الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
03 تشرين الأول 2023

مكب عطارة.. اشعال متعمد للنفايات للاتجار بها

بوابة اقتصاد فلسطين

يشكل مكب عطارة للنفايات مصدر قلق وإزعاج لمواطني القرية، حيث تتراكم النفايات بطريقة غير آمنة على مدخل القرية متعدية على جمالية المكان، ونقاء هوائه.

المكب مشبع حد التخمة بالنفايات التي تتصاعد لتشكل جبلا من السموم القمامة والمخلفات المشتعلة على مدار الساعة، والتي تجذب الكلاب الضالة والأمراض من خلال الغاز المتصاعد الذي يحرم السكان من فتح نوافذهم.

تقرير لمجلة افاق البيئة أعدته حسناء الرنتيسي يشير الى قضية المكب وحرق النفايات بهدف استخراج بعض المعادن وما يعكسه ذلك من تدمير للجانب الصحي والبيئي، كما يسلط الضوء على الاجراءات الهادفة لتحسين وضع المكب او نقله لمكان آخر مرخص وآمن.

يقول المواطن طلعت فهيم الذي يسكن على بعد أمتار من المكب: "الأمر لا يتوقف عند أذى الرائحة والبعوض؛ إذ يستمر الدخان المتصاعد من النيران المشتعلة على مدار 24 ساعة، فلا تنطفئ أبدًا، بلا مبالغة إنها تشتعل منذ نحو سبعة أشهر دون توقف، وحين تهب الرياح من الشرق نشعر بالاختناق".

ويؤكد أنه رأى بأم عينه قيام بعض الناس بسكب السولار وإشعال النار في المكب، يقول: "هناك حارس للمكب يخيّم في المنطقة، ولديه قطيع أغنام، ويتواجد دائمًا، ومع ذلك تُشعل النيران في المكب بهدف جمع الحديد والنحاس والاتجار به".

ويقولها صراحةً: "تسعى بلدية بيرزيت إلى تقليل تراكم النفايات بإشعال النيران، ومن جهة أخرى هناك من هو معنيّ بالاتجار بالنفايات".

ويبدي إحباطه من قدوم "رئيس بلدية عطارة" كل فترة إلى المكان عندما يطلبه سكان المنطقة، دون أن يتخذ أي إجراء يُذكر على أرض الواقع.

ويستمر فهيم في بث شكواه، معربًا عن استيائه مما يحدث، مواصلًا حديثه: "يد واحدة لا تصفّق، قبل عامين أغلقنا الشارع ونظمنا وقفة احتجاجًا على المكب، هناك من اتهمنا بأننا نعمل ضد الصالح العام، خاصة أن 22 قرية تستفيد منه، مثل روابي وبيرزيت، علمًا أن روابي وحدها تلقي في المكب كمية نفايات تتفاوت من 6 إلى 7 شاحنات يوميًا".

عطاء يعتبر حلا لكنه برفع التكلفة على المواطن

من جهته يقول نصر العطاري، رئيس بلدية عطارة، إن النيران تشتعل بسبب الغازات المتكونة جراء الطمر لسنوات، وجزء منها "بفعل فاعل"، وبالتالي بلدية بيرزيت- التي يتبع لها المكب إداريًا- هي المسؤولة عن الكشف عن المتسبب وكذلك الإشراف على أداء الحارس، بينما يقتصر دور بلدية عطارة على مهمة التفتيش والإشراف.

ويكرر العطاري المعلومة "إدارة المكب تتبع لبلدية بيرزيت، وهي لا ترش أي مبيدات"، مضيفًا: "اجتمعنا قبل فترة قصيرة بحضور الارتباط الفلسطيني، والبلديات، والحكم المحلي، ومجلس الخدمات المشترك، وتوصلنا إلى قرار مفاده تخفيض ارتفاع المكب وفرمه، ونقله الى مكان آخر، وكذلك بناء محطة ترحيل".

وبخصوص النقطة الأخيرة "محطة الترحيل"، فقد أفاد أن بناءها يحتاج إلى وقت يتفاوت من 3 إلى 6 شهور، مع مراعاة أن تقام المحطة في مناطق "ب"، وليس "ج" التي يمنع الاحتلال فيها إجراءً كهذا.

وأكد ترسية عطاء المحطة مؤقتًا قرب "زهرة الفنجان"، فيما سترتفع التكلفة على المواطن، "وفي المقابل ستخدم مصلحة الجميع وترفع الضرر عنهم" يقول.

وفي السياق نفسه يقرّ رئيس بلدية العطارة أن المكب صار "مكرهة صحية"، فهو يؤثر في مياه القرية الجوفية، ويشوّه جمالها، لا سيما أنه يقع في مدخلها، علاوة على انبعاث الدخان والروائح الكريهة التي سرعان ما تنتشر في أجوائها، وبخاصة عندما تهب الرياح الشرقية.

محاولات لوضع حلول مؤقتة ودائمة

حملة تستهدف قضية المكب، أطلقتها أخيرًا، شبكة المنظمات البيئية وسلطة جودة البيئة والحكم المحلي، بالتعاون مع المواطنين، لتخليصهم من المكرهة الصحية التي ترزح على أراضي قريتهم وتحجب عنهم الهواء النقي.

بدورها، تعقّب عبير البطمة منسقة شبكة المنظمات الأهلية البيئية الفلسطينية، على مشكلة الاشتعال الدائم في المكب: "هناك من يقول إن المكب يُحرق للتخلص من كميات النفايات الكبيرة، كونه لا يوجد مجال للطمر، وأسباب تتعلق لكونه قديمًا وتتكون فيه الغازات، وكلام من قبيل أن قطعة زجاج على سبيل المثال قد تكون عرضة للحرارة فتتسبب في اندلاع الحريق، المهم فيما سبق، أنها مشكلة يجب أن نعطيها أولوية بالغة لإيجاد حل، لما يترتب عليها من أضرار على البيئة في المنطقة وعلى السكان".

ومن جهة أخرى، تخبرنا أن العمل جارٍ حاليًا على "برنامج العدالة البيئية والمناخية"، الذي تنفذه شبكة المنظمات البيئية، بالشراكة مع "ائتلاف المؤسسات الأهلية الزراعية" ومنظمة "وي ايفكت".

وتضيف: "ضمن هذا البرنامج أطلقنا نظام استقبال شكاوى بيئية في كل المناطق، عبر خط هاتف مجاني 1800800850، وموقع إلكتروني يوجد فيه نظام استقبال الشكاوى".

عشرات الشكاوى استقبلتها الشبكة في فترات مختلفة، وتحاول المنسقة أن تصف حجم المشكلة التي تعد قديمة في "عطارة": "أصبح المكب جبلًا من النفايات في مدخل القرية، وما يزيد الأمر سوءاً أن المنطقة التي تحت المكب زراعية، وتقع مقابل سهل بلدة جفنا، وهذه الأخيرة أيضًا أراضٍ زراعية. المشكلة ليست في الروائح فحسب، بل تمتد إلى الحرق وإطلاق الدخان الملوث".

تحدّث السكان في الزيارات الميدانية كيف تؤرقهم المشكلة، والتقت شبكة المنظمات الأهلية البلديات، وحاولت إيجاد حلول قصيرة المدى تتمثل في طمر النفايات بالتراب حتى لا تُحرق، وكي لا تواجه البلديات مشكلة التكلفة.

وفي هذا الصدد، تشير منسقة الشبكة إلى أن الحل يكمن في "الالتزام بالطمر" لحين إيجاد بديل آخر، وترى أن السبب في تأخير إغلاق المكب المذكور، هو أن "مكب رمون" ليس جاهزًا بعد.

وبناءً عليه، تواصلت الشبكة مع وزارة الحكم المحلي، حيث اقترحت الأخيرة تحويل المكب إلى "نقطة ترحيل" ضمن مواصفات معينة، يتم بموجبها طمر أو تنظيف المنطقة، ومن ثم تحويله لنقطة ترحيل قانونية، ولكن هذا مكلف، حسبما أفادت البطمة.

وترى أن فكرة الطمر حاليا غير ممكنة، لأن المكب غير قابل لذلك، ويستقبل نفايات أيضًا، وحجمه فاق حد الإشباع، والحل الوحيد، حسب وجهة نظرها، إغلاقه وترحيل نفايات البلديات من بيرزيت وروابي وغيرها إلى منطقة أخرى، موصيةً بضرورة إغلاق جميع المكبات غير القانونية في أقرب وقت، وإيجاد حلول لها، لما لها من عواقب وخيمة على البيئة والسكان.

وبالعودة إلى الحملة، فيتمثل دورها في متابعة الشكاوى، والتنسيق مع سلطة جودة البيئة ومع الوزارات ذات العلاقة، للوصول إلى حلول لمشكلة المكبات العشوائية، وبخاصة مكب عطارة، والكلام للبطمة.

وفي حملة عطارة تحديدًا، تعقد الشبكة اجتماعات مع الحكم المحلي بحثًا عن حلول لو "قصيرة المدى" للتخفيف من حدة المشكلة، "مع أننا نرى أن مكب عطارة بحاجة لتدخل سريع جذري، لأن الوضع لم يعد يحتمل إجراءات التخفيف تلك".

وتنهي حديثها بالقول: "بعض الحلول يكون قصير المدى حتى نخفّف الآثار السلبية، وبعضها الآخر جذري، وذلك يتوقف على طبيعة المشكلة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن حل بعض المشكلات يتطلب تمويلاً كبيرًا، وقد يحكمنا فيها الوضع السياسي، وأحيانًا ضعف الجهاز القضائي والقانوني، مما يقف حائلاً دون إيجاد الحل المناسب".

المكب يعد من الأولويات الملّحة

بالانتقال إلى سليمان أبو مفرح، مدير عام المجالس المشتركة لإدارة النفايات الصلبة، فقد اتفق مع ما ذُكر آنفًا حول أسباب المشكلة، موضحًا أن كميات كبيرة من النفايات تراكمت عبر سنوات طويلة في مكب عطارة، مما ساهم في تشكّل الغازات تحت سطح الأرض، ما يجعله عرضة للحرق المستمر، بمعنى أن النفايات فيه مكشوفة، ومع تشكل الغازات يمكن لأي قطعة زجاج أو معدن أن تتسبب بالاشتعال إذا كانت عرضة لأشعة الشمس المباشرة، كما من الممكن أن تحمل شاحنات النفايات شيئًا مشتعلاً من بقايا احتراق حاوية وما شابه، والأسباب كثيرة.

و"الحل الإستراتيجي"، وفقًا له، يكمن في إغلاق كل المكبات العشوائية واستبدالها بمكبات صحية.

جدير بالذكر أن محافظة رام الله فيها نحو خمسين مكبًا عشوائيًا.

وتبعاً لحديث مفرح، منذ عام 2007 حتى يومنا هذا، لم تتوقف المحاولات من أجل الحصول على مكب صحي مرخص في بلدة رمون، وقد وُوفق عليه بعد محاولات استمرت نحو 17 عامًا.

وأضاف أن إنشاء مكب رمون سيستغرق تنفيذه من عامين إلى ثلاثة أعوام على الأقل، وبالتالي لا بد من علاجٍ مؤقت لمشكلة "مكب عطارة".

مؤكدًا أن هذا المكب يعد من الأولويات الملّحة عند البلديات والحكم المحلي والجهات الحكومية كافة، ذات الاختصاص، والاتصالات مستمرة فيما بينها لمتابعة التطورات وتعجيل الإجراءات.

ولفت إلى أن الملف قيد المتابعة مع وزارة المالية، بتنسيق بين "المجالس المشتركة لإدارة النفايات الصلبة" والمحافظة والبلديات.

وفي هذا الإطار هناك مقترحان، حسبما يفيد مفرح، الأول مشروع إنشاء محطة ترحيل، وهو ما تقدمت به بلدية بيرزيت والبلديات الشريكة؛ للحكومة؛ التي وافقت على تمويل تأهيل المكان، وإزالة معظم النفايات منه وجرشها، وإنشاء محطة ترحيل لها، وهذا الإجراء يستغرق وقتًا للتنفيذ، لكنه مؤقت لحين الانتهاء من إنشاء مكب رمون.

والمقترح الآخر مقدم من بلدية بيرزيت إلى وزارة الحكم المحلي لتمويل تأهيل المكب.

وأشار إلى أن "وزارة المالية وافقت على الفكرة، لكن التمويل لم يُصرف بعد؛ قائلًا: "هناك موافقة رسمية من وزارتي الحكم المحلي والمالية، لتأهيل المكب، وجرش وترحيل النفايات التي توجد بكميات كبيرة، بقيمة مليون شيقل".

وجاء في حديث مفرح لنا: "قبل أيام عُقد اجتماع ضمَّ مجموعة الهيئات المحلية، والمجالس القروية في المنطقة، ومحافظة رام الله والبيرة، التي بدورها تبحث - إضافة إلى وزير الحكم المحلي- مع وزارة المالية، مسألة تأمين التمويل من أجل تأهيل المكان، فضلًا عن وجود مشروع لــ "بناء محطة ترحيل"، وهو قيد التنفيذ".

 

 

 

 

كلمات مفتاحية::