأول كان بالحفاظ على الإنجاز السابق، وعدم الانجرار مع الأزمة، عبر تجنب آثارها على الإيرادات.

وقال هدمي أنه بالنظر إلى الصورة الكلية فإن تكوين المخصصات خلال عام 2020 كان بنفس الوتيرة عام 2019، ونموها تم بشكل طبيعي، ولم تتأثر بجائحة كورونا. وتابع: " تبنى المخصصات لتحصين الموقف المالي للبنك".

التأثر سلباً في اتجاه آخر

على صعيد آخر، قال هدمي إن الإيرادات التشغيلية تأثرت وانخفضت، فأرباح بنك القدس قبل الضريبة انخفضت، وأضاف:" لدينا إنجاز على الصعيد الضريبي وساعدنا ذلك على تحقيق ما نسبته 6% كصافي أرباح بعد الضريبة، مقارنة مع العام الماضي."

وأوضح أن البنك تأثر بانخفاض إيراداته التشغيلية، وما صحبه من انخفاض في فرص العمل، وعدم التمكن من تنفيذ المخطط والأهداف ضمن عام 2020، والتي تهدف إلى نمو البنك وازدهاره، لكن لم يتحقق ذلك بفعل الجائحة، بل تأثر دخله وميزانيته.

كما كان لانخفاض الفائدة على الدولار الأمريكي وعلى الدينار بنسبة 1.5% أثر كبير، والذي أدى لبطء في الدورة الاقتصادية وعدم قدرة على السداد، وهو ما أثر على إيرادات البنك من خلال عدم تحقيق الأهداف، وبناء مخصصات لمواجهة تداعيات الأزمة.

الفائدة التعاقدية ودور البنوك في اللبس الحاصل

خلال فترة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة في مارس من العام الحالي، أصدرت سلطة النقد التعليمات رقم 4 لعام 2020 بتاريخ 15/3/2020، والتي تلزم البنوك بتأجيل الأقساط لمدة 4 شهور لكافة القطاعات و6 أشهر للقطاع السياحي.

وأشار هدمي إلى أن البند المتعلق بالفائدة يشير إلى حظر استيفاء أي رسوم أو فوائد إضافية على القروض من قِبَل البنوك، ولم يتم الحديث عن الفوائد الأصلية المثبتة على القرض، والعرف في القطاع المصرفي أن التأخير في سداد القسط يترتب عليه فائدة إضافية غير الفائدة التعاقدية، والتعاقدية هي الفائدة المثبتة في العقد بين البنك والعميل.

وقال أنه بالنسبة للبنوك فقد كانت التعليمات واضحة لها، واللغط الذي حدث أنه لم يكن هناك إجابة حاسمة حول أن الفوائد تبقى رغم تأجيل القرض، وكان العملاء يراجعون البنك ويتم اخبارهم بتأجيل الاقساط مع بقاء الفائدة.

وأوضح: "لن تتغير قيمة الأقساط الشهرية الأربعة المؤجلة، لكن سيرتفع عددها إلى 5 أو 6 أقساط".

وأشار هدمي أن المشكلة كانت أن التواصل مع العملاء لم يكن بطريقة واضحة لا لبس فيها، إضافة الى ذلك أن المبلغ الذي تم تأجيله يتراوح بين 1.5 مليار و 1.6 مليار دولار، موضحا أن القطاع المصرفي غير قادر على حمل تأجيل هكذا مبلغ لمدة 4 أشهر بدون فوائد، فالنسبة الأكبر من إيرادات البنوك تكون من الفوائد، والبنوك تستقبل ودائع بحجم أكبر من التسهيلات، وتدفع عليها فوائد، فلا يمكن معالجة الأزمة بافتعال أزمة أخرى، للحفاظ على البنوك ووجودها.

وأضاف "قيمة الفوائد التي تجبيها البنوك في السنة تصل نحو 700 مليون دولار، بينما التسهيلات البنكية تصل نحو 9 مليار دولار، بالتالي المخاطر التي تواجهها البنوك أكبر بكثير من الفوائد التي يتم استيفاءها."

حل الجاري مدين.. لماذا؟

عندما تم تأجيل القروض في المرة الاولى كان قرار سلطة النقد صائبا، وفيما يتعلق بالتأجيل الثاني كان لا بد من الخروج بأقل الخسائر، "ولم يكن لدينا خيارات كثيرة".

وأوضح: "حين انتهت شهور السماح في شهر تموز/ يوليو، دخلنا في أزمة اخرى تمثلت في عدم دفع الرواتب، وتم تداول أفكار عديدة، وكانت وجهة نظر البنوك نابعة من الخيارات المتاحة، ورأينا أن أفضلها للمواطن والبنك كان خيار الجاري مدين، فالقطاع المصرفي قطاع مهم لتحقيق النمو ولدعم الحكومة، وبالتالي ليس من الحكمة المساس بأمنه والتسبب بانهياره، حيث تكمن المعادلة في الحفاظ على طرفي المعادلة.

ويستخدم الجاري مدين حصرا في تسديد الاقساط، ومصدر التسديد مرتبط بانتظام الرواتب والحصول على المتأخرات، فلا يشكل عبئا على العميل لأنه التزام هو معترف به، وفي المقابل يشكل نقطة توازن للبنوك ان هذا التأجيل سيتم لهذا القسط فترة زمنية.

وأشار هدمي إلى دور البنوك في صندوق وقفة عز، قائلا " كان دور البنوك مشرفا، وكان لها مساهمة ممتازة واستجابة سريعة، وهذا ساعد في التخفيف من الأزمة ودعم من فقدوا دخلهم".

قدرة البنوك على الصمود

وأكد هدمي أن القطاع المصرفي سليم وبخير، فالبنوك لديها قدرة على الاستمرار. مشيرا إلى عدم الوصول لمرحلة الخطر، فكل بنك له سياسته التي تحافظ على بقائه، إضافة لدور سلطة النقد في الحفاظ على الأمان المالي للبنوك والتي تحفظ حقوق الجميع.

وحول اقتراض الحكومة من القطاع المصرفي، قال إن ذلك يتعلق بالسقف المسموح للحكومة الاقتراض بموجبه، وتقره سلطة النقد، وعند الوصول لهذا السقف فإن وزارة المالية تصبح غير قادرة على الاقتراض، وهذا السقف مبني على أسس التي هي الحد الاقصى لاقراض الحكومة، فهناك قطاعات أخرى غير الحكومة تساعد على بقاء ونمو الاقتصاد، ودرجة المخاطرة يجب أن تكون محسومة ولها حد اقصى.

وعند السؤال عن درجة الاقتراب من ذلك السقف قال: "وصلنا السقف زمان"، مشيرا إلى سعي الحكومة للبحث عن مصادر تمويل أخرى، بسبب أزمة المقاصة وانخفاض الإيرادات المحلية".