الرئيسية » أقلام اقتصادية »
 
06 أيلول 2015

غرامات التأخير بلطجة..

وليد الهولي

\

هل من حق المؤسسة فرض غرامة تأخير بنسبة مئوية ما على المبلغ المستحق لها نتيجة التأخر في دفعها؟ ماذا لو أن تاجرا وضع فائدة تأخير على من أخذ منه بضاعة دينا لتأخره عن الدفع؟ ماذا يسمى هذا العمل وهل هو قانوني وأخلاقي؟ ولنا أن نتساءل أيضا: على أي مبدأ أو مرجعية قانونية تستطيع المؤسسة فرض مثل هذه الغرامات؟ ثم من يحدد هذه النسبة؟ هل نصدق في بلدنا أن تصل قيمة النسبة هذه ما يزيد احيانا عن 100% من قيمة الدين ؟! .

بداية نؤكد على الخدمات الجليلة التي تقدمها مؤسساتنا وأهمية التزام من تقدم إليهم الخدمة بالوفاء بواجباتهم لان العلاقة مبنية على الحقوق والواجبات، المؤسسة تقدم الخدمة والمواطن يقدم ما يترتب على هذه الخدمة من مستحقات مالية .. ولكن ماذا عن الذين يصبحون مدانين للمؤسسة؟ وهم أصناف :هناك من يحب المماطلة في دفع ما عليه وهو قادر، وهناك من يشعر بظلم ما فيلجأ إلى التوقف عن دفع الفاتورة وهناك من ضاقت به الدنيا فعجز عن الدفع عن حاجة وفقر .. هناك من يعالج بالسرطان مثلا او من لديه أطفال معاقين أو انه عاطل عن العمل ولديه عائلة كبيرة وتراكمت عليه الفواتير من كل صوب وحدب ... الخ  وهنا نحن نتكلم عن هذه الشريحة من المواطنين والتي إن وقع مع كريم تعامل معه على مبدأ " فنظرة إلى ميسرة "أو صبرك على الغارم صدقة" أما إن وقع مع لئيم فإن اللؤم مهما بلغ فإنه لا يصل عادة إلى زيادة في الدين وربا يضاعف أضعافا مضاعفة الا عند مؤسسات محترمة وذات مكانة وعراقة في تقديم الخدمة ..

ويزداد الأمر مشقة على هذه الشريحة الغارقة في الديون إذا كانت الخدمة التي يتلقاها ضرورية ولا يستغني عنها بأية حالة من الأحوال مثل المياه أو الكهرباء، فتذهب هذه المؤسسات بدل البحث عن مساعدة هذا الغارق في الديون أو على الأقل المطالبة بحقها بالقانون إلى أن تجعل من هذا الدين لعنة تطارد هذا الضعيف من خلال إخضاع الدين لبرنامج يزيد من الدين ويزيد المدين غرقا وتسميه بأسماء بعيدة عن حقيقة كونه ربا: فوائد او غرامات تأخير أو مخالفة قوانين، والناس يعرفونها حق المعرفة إذ حتى لو سمتها ملائكة الرحمة فإن حقيقتها تبقى ربا ..

وهنا نتساءل عن مبدأ هذه البلطجة المالية على الضعفاء من الناس من أين أتت؟ وما هو المسوغ القانوني أو المرجعية الأخلاقية التي يرجعون إليها .. هل يسمح القانون الفلسطيني بهذا؟ لماذا لا يطبق على فواتير المياه مثلا في الأردن؟؟ ولماذا في نفس فلسطين هناك من يأخذها وهناك من لا يأخذها وفي نفس قطاع المياه، فمثلا بلدية نابلس لا تأخذ هذه الغرامات بينما غيرها يأخذ؟؟!! ( على اعتبار المياه حق إنساني وليس سلعة تجارية مما يزيد الأمر فظاعة) وسؤال آخر يتبع هذا السؤال : نسبة الفائدة (الربا)؟ من الذي يحددها؟ فكما نعلم في دول رأسمالية كبيرة مثل أمريكا فقد سببت هذه النسبة أزمة مالية مما استدعى تدخل الحكومة بأعلى مستوياتها .. اما هنا في مؤسساتنا: فمن يحدد هذه النسبة؟؟ هل كل مؤسسة حسب ما يحلو لصناع القرار فيها؟ هل من خلال قلوبهم المشفقة على الفقراء والمساكين أم من خلال أهداف المؤسسة العليا دون النظر في الوسائل على قاعدة ميكافيلي الغاية تبرر الوسيلة.

والأدهى والأمر وهروبا من عذابات الضمير يلجئون الى خصم جزء من هذه التي أصلا غير قانونية ولا أخلاقية ( تماما كقصة الذي كان يشكو من ضيق بيته فأدخلوا عليه  ليعيش معه العنزة ثم الخروف ثم الحمار ثم سحبوها الواحدة تلو الأخرى ليعود الوضع على ما كان عليه فيرضى بضيق حاله ويكف عن المطالبة بتحسين أوضاعه) ..  يطرحون خصم جزء من الربا ويعتبرون ذلك صفقة تخفف عن المريض آلامه وعن الفقير ويلاته. والذي يزيدك ألما أن يقال للمسحوق: التزم بالدفع في الموعد المقرر كي لا تقع في هذا المحظور؟! وهل يجوز لكم أن تمارسوا ما يحلوا لكم في حق من تأخر عن موعدكم ؟؟ 

آن الأوان أن تنتهي مؤسساتنا التي تمارس هذا الفعل المشين عن هذا الفعل وأن تعتذر عن أي قرش أخذته من جيوب الفقراء دون مرجعية قانونية أو أخلاقية وتحت أي مسمى كان  بعيدا عن ممارسة تجميل المسمى للربا وإزاحته عن تسميته الأصلية .. يكفيها استرداد دينها من الغارقين والغارمين دون ربا ودون أن تزيدهم غرقا أو رهقا، فشعبنا تحمل ما يكفي من الاحتلال الطويل وهذه المؤسسات الوطنية وجدت أصلا لتقديم ما لديها من خدمات وللتخفيف من معاناته ما استطاعت لذلك سبيلا .

 

 

كلمات مفتاحية::