الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
16 حزيران 2015

مخلفات الانشاءات.. ثروة مهدورة وحلول غائبة والتلوث مستمر

سلط تقرير اخير لمركز العمل التنموي /معا الضوء على تحويل جوانب الطرقات في الضفة الغربية كمكبات لإلقاء مخلفات البناء، ما ينعكس سلبا على البيئة والمظهر العام، حيث تناول التقرير تحول الشارع الواصل بين مدخل مدينة البيرة الشمالي والشارع الرئيس المقابل المؤدي للمدينة من جهة بلدة سردا، الى مكب للنفايات الناتجة عن مخلفات البناء والانشاءات.

\

رام الله- بوابة اقتصاد فلسطين | سلط تقرير اخير لمركز العمل التنموي /معا الضوء على تحويل جوانب الطرقات في الضفة الغربية كمكبات لإلقاء مخلفات البناء، ما ينعكس سلبا على البيئة والمظهر العام، حيث تناول التقرير تحول الشارع الواصل بين مدخل مدينة البيرة الشمالي والشارع الرئيس المقابل المؤدي للمدينة من جهة بلدة سردا، الى مكب للنفايات الناتجة عن مخلفات البناء والانشاءات. فعلى جانبي الطريق، كميات من الطمم ومخلفات الانشاءات تم القاءها بشكل عشوائي، اضافة الى اطارات مستعملة وكميات اخرى من الباطون تخلصت منها مضخات أو شاحنات في هذا المكان، لدرجة أن النفايات لم تعد موجودة فقط على جانبي الشارع الذي لا يتعدى طوله 2 كم، بل وصل الحد الى وضعها في الشارع نفسه دون أي اكتراث. واللافت في الأمر، أن طريقا ترابية تم شقها مؤخرا لربط منطقة مدرسة النجاح القريبة بهذا الشارع، تم اغلاقها بكميات كبيرة من الطمم ومخلفات البناء، فمن المسؤول عن هذا الأمر؟ أين دور البلدية وسلطة جودة البيئة وكل الجهات ذات الاختصاص؟ هل هناك رقابة كافية؟ وهل يوجد أصلا مكب لنفايات الانشاءات؟
تتم عملية التخلص من المخلفات، وفق معد التقرير الصحفي فراس الطويل، بشكل سريع، وفي غالب الاحيان تتم مع ساعات هبوط الظلام، فالعملية لا تستغرق ثلاث دقائق، ليقوم أي سائق شاحنة محملة بالطمم مثلا، بتفريغ حمولتها على طرف الشارع، واذا لم تضبطه البلدية صاحبة الاختصاص بالدرجة الأولى، خلال هذه الدقائق القليلة، فإنه سيكون قد نجح في فعلته، وسيعاود الكَرة مرة أخرى وربما مرات. من يقوم بهذه الاعمال، يوفر على نفسه تكاليف النقل، الى أماكن قد تكون أبعد، رغم أنه في غالب الأحيان يتقاضى أجرا على أساس أنه سينقلها الى مكان قانوني، وأن الأمر سيكلفه كثيرا. لكنه في الوقت نفسه يسبب اضراراً بيئية ويشوه المنظر العام.

لا ينطبق هذا الحال على هذا الشارع في مدينة البيرة، بل يمكن القول ان هذه المشكلة موجودة في مختلف أنحاء البلاد بنسب متفاوتة من مكان لآخر، وخصوصا على أطراف المدن والتجمعات السكانية، نظرا لعدم وجود مكبات خاصة بمخلفات الانشاءات، حيث يتم التخلص منها بالطرق الاسهل والأقل تكلفة، بإلقائها على جوانب الطرقات. أو في أحسن الاحوال في اراضٍ خاصة.

بلدية البيرة: هذه اجراءاتنا
تؤكد م. ديما جودة مساعد مدير بلدية البيرة للشؤون الفنية الهندسية والتخطيط والصحة، ان موضوع القاء مخلفات البناء والباطون على جوانب الطرقات يحظى بمتابعة حثيثة من قبل البلدية، مع الاقرار بصعوبة ضبط هذه الظاهرة نظرا لأنها تتم بسرعة كبيرة ويصعب ضبطها مباشرة في الميدان، مشيرة الى أن اغلاق الاحتلال الاسرائيلي مكب النفايات في مدينة البيرة، الذي كان يستقبل الطبقات الاولى من الحفريات ساهم في تفاقم هذه الظاهرة.
ونوهت عودة الى جملة من الاجراءات المتبعة في محاولة لضبط هذه الافعال، حيث تفرض البلدية على كل مقاول يقوم بعمليات الحفر بدفع تأمينات تصل الى عشرة الاف دينار اردني، تبقى في البلدية لحين التأكد من وضع الطمم في المكان المخصص او اعادة استعماله لأعمال مشروعة اخرى و يتم مصادرة التأمينات اذا ما خالف التعليمات، اضافة الى مخالفة اي سائق يتم ضبطه بالقاء الطمم في الاماكن غير المخصصة لذلك ومصادرة تأميناته لحين ازالة الطمم.
وبينت عودة في حديثها ان "موضوع القاء الطمم يؤرق البلديات الثلاث البيرة ورام الله وبيتونيا لذلك الموضوع يتم معالجته سوياً من اجل ايجاد مكبات مخصصة لاستقبال الطمم وإعادة استخدامه، ويتم التنسيق مع وحدة التعاون المشترك لذلك". داعية المواطنين الى المساعدة في محاربة هذه الظاهرة وابلاغ البلدية عن اي تجاوزات بتصوير الآلية التي تقوم بالتجاوز او تدوين رقم المركبة او اسم صاحبها للحد من هذه الظاهرة التي تقوم بتخريب المدينة".

لا مكبات خاصة بمخلفات البناء!
يقول المهندس حسين أبو عون، المدير التنفيذي لمجلس الخدمات المشترك لإدارة النفايات الصلبة في محافظة رام الله والبيرة، ان حل هذه المشكلة صعب جدا، في ظل عدم توفر مكبات خاصة بهذا النوع من النفايات، وهناك مشكلة تواجه القطاع الخاص في بناء مكبات خاصة تتمثل برفض ما تسمى "الادارة المدنية الاسرائيلية" منح التراخيص اللازمة للعمل في هذا المجال، كذلك لا توجد موافقة لايجاد مصنع أو كسارة للتخلص من النفايات الصلبة وإعادة تدويرها والاستفادة منها.
وطالب أبو عون بتدخل رسمي من قبل الحكومة والسلطة الفلسطينية والضغط على اسرائيل من خلال أطراف دولية لانشاء مكبات أو كسارات خصوصا في المناطق المصنفة ( C )، وأضاف "على الحكومة ان تتخذ قرارا بهذا الصدد، وايجاد مكبات في انحاء البلاد، لإن كل المخلفات يتم القاؤها في أماكن غير صحيحة.

ثروة مهدورة!
الكميات الهائلة للنفايات الصلبة، يمكن أن تتحول الى ثروة تُدرّ أموالا طائلة، اذا ما تم تدويرها واعادة استخدامها، فالأتربة والحجارة والحديد والبلاستيك وكل اصناف النفايات، يمكن فرزها واعادة تصنيعها واستخدامها من جديد كما يحصل في قطاع غزة، يبين أبو عون. مضيفاً "نظرا للحصار في القطاع، فإنهم يقومون بتدوير كل شيء من المخلفات، خصوصا بعد الحرب الأخيرة، ركام المنازل والطمم والحديد والحجارة وكل شيء، يستخدمونه مرة أخرى في ظل انعدام الخيارات واشتداد الحصار، ليس بضرورة أن تكون الضفة محاصرة حتى نعيد استخدام هذه النفايات، علينا البدء بهذه الخطوة في أسرع وقت، فهذه المخلفات تمثل ثروة في حال تم تدويرها".

قوانين تفتقر للوائح تنفيذية
ترى سلطة جودة البيئة عبر نائب رئيسها جميل مطور، أن العقوبات المفروضة على المخالفين غير رادعة، وهذا أمر يساعد في انتشار هذه الظاهرة، مطالبا البلديات ووزارة الحكم المحلي والجهات الاخرى المعنية، بتوفير مكبات خاصة لهذا النوع من المخلفات الضارة بالطبيعة والبيئة والمنظر العام للقرى والمدن. وأضاف مطور "الأصل أن يتم نقل هذه النفايات أولا بأول، الى أماكن معتمدة تستوعب هذه المخلفات، ويجب فرزها واعادة تصنيعها، واستخدامها مثلا في أعمال الطمر للنفايات العادية في المكبات، وشق الطرقات التي تحتاج لكميات من الطمم. دورنا في سلطة جودة البيئة غير مباشر في هذا الموضوع، يجب على المستثمر نفسه أن يقوم بالتخلص من هذه النفايات، وعليه أن يتحمل المسؤولية عنها".
وقال مطور انه "في حال ورود أي شكاوِ عن شخص أو جهة تقوم بالقاء المخلفات بشكل عشوائي، فإن طواقمنا تزور الموقع، وتطالب البلديات أو الجهة التي قامت بهذا الفعل في حال معرفتها، بإزالتها والتخلص منها بشكل سليم، لأن هذا الأمر يؤثر على حركة المركبات والمواطنين، ويشوه منظر الطبيعة علاوة على الاضرار التي يلحقها بالتربة والمياه وغلق مجاري الأودية". وتجدر الاشارة الى ان قضية التعامل مع مخلفات البناء منصوص عليها في قانون البناء والتنظيم رقم 79 لسنة 66 خصوصا المادة 27 الخاصة بالأشغال في موقع البناء، والتي تشمل: المحافظة على حياة الناس والعمال أثناء التشييد، والمحافظة على الأرصفة والشوارع، إضافة إلى إزالة الأنقاض.
ومنذ قدوم السلطة الفلسطينية في عام 1994 فقد زخرت مسودة الدستور الفلسطيني بالعديد من القوانين التي تتعلق بالجوانب البيئية. فمن القوانين التي تطرقت إلى موضوع النفايات الصلبة (نصوص المواد من 7-10 ) والتي تحدثت عن تقليل حجم النفايات وإدارتها والتخلص الآمن منها والمحافظة على البيئة. ولكن ومع كل هذه القوانين فهي تفتقر إلى اللوائح التنفيذية التي تمنع وتلاحق وتعاقب المخالفين، سواء كانوا أفرادا أم جماعات أم شركات ومصانع.

تلويث للمياه الجوفية والسطحية
يرى مدير دائرة المياه في وزارة الزراعة الفلسطينية فرح صوافطة، أن "موضوع القاء الطمم ومخلفات البناء والباطون على اطراف الشوارع يسبب أضراراً كبيرة بالمياه الجوفية، ويساهم في تلوثها، خصوصا اذا كانت المخلفات تحتوي على مواد بلاستيكية أو اطارات مستعملة يتم حرقها، في هذه الحالة التلوث سيكون حتمياً. ناهيك عن اغلاق مجاري الأودية الامر الذي يؤدي الى الفيضانات في فصل الشتاء وبالتالي تلويث المياه السطحية وعيون المياه والينابيع، اضافةً إلى تلويث التربة وانجرافها في غالب الاحيان وهو ما يؤدي ايضا الى تغيير معالم الطبيعة الفلسطينية".

كم يبلغ حجم مخلفات الانشاءات؟
لا توجد لدى الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أرقام محددة عن حجم النفايات الصادرة عن البناء أو الانشاءات، وفي هذا الجانب يقول زهران اخليف مدير دائرة إحصاءات البيئة في الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني: "مخلفات البناء تحديدا قضية لا توجد بيانات حولها، ومن الصعب رصدها، في ظل عدم وجود مكبات خاصة بهذا النوع من النفايات، وبالتالي فإن المصادر التي يجب ان نستقي المعلومات منها لا تتوفر لديها اية تقارير أو معلومات، والمقصود هنا البلديات والمجالس المحلية". وفي عام 2011 اشارت تقارير الجهاز المركزي للإحصاء أن المخلفات الإنشائية شكلت ما نسبته 27% من مجموع النفايات الصلبة لمجموع النشاطات الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية وهي عبارة عن 75,889 كيلو غرام شهريا من المخلفات حيث تشكل "النفايات الحادة" النسبة الأكبر 36.4 % من حيث نوع المخلفات. الا انه من الملاحظ تزايد نسبة هذه المخلفات في السنوات الاربع الاخيرة في ظل طفرة البناء التي شهدتها الاراضي الفلسطينية في الآونة الاخيرة.

مواضيع ذات صلة