الرئيسية » الاخبار الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
23 حزيران 2020

خبراء: "الضم" تفصيل إسرائيلي غير قانوني... ويهدد بقاء السلطة

حسناء الرنتيسي_ بوابة اقتصاد فلسطين. 

ما زال الخلاف قائما في الأوساط الإسرائيلية حول قرار ضم أجزاء من الضفة الغربية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، فالحكومة الإسرائيلية على بعد أيام قليلة فقط من بداية تموز المقبل، وهو موعد تنفيذ الجريمة على أرض الواقع.

ويدور الخلاف حول اتهام الإدارة الأمريكية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأنه يريد أن ينفذ ما يريد من الخطة ويتجاهل باقي البنود، والتي تزعم الإدارة الأمريكية بأنها خطة لإحلال السلام وإنهاء الصراع القائم. لكن نتنياهو أبدى بعض "المرونة" في التعاطي مع الخلاف رغم رفضه التنازل عن القرار، فلجأ لسيناريو الضم التدريجي.

بغض النظر عن السيناريوهات المطروحة حول كيفية الضم وتاريخ البدء بتطبيقه، سيضع هذا المشروع اللامشروع السلطة الفلسطينية أمام مأزق لا تحسد عليه، ففي ظل الأزمات "بالجملة" التي تعيشها السلطة في ظل تفشي وباء كورونا، فضلاً عن عدم تمكنها من دفع فاتورة رواتب موظفيها، فإنها وإن كانت في السابق صاحبة قرار، فإنها ستكون اليوم مجبرة على "حل السلطة" إذا ما تم تنفيذ الضم بأي طريقة كانت، حسب ما قاله رجا الخالدي مدير عام معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس).

القرار غير قانوني

يرى دكتور القانون الدولي في جامعة النجاح الوطنية باسل منصور أن مشروع الضم الاسرائيلي لا يوجد له أي صفة قانونية، ويعلل ذلك بأن الاراضي الفلسطينية تعتبر أراض محتلة، وأضاف: "نحن لا نتحدث عن التاريخ فقط، بل عن قرارات دولية، ففتوى لاهاي بخصوص جدار الفصل العنصري استخدمت مصطلح "أراضِِ محتلة" في تعريفها لفلسطين، وكذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر أقرت- في أكثر من مناسبة- بذلك، وهذا الاحتلال يعتبر وضعه مؤقتا وغير شرعي، وبالتالي لا تكتسب إسرائيل الحق في فرض سيادتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة".

وأكد منصور أن القانون الدولي يعتبر أن جرائم الاحتلال وجرائم الحرب جريمتان لا يكون عليهن تقادم ولا يكتسب الحق فيهن، حيث تبقى غير قانونية، كما أن السكوت عليها سيكون له عواقب على مستوى النظام العالمي.

من جهته، أوضح مدير عام مؤسسة "الحق" لحقوق الإنسان د. شعوان جبارين أن العالم متخوف من تأسيس سابقة في موضوع الضم، وهو أن يأكل القوي الضعيف.

وقال جبارين إن المد الإسرائيلي القانوني على الأرض فصلته إسرائيل تحت ما يسمى الحاضر الغائب، بمعنى أن من يمالك الأرضي في بعض مناطق الأغوار مثلاً، هم عائلات في محافظات أخرى ليست موجودة فيها، وبالتالي تصادر هذه الأراضي وتضع الدولة يدها عليها مباشرة، وهي إحدى النقاط السياسية لمشروع الضم، اي تتضاعف عملية المصادرة، فتنتزع ملكية هذه الأراضي رغم وجود طابو وأوراق ملكية فيها تحت قانون الحاضر الغائب.

مصير الانسان في الأراضي المسلوبة "بالضم"

مع التشبث بسرية المشروع الصهيوني (الضم) فإن مصدر المعلومات الوحيد الذي يمتلكه الفلسطينيون هو الإشاعات، وهو ما يجعل الجميع أم تساؤلات كثيرة حول مصير سكان الأراضي المهددة بالضم، ولعل أهمها هو: كيف سيكون حال ومصير السكان في هذه المناطق؟ وهل سيتم منحهم الجنسية الإسرائيلية بعد ضم أراضيهم؟ أم أننا أمام نكبة جديدة؟

يجيب د. منصور أن إسرائيل لا تريد ضم الإنسان الفلسطيني، لكنها تريد ضم الأرض فقط، ويؤيده في ذلك د. جبارين، حيث تنوي الإبقاء على السكان في مناطقهم فترة آنية مؤقتة، كما أنها تحاول التخلص من جزء كبير من فلسطينيي الداخل، فهي لا تريد تغييراً ديموغرافياَ يقوض هويتها المزعومة، بل تريد جعل السكان مستأجرين لا ملاك، وأن تقوم بالاستيلاء على مواردهم الطبيعية وتصادر أراضيهم وتضيق عليهم اقتصاديا.

بالإضافة لذلك، سيمنع الفلسطينيون- ما عدا سكان المنطقة- من الوصول إلى المناطق المصادرة دون تصاريح، ولن يحصل الفلسطينيون في تلك المناطق على هويات أو وثائق شخصية إسرائيلية، كما أن إسرائيل ستتنصل من موضوع الخدمات، وبهذه الحالة سيكون عليهم التوجه لمناطق الخدمات الخاضعة للسلطة الفلسطينية.

فيما يخص البناء، ستبقى المباني المرخصة موجودة، لكن سيمنع البناء في هذه المناطق، وهو ما سيضطر الكثير من الفلسطينيين للخروج من بلداتهم مستقبلا، فضلاً عن التضييق على السكان وتقليص فرص العمل، ورفع رسوم عملية اللجوء الى القضاء بخصوص المباني (غير المرخصة)، حيث تأتي ضمن خطة تهجير السكان، كما تفعل في أراضي القدس في بعض المناطق غير المرخصة من خلال إزالة هذه المباني.

ويرى د. منصورأن الأبعاد المتوقعة كثيرة وستكون مؤلمة لسكان هذه المناطق ولعموم فلسطين.

ما الذي يمكن عمله فلسطينيا..

يرى الخبراء الفلسطينيون أن وجهة الفلسطينيين يجب أن تكون صوب المجتمع الدولي، وعدم الاكتفاء بالتوجه للقضاء الدولي، بل الحاجة للاتجاه نحو الرأي العام الدولي. كما أن هناك ضرورة ملحة لتفعيل شبكة الأمان العربية، والأهم من ذلك كله هو حل المشاكل الداخلية وإنهاء الانقسام الذي يضعف ويضر بالموقف الفلسطيني.

ويتوقع مدير عام معهد ماس رجا الخالدي أن السلطة الفلسطينية قد تعلن حل نفسها بمجرد الضم، فالسلطة لن تستطيع أن تفي بأي التزامات لها تجاه الموظفين وتقديم الخدمات للمواطنين إذا لم يحدث تدخل عربي ودولي كبير على الصعيد المالي، كما يجب توفير استدامة مالية لعمل السلطة، وتابع: "هذا لم يعد ممكنا في ظل الهجمة الاستيطانية والاستعمارية والسياسية وحتى الوجودية على مبدأ فكرة الدولة الفلسطينية".

وشدد الخالدي على أن "الضم" واستمرار بقاء السلطة أمران متناقضان، حيث لا يمكن المواءمة بين مواصلة النضال من أجل التحرر وإقامة دولة ذات سيادة ضمن الأراضي المحتلة عام 1967، ومن جهة أخرى وجود سلطة قائمة على أساس اتفاقات لم تعد مطبقة، "صحيح أن هناك توافق دولي على حل الدولتين، لكنه لا يؤمن حلا لنا".

ودعا الخالدي للقيام بمبادرات إبداعية تفرض استحقاقا لبقاء القضية الفلسطينية، مشيرا لأهمية الرأي العام الدولي والعالمي وموقفهم الرافض لإملاءات الاحتلال.

 

مواضيع ذات صلة