إسرائيل تدفع باتجاه ضم فعلي للضفة: مشاريع قوانين تسمح للمستوطنين بشراء أراضٍ داخل البلدات الفلسطينية
بوابة اقتصاد فلسطين
تواصل الحكومة الإسرائيلية تمرير سلسلة من القوانين والإجراءات التي ترسّخ السيطرة على الضفة الغربية المحتلة، في مسعى لتحويل مخطط الضم الزاحف إلى واقع قانوني وديمغرافي ثابت، مع التركيز على تعزيز الاستيطان وتصفية ما تبقى من السيادة الفلسطينية على الأرض.
وتجري لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، اليوم الثلاثاء، مداولات حول مشروع قانون جديد بعنوان "إلغاء التمييز في شراء الأراضي في يهودا والسامرة"، من شأنه السماح للمستوطنين بشراء أراضٍ داخل مدن وبلدات فلسطينية في الضفة الغربية، بل والسماح بإقامة مستوطنات خارج الإطار التنظيمي الرسمي وبدون رقابة حكومية مباشرة، حسبما أوردت صحيفة يديعوت أحرونوت.
تصعيد تشريعي ضمن "ثورة السيادة"
يأتي مشروع القانون هذا ضمن حزمة تشريعات دفعت بها أحزاب الائتلاف اليميني الحاكم، بهدف تسريع وتيرة الضم بحكم الأمر الواقع، في ظل انشغال المجتمع الدولي والولايات المتحدة خصوصًا بالحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.
وفي سياق موازٍ، صادقت لجنة القانون والدستور في الكنيست، الأسبوع الماضي، على تعديل يقضي باعتماد مصطلح "يهودا والسامرة" كتسمية رسمية للضفة الغربية في كافة القوانين الإسرائيلية، خطوة رمزية تحمل أبعادًا قانونية تهدف إلى شرعنة الاستيطان وإدماج الضفة داخل المنظومة القانونية الإسرائيلية.
ربط المستوطنات بالبنية التحتية الإسرائيلية
من المتوقع أن يناقش الكنيست، غدًا، بحضور وزير الطاقة إيلي كوهين، مشروعًا لربط المستوطنات في الضفة الغربية بشبكة الغاز الطبيعي الإسرائيلية، وهو ما يُعد توسعًا في فرض السيادة الفعلية على المنطقة C.
السيطرة على الآثار... وتجميد أموال المقاصة
تعمل الحكومة كذلك على نقل صلاحية الإشراف على المواقع الأثرية من الجيش الإسرائيلي إلى سلطة الآثار الحكومية، بما يعزز سيطرة الاحتلال على الموارد الثقافية والتاريخية الفلسطينية، كما شرعت إسرائيل بالفعل في حفريات في بلدة سبسطية التاريخية شمال الضفة، في سابقة خطيرة تمهد لتحويل المعالم الأثرية إلى أدوات تبرير استيطاني.
في السياق المالي، يناقَش مشروع قانون لتجميد أموال المقاصة الفلسطينية، بذريعة تعويض "إسرائيل" عن أضرار مزعومة كسرقة سيارات إسرائيلية، ما يُشكل خطوة عقابية إضافية تهدف إلى خنق السلطة الفلسطينية ماليًا.
تسجيل ملكية الأراضي... والضربة القانونية الأعمق
أخطر ما أقره الكابينيت الإسرائيلي مؤخرًا هو قرار يسمح بـ تسجيل حقوق ملكية الأراضي في المناطق المصنفة C في الضفة الغربية في السجل العقاري (الطابو) الإسرائيلي، وهو إجراء لم يُتخذ منذ عام 1967، ويُعد خرقًا صريحًا للقانون الدولي.
وبحسب القرار، ستُعتبر أي أرض لا تحمل إثبات ملكية رسمي "أرضًا دولة"، تُسجَّل لصالح سلطات الاحتلال، ما يهدد آلاف الدونمات التي يواجه أصحابها الفلسطينيون صعوبات إجرائية وقانونية في إثبات ملكيتها.
وفي بيان مشترك، قال وزيرا الأمن والمالية، يسرائيل كاتس وبتسلئيل سموتريتش، إن القرار سيمنع السلطة الفلسطينية من تنفيذ إجراءات تسجيل موازية، ويُجرِّد وثائقها من أي صلاحية قانونية.
سموتريتش: "ثورة السيادة في يهودا والسامرة"
أشاد سموتريتش بالقرار، واعتبره "محطة مفصلية في ثورة السيادة الفعلية التي تقودها الحكومة"، وقال:
"لأول مرة تتحمل إسرائيل المسؤولية المدنية على المنطقة ضمن إطار سيادة دائمة، تبدأ بحملة شاملة لتسوية الأراضي، وإنهاء محاولات السلطة للسيطرة على المناطق المفتوحة."
باحثون يحذّرون: هذا ضم فعلي
وصف الباحث في "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، د. يوحنان تسوريف، الخطوات الأخيرة بأنها "ضم غير رسمي"، مؤكدًا أن إسرائيل باتت تظهر كدولة ترفض أي تسوية سياسية أو تعايش ممكن، محذرًا من تداعيات استراتيجية قد تطال مكانة إسرائيل الإقليمية والدولية.
عرب 48