الرئيسية » الاخبار الرئيسية » في دائرة الضوء » آخر الأخبار »
 
04 كانون الأول 2025

شلل في التجارة الفلسطينية- الإسرائيلية: التجار يدفعون الثمن الأكبر لأزمة النقد المتفجرة

بوابة اقتصاد فلسطين

تكشف معطيات نشرتها صحيفة ذا ماركر العبرية، وتابعها موقع بوابة اقتصاد فلسطين، أن التجار الفلسطينيين والإسرائيليين باتوا في قلب أزمة مالية خانقة تهدد بتعطيل حركة السلع بين الجانبين، بعد أن تراجعت قدرة البنوك الفلسطينية على استقبال الإيداعات النقدية نتيجة تجاوز سقف الإيداع المسموح لدى بنك إسرائيل. ومع توقف هذه القناة، تحوّل آلاف التجار إلى رهائن لنظام دفع لا يعمل، ونقد لا يجد طريقًا إلى الحسابات المصرفية.

وبحسب التقرير، أصبحت العملية التجارية الأساسية - دفع ثمن البضائع - مستحيلة في كثير من الحالات. تاجر فلسطيني يشتري عجلًا أو مواد غذائية أو بضائع صناعية بمئات آلاف الشواكل لا يملك وسيلة لتحويل المبلغ إلى الطرف الإسرائيلي. البنوك في الضفة ترفض استلام النقد لأن خزائنها ممتلئة بالشيكل، وبنك إسرائيل يرفض استقبال أي إيداع جديد بعد تجاوز السقف المحدد، والقانون الإسرائيلي يمنع تسلّم مبالغ نقدية تتجاوز ستة آلاف شيكل. النتيجة المباشرة هي أن الصفقة التجارية تتوقف رغم جاهزية البضاعة والمشتري والبائع.

هذا الانسداد ضرب قطاعات متنوعة، من اللحوم والزراعة إلى الكهرباء والسلع الأساسية، وأدى إلى موجات تأخير وتسويات قسرية بين التجار. كثير من المصدّرين الإسرائيليين يسلّمون بضائعهم للفلسطينيين لكنهم لا يتلقون ثمنها، ليس لغياب المال، بل لأن النظام المالي لا يسمح لهم باستلامه. وفي المقابل، يجد المستوردون الفلسطينيون أنفسهم محاصرين بنقد لا يستطيعون التخلص منه ولا يستطيعون استخدامه، ما يخلق حالة غير مسبوقة من الشلل في تدفقات السلع بين الجانبين.

ويرى خبراء إسرائيليون أن هذا الخلل المالي يحمل تداعيات بعيدة المدى على السوق الإسرائيلية نفسها. فجزء كبير من التجارة بين الجانبين يتم عبر قنوات نقدية أو شبه نقدية، ومع توقف هذه القنوات، تتعرض سلاسل التوريد الإسرائيلية للضغط، خاصة في قطاعات تعتمد على السوق الفلسطينية لتصريف منتجاتها أو شراء مواد أولية منها. كما يتوقع الخبراء زيادة التكاليف التشغيلية، وارتفاع المخاطر الائتمانية، وتراجع حجم الصفقات التي كانت تعتمد على الدفع المباشر أو التحويل السريع بين البنوك.

أما التجار الفلسطينيون، فيجدون أنفسهم أمام معادلة شبه مستحيلة: نقد متراكم لا يُقبل في البنوك، وتحويلات عالقة، وصفقات تتوقف عند عتبة الإجراءات المصرفية. هذا الوضع، بحسب التقرير، يعيد تشكيل المشهد الاقتصادي في الضفة، ويجبر التجار على العودة إلى طرق بدائية أو غير رسمية لتسوية المدفوعات، ما يفتح الباب أمام اقتصاد الظل ويزيد من هشاشة النشاط التجاري.

ويحذر اقتصاديون من أن استمرار الأزمة بهذا الشكل سيؤدي إلى خسائر كبيرة في المخزون التجاري، وتعطيل عقود، وتفاقم حالة عدم اليقين بين التجار، خاصة في ظل تهديدات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش المستمرة بقطع العلاقات المصرفية - وهي تهديدات تزيد القلق، وتدفع مزيدًا من التجار نحو التعامل النقدي، في وقت يتجه فيه النظام المالي نحو التشدد والقيود.

في المحصلة، تُظهر الأزمة أن التجار -فلسطينيين وإسرائيليين -هم الحلقة الأكثر تضررًا في شبكة مالية مترابطة لا يعمل فيها سوى القليل. ومع غياب حل عاجل من الجانبين، يبدو أن حركة التجارة قد تدخل مرحلة ركود حاد لم تشهدها منذ سنوات.

 

مواضيع ذات صلة