رجل الأعمال د.فاروق زعيتر: اعملوا بمسؤولية لتحققوا أهدافكم
رام الله- حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين
82 عاما عاشها ابن فلسطين د. فاروق زعيتر متنقلا مع أمواج التطورات والتقلبات السياسية والاقتصادية على أرض فلسطين، "أيقونة" بسنوات خبرته الطويلة واصراره على ترك بصمته على واجهة الاقتصاد الفلسطيني.
دراسته
هناك اقتصاد صامد واقتصاديون صامدون يشكلون الدعائم لبلدهم التي ولدوا وترعرعوا فيها، تنقلوا ما بين بلدان العالم وعادوا لأحضانها لأنهم بها وجدوا أنفسهم رغم مغريات الحياة في الخارج.
د. داود زعيتر ابن ال82 عاما تروي ملامح وجهه الإصرار على المضي قدما في العطاء متجاهلا عداد الزمن الذي قد ينال من عزيمة البعض فيلجأ للسكون، لكنه الرجل الذي يفوق الاحتلال عمرا واصرارا على اثبات الأحقية في فلسطين أرض النشأة.
في عمر 11 عاما فقد د. زعيتر والده، هذا الحرمان لم يثنه عن مواصلة مسيرته التعليمية، حظي بدعم خاله الذي تكفل بتعليمه مرحلة البكالوريوس، أما الماجستير والدكتوراة فقد واصل دراستهما بنفسه بمساندة زوجته من حيفا.
كان د. زعيتر يدرس المحاسبة في جامعة القاهرة والتي تخرج منها عام 1961، وكان بذات الوقت يعمل محاسبا، حتى أنه وصل لرئيس حسابات في مشاريع المياه والغاز التابعة لوزارة الكهرباء في الكويت، كما أتم الدكتوراة عام 1974 في أمريكا في تكساس.
هو أب لثلاثة أولاد، عباس واحمد ووليد، عباس وأحمد يعملون في مجال الاستثمارات وإدارة الأموال، ووليد درس فلسفة وهو حاليا ممثل في لوس انجلوس.
من تمسك في فلسطين أنصفته
عايش د. زعيتر عهد جمال عبد الناصر، وترعرع في عهد المرحوم ياسر عرفات، يقول "في هذه الفترة أصبح لدي اهتمام بمجالات معينة أهمها التنمية الاقتصادية، وبناء المجتمع، وحاليا لدي اهتمام في بناء الإنسان أكاديميا وعمليا".
يشغل حاليا منصب نائب رئيس مجلس الأمناء في جامعة النجاح، وهذا مجال أكاديمي، وبنفس الوقت عضو مجلس أمناء في مستشفى النجاح التعليمي.
رغم أنه لم يكن ينتمي للفئة التي شكلها ياسر عرفات، الا أنه اعتبر المرحوم عرفات قدوة له، ومؤثرا في شخصيته، فهو الشخصية التي حلقت باسم فلسطين عاليا ليبقي العالم كله على معرفة بهذه القضية.
اما في الامور الاقتصادية والمالية فمن أكثر الأشخاص الذين تأثر بهم فهو السيد صبيح المصري، فلديه جانب التضحية وتكريس حياته للعمل المالي القومي في الدول العربية وخاصة فلسطين والأردن.
يرى د. زعيتر أن من تمسك بفلسطين لم تخذله فلسطين، فعلى مدار ال25 سنة الماضية من كرّس جزءا من وقته وأمواله لفلسطين نجح نجاحا كبيرا، مستشهد بتجربة منيب المصري والمجموعة المشاركة معهم في تأسيس شركات باديكو وبالتل، والشركات التابعة لباديكو نجحوا نجاحا كبيرا، موضحا أن هذا النجاح لا يتعلق بالايرادات والارباح انما هم اشركوا اكبر عدد من الشعب الفلسطينية في المساهمة في شركات القطاع الخاص.
يقول "كلما حضرت اجتماع هيئة عامة في بالتل او باديكو اجد ان عددا كبيرا من الفلسطينيين ساهمو في هذه الشركات وعلى مدى 25 سنة مضت حصدوا الأرباح واستفادوا، لكن كلهم صاروا شركاء حقيقييين في الاقتصاد الفلسطيني."
ومن الشخصيات التي تأثر بها أيضا الدكتور محمد اشتية، فمنذ نحو 25 سنة وهو يقود بكدار، وهو عضو مجلس إدارة في السوق المالي الذي يشغل رئيس مجلس ادارة فيه.
يقول "د. اشتية اشتغل بالأفعال الملموسة على أرض الواقع والتي تلامس احتياجات الناس، من مدرسة ومعهد ومستشفى، وهي تساهم بشكل كبير في تطوير وتكوين البنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني وتوظف عددا كبيرا من العمالة الفلسطينية، وتدربهم أن يكونوا قادة في المستقبل، مسيرته المهنية تعطي دافعا للعطاء بلا حدود، تعلمت منه الكثير وأعتز بمعرفتي به".
طالما أشاد د. زعيتر بالقطاع الخاص الفلسطيني وبرجال الأعمال المنتمين لبلدهم، فالقطاع الخاص ساهم بشكل كبير في صمود الاقتصاد الفلسطيني في وجه الاحتلال وفي وجه التذبذبات السياسية المتكررة.
استثماراته في فلسطين
يركز د. زعيتر اهتمامه بالتنمية الاقتصادية، وعلى الأخص المشاريع الصغيرة ومشاريع البنية التحتية والمشاريع الصناعية القابلة لانتاج مواد للتصدير، هو صاحب خبرة بالأسواق المالية المحلية والإقليمية والعالمية.
عن استثمارته في فلسطين يقول "قبل 95 لم يكن لدي استثمارات في البلد، بعد هذا التاريخ اصبح لدي استثمارات في الاوراق المالية، وأوجه حاليا اولادي الثلاثة للاستثمار كل في مجاله في فلسطين، عباس واحمد يزورون فلسطين بشكل متواصل ولديهم عمل مع شركات وبنوك فلسطينية، ووليد في مجال تخصصه وهو التمثيل يدمج انتماءه في عمله، فقد مثل فيلم عمر عن الجدار، ومن خلال عمله في امريكا يشترك في افلام لها علاقة بالواقع الفلسطيني."
يرى د. زعيتر أن رسم السياسات الاقتصادية للبلد ليس بالأمر السهل، فجزء كبير من موازنة فلسطين تعتمد على المساعدات الخارجية، كوننا تحت الاحتلال، ومعظم ايراداتنا بيد الاحتلال، لذلك يصعب رسم سياسة مالية اقتصادية لفلسطين في الظروف الحالية، لكن كيف سارت الامور اخر 25 سنة، اقول ان الفلسطينيين نجحو في بناء مؤسسات ووزارات وعملوا قوانين وتفاعلوا مع العالم والدول العربية لكن بظروف صعبة، بعض الدول تضيق المساعدات علينا لكن القائمين على رسم السياسة يشعرون بصعوبة وحرج يعيق تطوير سياسات مالية فلسطينية، "ما نفخر به ان لدينا قادة ورجال اعمال قادرين على مواجهة الظروف".
رسالته "اعملوا بمسؤولية"
يرى د. زعيتر أن الاقتصاد الفلسطيني صمد رغم هشاشة جسده في ظل مرض الاحتلال المستعصي، وذلك بفضل رجال أعمال وقيادات وطنية وشخصيات معطاءة بنت شركاتها وأعمالها على أرض الوطن، عملت بمسؤولية ولم تقع فريسة إغراءات الربح في الاستثمار بالخارج، وجدت أن الفرصة ممكنة على أرض فلسطين التي هي أحق بجهود أبناءها.
ومن هذا المنطلق أوصى د. زعيتر بضرورة العمل بمسؤولية، قائلا "قوموا بعملكم بمسؤولية، بنفس الوقت اهدفوا للربح" حيث يرى زعيتر أن السعي لتحقيق المكاسب المادية ليس أمرا معيبا، انما يساهم في النمو والتوسع وتشغيل الايدي العاملة وتطوير الامكانيات، مستفيدا من تجربته في مستشفى النجاح الوطني.
ويشيد زعيتر بالشخصيات الفلسطينية التي نجحت في النهوض بفلسطين لتكون علما مرفرفا على الخارطة العالمية، يقول "لدينا شباب كثر لامعين يجب أن يكزوا على المسؤولية المجتمعية، ويخدموا في البلد ولا يهاجروا للخارج."
يشار الى أن د. فاروق زعيتر يعمل رئيس مجلس إدارة بورصة فلسطين، وقد تقلد مناصب إدارية و فنية رئيسية في مجالي الاستثمار المباشر و الغير مباشر في الدول الأوروبية و الأمريكية والعديد من البلدان العربية.
وحالياّ يشغل منصب نائب رئيس مجلس الامناء في جامعة النجاح الوطنية بنابلس – فلسطين، و قد شغل د. زعيتر سابقاّ منصب الرئيس التنفيذي لشركة فلسطين للتنمية و الاستثمار – باديكو (1999-2008). و عمل مستشاراّ مالياّ و اقتصادياّ في الصندوق العربي (1975-1979). و مستشاراّ اقتصادياّ في الصندوق الكويتي للتنمية (1979-1980) في الكويت، ونائب المدير العام ومدير الاستثمارات في شركة الساحل للتنمية و الاستثمار (1979-1990) في الكويت أيضاّ.