مخاوف من موجة جديدة لـ "كورونا" تجبر المستوردين على رفع الأسعار
وصال أبو عليا_ بوابة اقتصاد فلسطين.
مع اجتياح فيروس "كورونا" للعالم، ظهرت معطيات جديدة ألقت بظلالها على مناحي الحياة المختلفة، بما فيها الصحية والاقتصادية على حد سواء، ومازالت هذه التأثيرات قائمة بفعل استمرارية انتشار الوباء، فضلاً عن مخاوف من موجة أخرى لانتشاره.
هذا الواقع، انعكس بشكل كبير على الحركة الاقتصادية في فلسطين، القائمة بأساسها على الاستيراد، فبعض المستوردين توقف عملهم بشكل كامل، نظراً للتغير في طبيعة الاستهلاك خلال حالة الطوارئ، والتي تركزت بشكل كبير على المواد الغذائية والمستحضرات الطبية.
خسائر في قطاع الاستيراد
وحول تأثر قطاع الاستيراد خلال جائحة "كورونا"، يرى رئيس غرفة تجارة وصناعة رام الله والبيرة عبد الغني العطاري أنه يندرج تحت قسمين، الأول الاستيراد الذي توقف بشكل كامل، كاستيراد الألبسة والإلكترونيات والمعدات والمركبات وغيرها، والآخر ارتفع فيه حجم الاستيراد، كقطاع الأدوية والمواد التموينية.
ولفت العطاري في حديثه لـ "بوابة اقتصاد فلسطين"، إلى أن الاستيراد بشكل عام تقلص لأكثر من 60% خلال الفترة الواقعة ما بين شهر آذار/ مارس وحتى أواخر شهر أيار/ مايو، مضيفا أنه يجري العمل الآن من قبل غرفة تجارة رام الله والبيرة وبعض الشركاء المحليين والإحصاء المركزي لعمل تقرير مفصل عن كل ما يتعلق بهذا الأمر.
وأضاف: " هناك مخاوف من موجة جديدة للوباء، وبات معظم المستوردين يلجؤون للاستيراد من دولة الاحتلال "إسرائيل"، نظرا لسهولة الإجراءات".
بدوره أوضح الخبير الاقتصادي هيثم دراغمة أن القطاع الخاص تأثر جراء حجز البضائع في الموانئ، ووصلت خسائره من 800 مليون دولار إلى مليار دولار في كل القطاعات.
وتابع: " المستوردون هم الأكثر تضررا، حيث أصبح هناك عجز في هذا القطاع تحديدا؛ جراء إغلاق المنافذ المتمثلة بالمعابر والموانئ والعلاقة مع الاحتلال، أضف لها احتجاز بضائع بعشرات ملايين الشواقل في الموانئ الإسرائيلية.
ويعد احتجاز البضائع الفلسطينية في الموانئ الإسرائيلية قضية قائمة منذ سنوات طويلة، وليست وليدة "كورونا"، فتأخير استلام البضائع والمنغصات الأخرى التي قد تؤدي إلى تلف البضائع أحيانا وما يرافقها من خسائر كبيرة، فضلاُ عن ذلك يتكبد التجار والمستوردون خسائر إضافية تفرضها عليهم سلطات الاحتلال من خلال فرض غرامات مالية عليهم مقابل الأماكن التي يتم احتجاز بضائعهم بها.
واستطرد دراغمة بالقول إن قلة حجم الصناعة والإنتاج الفلسطيني أدى لارتفاع الأسعار، فذلك لم يؤثر فقط على المستورد وإنما على كل القطاعات. وأشار أن هناك شحاً ونقصاً في المنتجات، الأمر الذي من شأنه أن يدفع المستورد لرفع الأسعار، وهو ما يجعل المستهلك الفلسطيني المتضرر الأكبر.
كما أشار إلى أن ثمة خلل كبير في فاتورة المشتريات، لأن 90% منها شهريا تأتي كاستيراد، و10% المتبقية تندرج تحت خانة التصدير، وهو ما يعني خللا بالميزان التجاري سنويا.
وتجدر الإشارة إلى أن قيمة ما يستورده الفلسطينيون سنوياً تبلغ 2_ 2.5 مليار دولار، وتستحوذ كلاً من الصين وتركيا على أكثر من نصف حجم الاستيراد الفلسطيني.
الانعكاس على الاقتصاد الفلسطيني
تأثر الاقتصاد الفلسطيني بشكل كبير خلال فترة الجائحة، جراء انخفاض حجم الاستيراد الذي يشكل دخلاً أساسيا لخزينة السلطة الفلسطينية، عبر عائدات الضرائب الفلسطينية المعروفة بـ "المقاصة"، بالإضافة لتباطؤ عجلة الشراء التي أثرت على العملية الاقتصادية وضخ السيولة في السوق الفلسطيني.
وأشار العطاري إلى وجود مخاوف كبيرة في أوساط المواطنين والمستوردين، حيث ارتفعت تكاليف الاستيراد من 15% إلى 20%، باستثناء بعض القطاعات والشركات الكبيرة.
أما دراغمة، فقد ذهب بتحليله إلى انعكاس ذلك على الموازنة العامة والتي سجلت عجزاً قُدّر ب 2 مليار دولار كخسائر غير مباشرة. موضحا في الإطار ذاته أن أزمة الرواتب التي سبقت الجائحة، خلقت أزمة كبيرة بسبب عدم وجود سيولة في السوق، وهو ما أدى لركود في الاقتصاد، ومن ثم أزمة كورونا وارتداداتها التي كانت سلبية ومباشرة.
وأعرب دراغمة عن خشيته من انهيار منظومة الاقتصاد الفلسطيني، في حال تجدد الوباء واستمرار أزمة المقاصة.
بالإضافة لما سبق، فإن المستهلك يترقب بحالة من القلق الانتشار المستمر والمتزايد للوباء، في ظل نقص المواد الغذائية، والذي يقابله ارتفاع مستمر في الأسعار، وهو ما يمثل هاجساً يهدد الأمن المعيشي؛ فارتفاع أسعار السلع الأساسية على وجه الخصوص، أدى إلى ترجمة شعور الخوف لسلوك فعلي تمثل بزيادة الطلب ومعدلات الشراء للسلع الأساسية، وهو ما قد يعتبر توجهاً لتغيير نمط وثقافة الاستهلاك السائدة، وبالتالي انعكاسه على نمط الاستيراد بشكل عام.