تلوث بحر غزة يقوض المهن المرتبطة بموسم الصيف على شاطئه
منذ بدء موسم الصيفلم يعد بإمكان رواد شاطئ بحر قطاع غزة الاستمتاع به بسبب الروائح الكريهة التي تنبعث من مناطق واسعة بسبب تصريف محطات معالجة المياه العادمة.
غزة- إسلام راضي- بوابة اقتصاد فلسطين
يشتكي رمضان ملكة الذي يدير استراحة على شاطئ بحر مدينة غزة من تكبده خسائر كبيرة خلال موسم الصيف الحالي بسبب تصاعد معدلات تلوث بحر القطاع وتراجع إقبال المصطافين إليه.
وتعد استراحة "الغروب وعلاء" التي يديرها ملكة مع شريك له، واحدة من أشهر استراحات البحر في غزة منذ عدة سنوات وهي تقع في منطقة "الشيخ عجلين" الأشهر في إقبال المصطافين سنويا.
لكن ذلك لم يشفع لملكة وشريكه والسبب كما يقول لبوابة اقتصاد فلسطين إنه يرتبط بالدرجة الأساسية بتفاقم ضخ مياه صرف صحي غير معالجة تجاه البحر ما أثر على معدلات إقبال المصطافين بشدة.
ومنذ بدء موسم الصيف تقريبا لهذا العام لم يعد بإمكان رواد شاطئ بحر قطاع غزة الاستمتاع بمياهه الزرقاء وهوائه النقي بسبب الروائح الكريهة التي تنبعث من مناطق واسعة قبالة شاطئ بسبب تصريف محطات معالجة المياه العادمة من دون تنقيتها بسبب محدودية عمل محطات معالجة مياه الصرف الصحي.
ويمتد شاطئ بحر قطاع غزة على امتداد 40 كيلو متر وظل سنويا عامل جذب كبير لمستثمرين وعمال ينشطون في إقامة استراحات على البحر لخدمة المصطافين.
ويقول ملكة إنه حتى في أكثر السنوات صعوبة من الناحية الاقتصادية التي مرت على قطاع غزة فإنهم كانوا يحققون أرباحا جيدة من وراء عملهم في الاستراحة كون أن بحر القطاع هو المتنفس الوحيد للمواطنين.
ويضيف أن موسم الصيف معروف أنه يدر دخلا جيدا على أصحاب الاستراحات والعمال فيها لما تمثله من جذب للعائلات والمصطافين خصوصا في فترة الإجازة الصيفية.
لكن ملكة يتحسر بأن هذا العام شكل خيبة أمل كبيرة بسبب التراجع غير المسبوق في اعداد المصطافين المقبلين على شاطئ البحر واقتصار من يقبل على منطقة البحر منهم على الجلوس بعيدا في شارع الكورنيش.
ويشتكي ملكة وشريكه كغيرهم من أصحاب استراحات البحر من أنهم دفعوا مسبقا رسوم حجز مالية للبلديات من دون أن يتمكنوا لاحقا من تحقيق الحد الادنى من الأرباح.
ويوضح ملكة أنهم دفعوا مبلغ 24 ألف دولار أمريكي لبلدية غزة نظير استئجار منطقة استراحته على شاطئ البحر، ويضاف للمبلغ نحو 20 ألف دولار مصاريف تشغيلية وتجهيزات في الاستراحة.
ويشير إلى أنه اضطر إلى تخفيض سعر استئجار طاولة وستة كراسي في الاستراحة من 50 شيقل إلى 20 شيقل فقط بسبب الركود الكبير في عملهم الذي اجبره أيضا على تقليص نصف عدد العمال لديه.
وإلى جانب أصحاب الاستراحات فإن غالبية العمال المرتبطين بموسم الصيف ممن ينشطون على شاطئ بحر قطاع غزة يشتكون بشدة من ضعف مرودهم المالي هذا العام.
وقال عدد من هؤلاء إن التراجع في أعداد المصطافين المقبلين على شاطئ بحر قطاع غزة أدى إلى تراجع كبير في نسبة مبيعاتهم من مرطبات ومكسرات وغيرها.
ويقول الشاب أحمد غانم الذي يستغل سنويا موصم الصيف لبيع الذرة على شاطئ البحر إن العثور على مكان تزدحم فيه حركة المصطافين هذا العام أمرا ليس سهلا بعكس ما اعتاد خلال سنوات عمله الماضية.
بدوره يوضح الشاب محمد سمور أنه بدأ عمله مع بداية موسم الصيف ببيع مستلزمات السباحة في البحر لكنه اضطر لتغيير مجاله بفعل التناقص الكبير في أعداد المقبلين على السباحة بسبب تلوث مياه البحر.
وسبق أن أصدرت سلطة جودة البيئة في غزة خريطة مفصلة لشاطئ بحر قطاع غزة توضح للمصطافين أماكن التلوث على شاطئ، جاء فيه أن 73% من مناطق شاطئ بحر القطاع غير صالحة للسباحة والاستجمام.
ويقول خبير البيئة من غزة بشار عاشور إن اللون القاتم والرائحة الكريهة تطغيان على شاطئ بحر قطاع غزة ما يجعله غير صالح لاستقبال المصطافين في أغلب مناطقه.
ويوضح عاشور أن التلوث الحاصل في مياه البحر بفعل المياه العادمة تهدد بالإصابة عدة أمراض مثل الحمى الشوكية وأمراض جلدية وأخرى تستهدف العيون إلى جانب مراض التهاب الكبد والفيروسات التي تسبب الوعكات المعوية والالتهاب التنفسية.
ويضيف أن الأطفال خصوصا يهددهم تلوث مياه البحر بالإصابة بأمراض الجهازين الهضمي والتنفسي والأمراض الجلدية والتهابات الأذن والعيون التي تسببها البكتيريا والميكروبات سواء الموجودة في مياه البحر أو التي تكون مخزنة في الرمال الموجودة على الشاطئ.
وبحسب مسئولين في البلديات فإن نحو 100 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحي غير المعالجة يتم ضخها يوميا إلى بحر قطاع غزة بسبب تفاقم ازمة الكهرباء وتراجع عمل محطات المعالجة.
ويقول مسؤول الإعلام البيئي في سلطة جودة البيئة في غزة خالد أبو غالي إن مجمل شاطئ بحر قطاع غزة تحول إلى "مستنقع ملوث بفعل مياه الصرف الصحي غير المعالجة".
ويوضح أبو غالي أن سبب التلوث ناتج عن انخفاض جودة المعالجة لمياه الصرف الصحي في محطات المعالجة التي تقوم بتصريف مياهها الى البحر بسبب تفاقم أزمة التيار الكهربائي، وشح الوقود اللازم لتشغيل تلك المحطات عبر المولدات.
ويشير إلى أن عددا من البلديات "تضطر" كذلك إلى تصريف كميات من مياه الصرف الصحي عبر المضخات مباشرة إلى البحر قبل حتى وصولها إلى محطات المعالجة وهو ما جعل مناطق الشاطئ التي يمكن للمصطافين التنزه بها محدودة للغاية.