أثر حملات عروض الشركات الكبيرة على الصغيرة
بوابة اقتصاد فلسطين
اوصى باحثون واقتصاديون ومهتمون بحماية المستهلك، اقرار قانون للمنافسة ومنع الاحتكار في فلسطين الذي تم إعداد مشروعه في العام 2003، لا سيما أن من شأنه أن يزيد من الشفافية والمصداقية، ويعزز من قدرة الاقتصاد على جذب الاستثمارات الأجنبية.
جاء ذلك خلال جلسة "طاولة مستديرة" التي عقدها معهد أبحاث السياسات الاقتصادية "ماس"، أمس الاربعاء، حول "تخفيضات الأسعار: معضلة المؤسسات التجارية الصغيرة في مواجهة عروض أسعار المؤسسات الكبيرة"، بمشاركة الباحث المشارك في المعهد د. رابح مرار، مدير عام الادارة العامة لحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني إبراهيم القاضي، رئيس قسم الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية د. بكر اشتية، ورئيس جمعية حماية المستهلك في محافظة رام الله والبيرة صلاح هنية، والباحث مسيف جميل الذي عرض نتائج الدراسة التي اعدها الباحث ابراهيم ابو هنطش، بحضور عدد من الاقتصاديين والاكاديميين والمهتمين، ومن خلال تقنية "زووم".
ودعا المشاركون الى ابتكار وسائل لحماية المشاريع الصغيرة والمتوسطة التجارية العاملة، من الآثار السلبية التي تترتب عليها حملات التخفيضات التي تنفذها المنشآت الكبيرة. مشددين على اهمية دور الحكومة في خلق حالة من التوازن ما بين حق المستهلك في الحصول على سلع بأسعار مخفضة، وفي ذات الوقت التخفيف أو الحد من آثار ذلك على المنشآت الصغيرة، دون أن يخل هذا بمبادئ وقواعد المنافسة والسوق الحر.
وطالب المشاركون، الحكومة بالتنسيق مع الجهاز المركزي للإحصاء واتحاد الغرف التجارية وجمعية حماية المستهلك لوضع أرضية سعرية لقائمة السلع التي تتعامل بها هذه المنشآت. كما طالبوا أصحاب المنشآت بالاستثمار في بحوث التسويق، التي يمكن أن تساعد في معرفة ما يريده المستهلكون.
حيث يلاحظ الباحث جميل، خلال عرضه نتائج ورقة "المعهد" وجود زيادة في حملات تخفيضات الأسعار وعروض متنوعة للعديد من أصناف السلع تقوم بها المؤسسات الكبيرة، تتركز في محلات بيع المواد الغذائية والتموينية، والتي تلقى اهتمام النسبة الأكبر من المستهلكين أو المواطنين، حيث أنها تشكل النسبة الأكبر من السلة الغذائية لغالبية الأسر، في نفس الوقت، تؤثر هذه التخفيضات في الأسعار بشكل كبير على المنشآت الصغيرة جداً والصغيرة.
ويؤكد جميل، ان القوانين السارية لم تتناول تنظيم المنافسة في القطاع التجاري، إذ إن القوانين الحالية في هذا المجال ركزت على تنظيم المنافسة في قطاع الخدمات الأخرى وخصوصا في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية، والكهرباء، والتأمين.
ويرى الباحث انه من الضروري أن يتضمن مشروع القانون مشروع بشأن المنافسة ومنع الاحتكار، تأسيس "هيئة منافسة فاعلة وفقا للمعايير الدولية والتجارب والدراسات في هذا المجال.
واستعرض الباحث العديد من المشكلات التي تواجهها المنشآت الصغيرة جداً والصغيرة والمتعلقة بالتسويق، أبرزها: غياب رؤية تسويقية واضحة عند أصحابها، ونقص الوعي بأهمية تطوير الوسائل التسويقية كونها جزء أساسي من سلسلة الإنتاج، عدم وجود سياسة على المستوى الكلي تهدف إلى تنمية وتطوير الجوانب التسويقية للمنشآت ككل، فأي سياسة تهدف إلى تطوير الجوانب التسويقية لهذا القطاع يجب أن تستهدف المنظمات الصغيرة بشكل أساسي.
بدوره دعا القاضي إلى منع بيع السلع بأقل من سعر التكلفة، لتجنب الاحتكار ولمنع افلاس صغار المنتجين وخروجهم من الأسواق، وتفعيل دور اتحاد الغرف التجارية لتنظيم العلاقة بين التجار، مع ضرورة العمل على اقرار نظام رسمي خاص بالرقابة على التخفيضات، وإلى ضرورة الانتباه إلى وجود بعض الانتهاكات في بعض حملات العروض
وقال:"طالما أسعار البيع على العروض لا تقل عن سعر التكلفة، لا نستطيع منع هذه الحملات، خاصة وأنه لا يوجد قرار بقانون يمنعها أو يضع حددا لها".
بينما اشار هنية، أنه في حال تم تطبيق قانون حماية المستهلك رقم 20 لسنة 2005 بالشكل الصحيح، فإنه بالإمكان ضمان عدم خداع المستهلك بالأوزان والأسعار، مؤكدا ان جوهر المشكلة تكمن في غياب القانون والتعليمات الناظمة للتنزيلات والتخفيضات، وفي حال وجودها فانها تطرح بدون رقابة وعدالته.
بدوره أكد د. اشتية غياب آلية لتنظيم السوق الحر، على الرغم من وجودها في دول العالم الأخرى، التي تقوم بالرقابة على الأسواق لمنع الاحتكار. لذا فانه طالب صانع القرار تحفيز التوسع الداخلي للمنشآت وتعزيز آليات الرقابة، وفرض سياسات تنظيمية لمنع الاحتكار، بدل اللجوء إلى سياسات ضبط الأسعار مثل الأرضية والسقف السعري.
أما د.مرار، فاكد على أهمية الموضوع وأن هذه الورقة تأتي في إطار اهتمام المعهد بمتابعة القضايا الاقتصادية والاجتماعية المستجدة التي تهم المواطن وصاحب القرار. حيث يعقد المعهد جلسات الطاولة المستديرة الدورية لمناقشة هذه المواضيع باعتبارها أحد الأدوات لاقتراح توصيات سياساتية تفيد في عملية صنع القرار بما ينعكس إيجابا على الاقتصاد والمواطن.