القرار الاسرائيلي بإغلاق حسابات الأسرى سيؤثر على مضمون العلاقة مع البنوك في المجتمع الفلسطيني
وصال أبو عليا - بوابة اقتصاد فلسطين
: في خطوة جديدة ضمن اجراءات القرصنة الاسرائيلية بحق شعبنا، يطل علينا قرار عسكري وتهديد للبنوك بإغلاق حسابات الأسرى، بدعوى ان مخصصاتهم دعم للأرهاب، الأمر الذي رفضته القيادة الفلسطينية، وتداعت لتشكيل لجنة للبحث في الحلول المتاحة وفقا للإمكانيات.
الهدف من القرار العسكري
اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير د واصل أبو يوسف في تصريحات لبوابة اقتصاد فلسطين هذا القرار عبارة عن مسلسل متواصل من أجل الضغط على القيادة الفلسطينية وشعبنا خاصة ما يتعلق بعائلات الشهداء والأسرى، والضغط من أجل عدم توريد مخصصاتهم وهو ليس بالقرار الجديد، والقيادة أكدت مراراً أنه لا يمكن المساس بحقوق هذه الفئة العزيزة علينا والتي قدمت الكثير للقضية ولو بقي قرش واحد سيدفع لهم.
وقال أبو يوسف إن الاحتلال بخصمه جزء من عائدات المقاصة يعمل على هدم كل الاتفاقيات في محاولة لتصدر حكومة الاحتلال جرائمها بحق شعبنا، من خلال الأمر العسكري الذي أصدره الحاكم العسكري الاسرائيلي للبنوك وهو مرفوض تماماً؛ لأن البنوك جزء من مكونات شعبنا وهناك اجماع على رفض كل ما له علاقة بالموضوع.
التوقيت
شدد أبو يوسف على أن القرار العسكري يأتي في اطار صفقة القرن، واستغلال للانشغال العالمي بجائحة كورونا، مؤكدا في السياق ذاته على أنه لا يمكن القبول بأي تنازل في هذه الحقوق وسنبقى مصرين على أن حقوق الأسرى وذوي الشهداء أولوية، ولن نسمح أن يتم المساس بها.
هذا التوقيت لم يأت وليد الصدفة وإنما امتداد لتشريعات عنصرية شرعها الكنيست الاسرائيلي منتصف 2017 عندما أقرّ قانون بخصم جزء من عائدات الضرائب ما يعادل ما تدفعه السلطة من رواتب للأسرى وذوي الشهداء والجرحى، هذا ما قاله المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين حسن عبد ربه لبوابة اقتصاد فلسطين.
وأضاف عبد ربه أنه في مطلع هذا العام قامت شرطة ومخابرات الاحتلال بالحجز على أموال حوالي 50 أسيرا من الداخل والقدس منهم أسرى محررون، وهو ما تم بشهر كانون ثاني مطلع هذا العام. أما القرار الجديد فكان في 9 شباط الماضي حيث وقع قائد جيش الاحتلال في الضفة على تعديل الأمر العسكري 1827 الذي اعتبر فيه أن رواتب الأسرى والمحررين أموال محظورة وموجهة للارهابيين وهي دعم للارهاب، الأمرالذي ينسجم مع قانون القومية العنصري الذي اعتبر أن حق تقرير المصير فقط للشعب اليهودي ومن هذا المنطلق يتعاملون مع الفلسطينيين والأسرى أنه ليس لهم حقوق.
مضمون القرار
القرار العسكري لقائد جيش الاحتلال تضمن تهديداً واضحاً للبنوك والقائمين عليها والعاملين بها بالملاحقة القانونية والتهديد بالسجن يصل لسبع سنوات وفرض غرامات مالية، وطالبهم بشكل واضح تجميد حسابات الأسرى ومن يوكلوهم ودخل حيز التنفيذ بعد 90 يوماً أي في 9 أيار الجاري حسب عبد ربه.
عدم قانونية القرار العسكري
عاد عبد ربه بالزمن إلى الوراء وقال إن العالم والأمم المتحدة منذ 1974 اعترفوا بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد لشعبنا وهذا يراكم عليها المركز القانوني والمكانة القانونية للأسرى التي لا تندرج ولأي بأي حال ولا تحتكم للقرار العسكري الاسرائيلي الذي يتناقض مع الاتفاق الموقع في القاهرة 1994، وكذلك يتناقض مع الاعتراف المتبادل بين الجانبين في أيلول 1993 وهناك عمل لهيئة شؤون الأسرى والمحررين التي تستند لتشريعات قانونية لعملها منذ أن كانت وزارة في البداية.
واوضح عبد ربه أن كل ذلك يعني أن الغطاء الرسمي القانوني الفلسطيني يشرع تقديم هذه الرواتب كجزء من النظام الفلسطيني، كما أن المادة 22 من القانون الأساسي الفلسطيني المتلعقة برعاية الأسرى والجرحى وذوي الشهداء نصت على ذلك.
الحلول
أكد عبد ربه على أن الأصل في الحل يستند إلى نقطتين هامتين، الأولى: توفير الحاضنة والحماية للأسرى والمحررين منهم كركيزة أساسية بتوفير الحقوق المالية والقانونية، رغم أن الأصل ألا يتم الرضوخ للأمر العسكري لخطورة هذا الأمر. الثانية: الحرص على أن تستمر البنوك والنظام المالي الفلسطيني بدورهما، استنادا للتشريعات القانونية وفق تعليمات سلطة النقد والمستوى السياسي في التعامل مع البنوك، هذا الموضوع تتم دراسته من قبل اللجنة المشكلة برئاسة سلطة النقد وعضوية هيئة الأسرى ووزارة المالية اضافة لجمعية البنوك، ويجري البحث في كيفية الحل.
ولفت عبد ربه أن هناك اجتماعات مرتقبة تناقش كيفية الحفاظ على حقوق الأسرى ومكانتهم القانونية والمالية والحفاظ على البنوك وحقوقها.
الخبير الاقتصادي د هيثم دراغمة في حديث لبوابة اقتصاد فلسطين اعتبر أن المشكلة ليست مع النظام المصرفي وإنما مع الاحتلال، لأن هناك بعض القضايا التي كانت تنظم العلاقة بين النظام المصرفي وجهات دولية فأصبح لزاماً تعديل بعض الاتفاقات إن كانت بنودها تنص على ما يتعلق بمخصصات الأسرى وذوي الشهداء.
وشدد على أن هذا الشأن يجب أن يكون بالاتفاقات أي أن النظام المصرفي يجب أن محكوما بالنظام الفلسطيني.
وأكد دراغمة أن الحل يتم عبر ضغوطات واتفاقات جديدة من خلال البنك الدولي، والأهم حل الآلية فيما يتعلق بحسابات الأسرى وذوي الشهداء، فالقضية بحاجة لماكنة اعلامية قادرة على ايصال ما نريد.
التداعيات والانعكاسات
حذر عبر ربه من اقدام قوات الاحتلال على اقتحام البنوك وملاحقة القائمين عليها، مشددا على أهمية بلورة صنع ما يحفظ كرامة الأسرى.
من ناحيته دراغمة قال إن الحاكم العسكري في دولة الاحتلال عندما خاطب المصارف أعادنا للمربع الأول واعادة العلاقة لمكونات شعبنا، من خلال ما يرتئيه وأصدر كتاب لإيقاف رواتب الأسرى وهذا يدخل البنوك في ازمة، لافتا إلى أن هذا الاجراء سينتهي لكنه سيؤثر على مضمون العلاقة مع البنوك في المجتمع الفلسطيني.
واستطرد دراغمة بالقول إن السلطة فوجئت لعلاقة الحاكم العسكري والآلية التي اتخذها مع النظام المصرفي، كما أن البعض تفاجأ وهذا يقودنا إلى أن هناك اتفاقات بين النظام المصرفي ودولة الاحتلال بمظلة البنك الدولي تخللها ألا يكون هناك حسابات للأسرى وذوي الشهداء من ناحية، والأهم أن النظام المصرفي الوافد جاء على استحياء للعمل في دولة فلسطين من ناحية أخرى، ويعلم وجود مخاطرة، وهذا يذكرنا بما حدث قبل سنوات عندما اقتحم الاحتلال البنوك، ما يدفعنا للقول أن هذه البنوك لا تأخذ بالقوانين الفلسطينية ولا يحتكم لها.
وأوضح دراغمة أن النظام المصرفي الفلسطيني يعمل وفق قانون البنك الدولي وهو محكوم بنظام مصرفي عالمي، وولادة النظام المصرفي الفلسطيني جاءت بعد توقيع اتفاق أوسلو وبالتالي ما زلنا محكومين باتفاقات بروتوكول باريس الاقتصادي.
وأشار إلى أن النظام المصرفي الفلسطيني وعندما انبثق جاء مطابقا لقرارات البنك الدولي، الذي يؤتمر من أمريكا وللاحتلال تأثير عليه.
وحذر دراغمة من خطورة تبعات قيام النظام المصرفي بتسليف السلطة في أزماتها، متسائلا كيف للدائن أن يأخذ تعليمات من المدين؟ الا إذا كان له مصلحة. مشيرا إلى أن المديونية عالية للنظام المصرفي على السلطة، ما يجعل قرارات سلطة النقد على البنوك هشة. مستطردا أن النظام المصرفي جاء للاستثمار.