الرئيسية » في دائرة الضوء » الاخبار الرئيسية » محلي »
 
18 أيلول 2019

الخيارات الممكنة لمواجهة الأزمة المالية التي تعانيها السلطة الوطنية

وصال أبو عليا- بوابة اقتصاد فلسطين

ثمانية أشهر مرت على الأزمة المالية التي تمرّ ثقيلة على المواطنين وتزداد حدتها وتداعياتها يوما بعد آخر، في ظل تمسك الجانب الفلسطيني ممثلا بالقيادة بالموقف الرافض لاقتطاع سلطات الاحتلال الاسرائيلي لأي جزء من عائدات الضرائب الفلسطينية، لكونها حق وفق القوانين الدولية واستنادا للاتفاقات الموقعة بين الجانبين، وعلى الجانب الآخر رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو الذي استخدم هذه الأزمة كورقة ضغط على الفلسطينيين من جهة، وورقة رابحة في دعايته الانتخابية لحصد مزيد من اصوات اليمين المتطرف في اسرائيل من جهة أخرى.

الحلول والخيارات التي عمدت الحكومة على انتهاجها منذ بداية الأزمة المالية تمثلت أولا بتقليل النفقات في القطاع العام وتجلى ذلك بشكل أكثر تحديدا في رواتب الموظفين التي تم تقليصها إلى النصف تارة و60% تارة أخرى. فيما كانت البنوك كأحد مكونات القطاع المصرفي الفلسطيني جزء من الأدوات المساندة للحكومة ومكملة لها، الأمر الذي أكده رئيس سلطة النقد عزام الشوا لبوابة اقتصاد فلسطين بقوله إن مساهمات البنوك ودورها في إقراض الحكومة على مدار الأشهر الماضية كان مدروسا وبحكمة، بالتوازي مع الإجراءات التقشفية ذات الطابع الجدي وكذلك خلية الأزمة التي ضمت جمعية البنوك ووزارة المالية وسلطة النقد التي تتابع بشكل يومي التفاصيل الدقيقة لهذه القضية.

السبب الحقيقي للأزمة

السبب الحقيقي الكامن وراء هذه الأزمة وافتعالها يهدف إلى الضغط على القيادة بكل الأساليب بما فيها الحصار المالي لدفعها على تقديم تنازلات سياسية هذا ما أكده نائب رئيس حركة فتح محمود العالول، لبوابة اقتصاد فلسطين، مشددا على أن الأزمة ليست مسألة القرصنة، فحسب وإنما حصار اقتصادي بدأ قبل ذلك، انطلاقا من وقف الولايات المتحدة الأمريكية مساعداتها للسلطة الوطنية والضغط على المانحين بما فيهم الأشقاء العرب للضغط على فلسطين لتقديم تنازل سياسي.

وأضاف العالول أن المسألة بكل وضوح تكمن بأن تنازل القيادة عن قضايا جوهرية للغاية وهي بالأساس ثوابت شعبنا الوطنية، الأمر الذي لن يحدث.  

تداعيات الأزمة

وعن التداعيات الناجمة عن الأزمة المالية، قال المحلل الاقتصادي د مازن العجلة إن القوة الشرائية انخفضت بشكل كبير، رغم أن معدل النمو في الربع الأول في الضفة بلغ -1 وهو انعكاس لتراجع كبير في النشاط الاقتصادي ما يعني ركودا اقتصاديا؛ الأمر الذي يعني تدميرا للقدرات الشرائية، جراء رفض القيادة استلام عائدات الضرائب منقوصة، في وقت تشكل فيه هذه العائدات 70% من نفقات الحكومة.

اما أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت د سمير عبد الله أشار للبوابة إلى أن القطاع الصحي تأثر أيضا جراء الأزمة، وأيضا مشاريع الصيانة للطرق وشبكات المياه، واصفاً حجم الانفاق بأنه كبير على هذه القطاعات الحيوية بما فيها البنية التحتية.

وأوضح الخبير الاقتصادي من قطاع غزة مازن العجلة أن الأزمة المالية غير مسبوقة، واحتجاز سلطات الاحتلال الاسرائيلي لعائدات الضرائب يُقلص الخيارات، التي حدث فيها بعض التغير الجزئي إلى حد ما ويتعلق بالاتفاق الذي تم التوصل له بين الجانبين بشأن  انتهاء أزمة الضرائب على المحروقات المعروفة بضريبة البلو، حيث تقوم السلطة بجباية هذه الضريبة التي تشكل 30% من عائدات المقاصة ما يتيح للسلطة خيار الاستغناء جزئيا عن البنوك، مضيفاُ أنه في الأجل المتوسط اذا لم يحدث تطور آخر على الأزمة المالية، فإن ذلك يُوجب على القيادة أن تحصل على المزيد من الحلول المتعلقة بالقطاعات الضريبية.

من ناحيته قال الشوا لقد مررنا بالأزمة، التي أدت لبطء في دورة رأس المال، ورغم ذلك لا زال هناك نمو في الودائع بالبنوك رغم انها ليست بنسبة نمو السنوات الماضية، ما يؤكد على أن الثقة ما زالت موجودة حتى اللحظة وهي مهمة، مشيرا إلى أن هناك استقرارا ماليا.

بدوره أعرب د عبد الله عن أمله أن يؤدي الاتفاق بشأن ضريبة البلو إلى نتائج فعالة تتيح للسلطة الوطنية مرونة أكثر، وبدل أن كانت تشكل ربع الايرادات المحلية ستصبح تشكل 40% لتستطيع السلطة أن تستمر بدفع نصف الراتب دون اقتراض.

ولم يعول عبد الله كثيرا على الموازنة التي أصلا تعاني عجزاً من المانحين يُقدر سنويا 70 مليون دولار.  

وفي ظل استمرار هذه الأزمة، بات جلياً حتمية التوجه نحو خيارات استراتيجية أكثر ومجدية بشكل أفضل، لأن خيارات الاستدانة أُخذت، فالبنوك ساهمت بحل جزئي في الأشهر الماضية، ويجب التفكير بموضوع المعركة مع الاحتلال التي بقينا حتى الآن وحدنا فيهاب، ولم يشترك بها المجتمع الدولي، باعتبار الأزمة حسب د عبد الله محاولة لشيطنة السلطة وزيادة اعتماد اقتصادنا على المانحين والاعتماد على الاقتصاد الاسرائيلي.

الشوا أضاف أن الأزمة المالية تفاقمت على مر الأشهر الماضية، فقد تجاوزت 8 شهور، ومع كل الضغوطات استطاعت فلسطين أن تأخذ الطابع التقشفي، لافتاً لخطةٍ تعكف على اعدادها وزارةُ المالية لإدارة الأزمة في الأشهر القادمة.  

وبشان السقف الذي حددته البنوك، أوضح الشوا لقد حددنا سقوف وبحكمة حتى لا تؤثر على التسهيلات والاجراءات الأخرى بما يلزم ليس فقط لإقراض الحكومة وإنما لتستمر البنوك في التعامل مع الحركة التجارية. وهذا جزء من الاستقرار المالي.

مقترحات المختصين

تكمن الحلول الآن وحسب الخبراء والمختصين، باتباع ما هو جديد والذهاب نحو رؤية أكثر شمولية ودقة، فقد ألمح رئيس سلطة النقد إلى أن البنوك ستبقى جزءا رئيسياً من هذا الاقراض للحكومة وما يحدث مدروس ووفقا لرؤية رئيس الوزراء د محمد اشتية.

وأضاف الشوا لا استطيع أن أقول أن البنوك وصلت للحد الأعلى للإقراض، فكل بنك له تعامل مختلف، لكن البنوك الرئيسية مساهمتها وصلت لمرحلة يفضل فيها أن نحافظ على نسب الاستقرار، وأن يكون هناك رؤية جديدة، وتجري متابعة الأمر بشكل يومي.

وعند سؤاله عن احتمالية استخدام ما يعرف بالسندات، أكد الشوا أن هناك مجموعة من الدراسات بخصوص اصدار السندات، لكن هذا الوقت ليس مناسبا لاصدارها، ووزارة المالية هي المخولة بإصدار السندات للموردين الذين نتعامل معهم حتى تبقى فعالة .

وطمئن الجمهور في سياق حديثه، بأن الحيطة والحذر والمتابعة والتعاون بين الجهات ذات العلاقة والبنوك، ناهيك عن خلية العمل الخاصة بالأزمة، كلها تؤكد أن البنك يشكل عمودا فقريا وئيسيا في اقتصادنا، في وقت تحملت ادارات البنوك دون استثناء، المسؤولية.  

وجهة النظر السياسية تمثلت بطرح العالول وسط تأكيده أنه لا يمكن على الاطلاق أن نكون مستسلمين للضغوط، مقترحا عددا من الحلول، تجلت أولا بالتكيّف مع الأزمة المالية عبر التقشف، وثانيا بالتوجه للأشقاء العرب لتوفير مظلة مالية، والحل الثالث عبر بذل جهود على المستوى الدولي في المحاكم الدولية، للضغط على سلطات الاحتلال الاسرائيلي لإيقاف خصم عائدات الضرائب الفلسطينية.

د العجلة كان متفقا مع وجهة النظر السياسية بشأن شبكة الأمان العربية، مضيفاً أن ما تم ايصاله لفلسطين هي مجرد مساعدات روتينية من السعودية والجزائر، واعتبر أن خيار التوجه للأشقاء العرب كان سيوفر للسلطة مبلغ تستطيع من خلاله الصمود لمدى أطول لكن من الصعب توفير هذا القرار.  وذهب العجلة للقول أن عدم تنفيذ قرارات القمم العربية سيما شبكة الأمان، متعمد بتأثير من الادارة الامريكية.  داعياً في السياق الحكومة للاعتماد على الايرادات المحلية من جهة، وانتهاج خيار قوي (لم يُسمّه) لتأجيج المواجهة الدبلوماسية السياسية مع اسرائيل.

وكان الاعتقاد جازما لدى أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت أننا لم نستطع تدويل المعركة حتى الان فاسرائيل تريد عبر ما افتعلته أن تضرب منظومة التضامن الاجتماعي، مؤكدا أن المطلوب تدويل القضية، وترتيب الأمور الداخلية عبر المصالحة لنكون مقنعين للمجتمع الدولي.

الأزمة مستمرة

توقعات باستمرار الأزمة المالية، أكد د العجلة أن الأزمة سياسية بامتياز، مستبعداً أي حراك من قبل الجانب الاسرائيلي خصوصا من قبل نتنياهو سيما مع اقتراب الانتخابات الاسرائيلية أي حتى تشكيل حكومة لنهاية العام الجاري، ومن ثم الانتقال لمرحلة جديدة وهذا يتطلب من السلطة مواجهة حاسمة، وتوقّع احتمالية أن يكون هناك حل بعد تشكيل حكومة اليمين.

الشوا كذلك قال إن هذه الأزمة ستمتد معربا عن أمله أن يكون هناك شيئا جديدا مع نهاية هذا العام. فيما أشار العالول إلى أننا لا نستطيع أن نتسرع بالحكم على هذا الأمر، إلى ما بعد الانتخابات الاسرائيلية، لأن نتنياهو يستثمر ما يجري للضغط على شعبنا كورقة انتخابية ويتنافس اليمين في اسرائيل على مواقف أكثر تشددا، ربما بعد الانتخابات ينتهي هذا الأمر، لا يمكن على الاطلاق حتى لو استمرت الأزمة التنازل عن الموقف السياسي وسنتعايش معها إن استمرت.  مضيفا فيما يتعلق بمبادرة رجال الأعمال التي تقضي بإقراض الحكومة " سنحاول، وإن اضطررنا سنعيد طرح هذا الموضوع معهم".

 

كلمات مفتاحية::