الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
25 آب 2015

مزارعو الشريط الحدودي بين خيارين مريّن: الأرض أو الحياة

يوم مر بسلام بالنسبة للمزارعين، الذين في الصورة، فعادة ما تطلق قوات الاحتلال النار عليهم أثناء اعتنائهم بمحاصيلهم الزراعية الواقعة قرب الشريط الحدودي. وهنا، يقع العديد من المزارعين بين خيارين: إما أن يفضلوا أرضهم ويخاطرون بزراعتها تحت نيران الاحتلال أو أن يبتعدوا عنها لكسب حياتهم ويكتفون بالتحسر عليها من بعيد.

\

غزة- بوابة اقتصاد فلسطين| حنين حمدونة- رغم ما تمتاز به هذه الأراضي من الخصوبة، إلا أن عددا من المزارعين اضطروا إلى ترك أراضيهم خشية الموت برصاصة طائشة أو مقصودة من الاحتلال الذي تستهدفهم نيرانه بصورة دائمة، ناهيك عن قيام آلياته بتجريف تلك الآراضي ما يكبد المزارعين خسائر فادحة. ومرة تلو المرة، صاروا لا يستطيعون تحمل مخاسرهم، واكتفوا بالنظر إلى أراضيهم وتعبهم وهو يضيع من بعيد.

عبد الكريم وهدان (49 عاما) أحد المزارعين الذين تقع أرضه التي تبلغ 4 دونمات قرب الشريط الحدودي. قام الاحتلال باقتلاع جميع أشجاره عدة مرات، لذلك اضطر إلى ترك أرضه وإستئجار أخرى بعيدة قليلا عن الشريط الحدودي ليزرعها ويعوض خسائره.

رغم أنه ابتعد عن أرضه مكرها، لكنه حتى اللحظة يخشى نيران الاحتلال. لذلك، زراعها بالمحصايل غير المرتفعة حتى يخفف من مخاطر اطلاق النار عليه. إضافة إلى ذلك، فإنه لا يستطيع أن يصل أرضه قبل الثامنة صباحا.

وإضافة إلى كل ما يعانيه المزارع هنا، تفتقد هذه المناطق البنية التحتية. لذا، يضطر وهدان والمزارعون إلى شراء المحروقات لتشغيل مولدات كهربائية. كما أن هناك مشكلة المياه غير المتوفرة التي تحتاج لتمديدات من قبل البلديات .

مع هذه الخسائر، أكد وهدان أن مزارعي الأراضي الحدودية لا يحصلون على تعويضات من قبل وزارة الزراعة.

تحدي

بالرغم من جميع المشكلات التي يواجهها المزارعون من اقتلاع أشجارهم ،والتغيرات المناخية التي تدمر محاصيلهم، يصر المزارع أبو مازن "55 عاما" على إعادة زراعة أرضه شرق عبسان الكبيرة جنوب قطاع غزة.

قال "زرعت ثلاث دونمات بأشجار الزيتون وكان العام الماضي أول موسم سأجني منه حبات الزيتون ،تلك الشجرات رعيتها بحبات عيناي".

أكد أنه قبل أن يجني ثمارها جرف الجيش الإسرائيلي ثلاثمائة شجرة من أرضه، الأمر الذي ترك له حسرة بقلبه ،مع ذلك يصر على أن زراعة أرضه إثبات لملكتيه وحقه بها، ولهذا سيزرعها بأشجار الحمضيات أملا بأن يكون "فالها"، حظها، أفضل من الزيتون.

\

إعادة تأهيل

بهدف إعطاء المزارعين فرصة للعمل من جديد على أراضيهم تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر لدعم العاملين في المناطق الحدودية منذ عام 2007.

قالت الناطقة الإعلامية باسم الصليب الأحمر سهير زقوت إنهم نفذوا عدة مشارع عقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة 2014، استهدفت الزراعة البعلية والقمح، لإعادة تأهيل الأرضي التي تأثرت من العدوان الأخير.

بينت زقوت أن المرحلة الأولى للمشروع استهدفت 1300 مزارع في سبعة مناطق موزعة على قطاع غزة مثل ، استفادوا من منح مالية بقيمة 4000 شيكل لعمل شبكات ري وزراعة محاصيل جديدة .

علماً بأن المناطق المحاذية للسلك الحدودي لا يسمح لمزارعيها بزراعة أشتال مثمرة فيبقون على زراعة المحاصيل الموسمية ، ومع ذالك لم تسلم تلك المزروعات أو شبكات الري التي أعدوها بأنفسهم ،فجميعها دُمرت أثناء الحرب .

أوضحت أن المشروع المقبل هو إضافة مساحات زراعية جديدة على المناطق الحدودية بمساحة 3000 دونم في ستة مناطق موزعة على حدود قطاع غزة ،مثل شرق بلدة بيت حانون ، وشرق خزاعة ، و عبسان ،و عبسان الكبيرة وغيرها.

أشارت إلى أن الصليب الأحمر سيوفر معدات زراعية مثل "المحراث والأسمدة " بالإضافة للدعم المادي والفني، مؤكدة على أنهم وضعوا معايير معينة لاختيار المزارعين في هذه المرحلة .

الحدودية.. ليست سلة غذائية

إلا أن مدير عام التسويق والمعابر بوزارة الزراعة تحسين السقا، لا يرى بالمناطق الحدودية سلة غذاء غزة، ويجدها مزارع للقمح والشعير وبعض المحاصيل الموسمية كونها لا تزرع بأشتال تعطي ثمار سنوية .

وأوضح أن مساحة الأراضي المزروعة على طول الشريط الحدودي هي 30 ألف دونم ،معتبراً مزارع بيت حانون وبيت لاهيا وخان يونس هي سلة غذاء غزة. مؤكداً أن دور الحكومة كان مرتبطا بتسوية الأرض وإغلاق الفجوات التي خلفتها الإنفجارات، بالإضافة لإزالة مخلفات المتفجرات والصواريخ ،مستدركاً قوله أن مشكلة هذه الأراضي أنها تفتقر للبنية التحتية ولتوصيلات مياه الري .

\

لا يوجد تخطيط

ومن جهته، قال الخبير الاقتصادي ماهر الطباع "إن قطاع غزة أرض خصبة للزراعة ،وتتميز الحمضيات التي ينتجها بجودتها العالية ،وسميت بالذهب الأصفر ،بالإضافة لتصدير أجود أنواع الزهور لأوروبا "

"إلا أن الإنتاج انتهى وأصبح قطاع غزة يستورد الحمضيات والزهور والفواكه من إسرائيل لسببين مهمين الأول افتقاد الحكومة الفلسطينية للسياسة والتخطيط الاستراتيجي، ولسياسة الاحتلال بتدمير الإنتاج الزراعي للقطاع "

وأشار للمشاكل التي يواجهها المزارعين في الأراضي الحدودية التي من الممكن أن تكون غابة من الأشجار المثمرة هي عدم تعويضهم في حال اقتلاع أشجارهم، وصعوبة وصول المياه إليها وملوحة المياه الشديدة، بالإضافة للتغيرات المناخية .

إذن، شرح المزارعون بعضا من معاناتهم بفعل سياسات الاحتلال المميتة تتجاههم ما اضطر ببعضهم إلا ترك أراضيهم خشية على أنفسهم وحتى لا تزداد خسائرهم.

الآن، يأتي دور الجهات المسؤولة وعلى رأسها وزارة الزراعة في البدء فورا باتباع سياسات لتعويض المزارعين للوقوف بجانبهم في ظل سياسات الاحتلال.

(بوابة اقتصاد فلسطين)

مواضيع ذات صلة