الرئيسية » دولي »
 
26 تموز 2015

الغموض يلف استثمارات إسرائيل في مصر

أثار خبر  تداولته الصحف الإسرائيلية حول عزم إسرائيل إنشاء مصنع في مصر، التكهنات حول تنامي الاستثمارات الإسرائيلية في مصر منذ تولي عبد الفتاح السيسي الحكم في يونيو/ حزيران 2014.

\

القاهرة- بوابة اقتصاد فلسطين| يلف الغموض الحجم الحقيقي للاستثمارات الإسرائيلية في مصر، لأن معظم رجال الأعمال الذين لديهم شراكات مع مستثمرين إسرائيليين يتخوفون من مقاطعة المستهلك المصري لمنتجاتهم في حال اكتشافه لوجود رأس مال إسرائيلي، كما أن بعض الشركات الإسرائيلية تتخذ واجهات غربية لدخول السوق المصري. وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن حجم الاستثمارات المصرية لم يتجاوز 162 مليون دولار حتى العام 2013. 

وقالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، إن إسرائيل تعتزم إقامة مصنع في مصر يستوعب 5000 عامل مصري بهدف دفع سبل التعاون الاقتصادي بين البلدين. وأضافت أن القرار جاء بعد لقاء خاص، عقد قبل أيام، بين نائب وزير تطوير النقب والجليل، أيوب قرا، والقنصل المصري في إسرائيل، مصطفى جميل. كما قالت إن إسرائيل تدرس كذلك الموافقة على طلب مصري بإجراء تعديلات على "اتفاقية الكويز" المبرمة بين البلدين منذ عام 2005 والتي استغلها رجال الأعمال المصريون في إدخال بضائعهم إلى السوق الأميركية.

ولكن رغم الحديث عن وجود استثمارات إسرائيلية في مصر تقدّر بمليار جنيه منذ أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك، شكك جلال الزوربا، الرئيس السابق لاتحاد الصناعات المصري ومهندس "اتفاق الكويز" بقوله: "لا توجد شركات إسرائيلية في مصر أو استثمارات قوية على حد علمي". وأضاف الزوربا لـ"العربي الجديد"، أنه كان هناك فندق بطابا منذ سنوات وكان به مساهم إسرائيلي ولكنه توقف، مشيراً إلى استثمار آخر كان به مساهم إسرائيلي ولكن البنك الأهلي المصري اشترى حصته.

ويؤكد الزوربا أن الكثير من رجال الأعمال المصريين، وهو أحدهم، قد لا يقبلون بشراكة مع مستثمرين إسرائيليين في الوقت الحالي.

لكن الزوربا رغم نفيه، فإن مصادر مصرية تؤكد وجود استثمارات إسرائيلية بمصر، وهو ما أكده لـ"العربي الجديد" مجدي طلبة، وكيل المجلس التصديري للغزل والنسيج باتحاد الصناعات المصري وعضو مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للصناعات النسيجية.

مصانع للملابس

يقول طلبة إن هناك بعض الاستثمارات الإسرائيلية في مصر وهي عبارة عن مصانع للملابس الجاهزة وتوجد بالمنطقة الحرة بالعاصمة المصرية القاهرة، بالإضافة للمنطقة الحرة بمحافظة بورسعيد، شمال مصر، ولكنها تختص بتصدير منتجاتها للخارج فقط، مشيراً إلى أن الفائدة تعود هنا على الاقتصاد المصري بتشغيل عمالة مصرية، بالإضافة إلى أن عائد صادراتها يدخل ضمن حجم الصادرات المصرية للخارج. ولفت طلبة إلى أن إحدى هاتين الشركتين تعد ضمن أقوى عشر شركات ملابس في مصر وقد يصل حجم استثماراتها لأكثر من مليار جنيه.

وفي حديثه مع "العربي الجديد" رأى طلبة أنه لا يجب ربط السياسة بالاقتصاد، قائلاً: "بالطبع أتمنى أن تكون كافة المصانع مصرية، لكن إن كانت هناك استثمارات أجنبية، فمرحب بها بغض النظر عن جنسيتها". وواصل طلبة قائلاً إن الحكومة المصرية على سبيل المثال تمنح المناطق الحرة التي بها الاستثمارات الإسرائيلية حالياً امتيازات لا تمنحها لغيرها، وبخاصة خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهو ما أدى لتأثر باقي المناطق الصناعية في مصر. ففي المنطقة الحرة يُعفى المصنع من الجمارك والضرائب، وبالتالي تقل كلفة تصدير المنتج للخارج. أما بالنسبة للمصنع المصري، فإنه يدفع الأضعاف لكلفة إنتاج نفس المنتج، وهو ما يحرمه من فرص تصديرية بأسعار منافسة للمصنع الأجنبي داخل بلده.

وأكد طلبة أن ما يثبت ذلك انكماش المصانع المصرية، لأن النمو والزيادة كلها بالإنتاج صارت من نصيب مصانع المناطق الحرة، وهو ما دفع آلاف المصانع المصرية للإغلاق بسبب الأعباء المالية.
وعن موقف رجال الأعمال المصريين بشأن التعامل مع المستثمرين الإسرائيليين، قال طلبة إنه بالتأكيد يوجد البعض ممّن يرحبون وآخرون ضد، فرأس المال يتجاهل الجنسيات في كثير من الأحيان. وأشار طلبة إلى أنه يوجد رجال أعمال إسرائيليين بجنسيات أوروبية، قد يكونون شركاء ومساهمين في استثمارات أخرى مع رجال أعمال مصريين.

من جانبه، يقول محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات المصري، إن هناك شركات إسرائيلية بالمناطق الحرة بالقاهرة وبورسعيد، ويصل حجم استثماراتها مجتمعة لأكثر من مليار جنيه مصري. وقال المرشدي إنه لا يوجد مانع لدى العديد من رجال الأعمال المصريين من الشراكة مع مستثمرين إسرائيليين، قائلاً: "رغم أنني لا أتعامل مع مستثمرين إسرائيليين، إلا أننا بشكل عام لا نرغب بتسييس الاقتصاد". 
وأضاف المرشدي أنه لا مانع من قدوم مستثمرين إسرائيليين لمصر طالما أنهم يستخدمون العمالة المصرية والاقتصاد المصري ويلتزمون بالقوانين المصرية. وأكد أن اتفاقية الكويز يستفيد منها حالياً كل المصدّرين المصريين لأميركا، حيث يحصل المصدّر على شهادة بإدخال 10% من الإنتاج الإسرائيلي بمنتجه المصري فيدخل السوق الأميركية دون جمارك، مشيراً إلى أنه بشكل عام لا علاقة للتطبيع بين مصر وإسرائيل بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين، لأنه لا خلط بين السياسة والاقتصاد.

لكن ما هو الحجم الحقيقي للاستثمارات الإسرائيلية في مصر الآن؟

هذا التساؤل تجيب عنه التقارير الرسمية من البلدين والتي رصدتها "العربي الجديد"، حيث ذكر تقرير حكومي صدر في 24سبتمبر/ أيلول 2010 عن هيئة الاستثمار المصرية، أنه توجد مجموعة من الاستثمارات الإسرائيلية في مصر ممثلة في 8 شركات يبلغ رأس مالها 162 مليون دولار، وذلك بين عام 1970 وحتى عام 2010.
وفي 20 أغسطس/ آب 2014، أعلن المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي أن حجم التبادل التجاري بين مصر وإسرائيل بلغ نحو 140 مليون دولار.
وبحسب صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية، تشكل المنسوجات ومستلزمات الملابس 39% من الصادرات الإسرائيلية إلى مصر، والتي تتم في إطار اتفاقية الكويز، التي تشترط وجود مكون إسرائيلي في المنسوجات المصرية كشرط لتصديرها إلى الولايات المتحدة وإعفائها من الجمارك.
ولفتت الصحيفة إلى أن إجمالي الصادرات الإسرائيلية خلال عام 2013 بلغ 120 مليون دولار، مقابل 80 مليوناً من الصادرات المصرية إلى إسرائيل، ليكون حجم التبادل التجاري في 2013 نحو 200 مليون دولار، مقابل نصف مليار دولار عام 2010، و415 مليوناً عام 2011.

(لجين محمد- العربي الجديد)

مواضيع ذات صلة