بوابة اقتصاد فلسطين

تكشف معطيات نشرتها صحيفة ذا ماركر العبرية، وتابعها موقع بوابة اقتصاد فلسطين، أن المنظومة المصرفية الفلسطينية دخلت في حالة اختناق مالي غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب في غزة، بعد أن تجاوزت البنوك الفلسطينية بكثير الحدّ الأعلى المسموح بإيداعه لدى بنك إسرائيل - وهو 18 مليار شيكل سنويًا فقط. هذا السقف، الذي حُدِّد عام 2017 بما يناسب اقتصادًا أصغر وأقل تداولًا للنقد، أصبح اليوم قيدًا خانقًا يتسبب بشلل في حركة المدفوعات والتجارة بين الجانبين.

وفق التقرير، كان من المفترض أن يتمكن بنك إسرائيل من امتصاص فائض السيولة الفلسطيني كجزء من الترتيبات المالية القائمة منذ بروتوكول باريس. لكن الارتفاع الهائل في حجم النقد داخل الضفة- نتيجة انهيار التحويلات البنكية واعتماد السوق على الدفع النقدي - دفع البنوك الفلسطينية إلى تجاوز السقف بسرعة قياسية. وعندما توقفت نافذة الإيداع لدى بنك إسرائيل، لم تجد البنوك الفلسطينية حلًا سوى وقف استقبال أي إيداعات نقدية جديدة من العملاء.

هذا التعطّل انعكس مباشرة على التجارة اليومية. تاجر فلسطيني يريد تحويل مئات آلاف الشواكل لشراء بضائع من إسرائيل لم يعد قادرًا على تنفيذ العملية؛ البنوك ترفض استلام النقد، وبنك إسرائيل يرفض استلام فائض البنوك، والقانون الإسرائيلي يمنع الدفع النقدي بمبالغ تتجاوز 6,000 شيكل. وهكذا تلاشت فعليًا قدرة المستوردين الفلسطينيين والمصدّرين الإسرائيليين على إنجاز صفقاتهم.

ويرى خبراء إسرائيليون أن الأزمة تتجاوز الجانب التقني، لتشكّل تهديدًا للاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي معًا. فتعطّل خطوط الدفع يعني تعطّل حركة التجارة، وتراجع قدرة الأسواق على العمل، وتوسعًا أكبر لاقتصاد الظل. وبرغم ذلك، لا تزال الحكومة الإسرائيلية مترددة في رفع السقف أو تعديل الآلية، في وقت تتزايد فيه الضغوط السياسية داخل إسرائيل لاستخدام العلاقة المصرفية كورقة ضغط على السلطة الفلسطينية.

التقرير يشير إلى أن معالجة الأزمة لا يمكن أن تتم عبر زيادة السقف فقط، بل عبر إعادة بناء منظومة دفع مستقرة تقلّل الاعتماد على النقد، وتعيد الثقة بالتحويلات البنكية بين الجانبين. فالأزمة، كما تكشف تطوراتها، لم تعد مالية فقط، بل تحوّلت إلى واحدة من أخطر الأزمات الاقتصادية والسياسية في العلاقة الفلسطينية–الإسرائيلية منذ سنوات.