الرئيسية » الاخبار الرئيسية » أقلام اقتصادية »
 
04 تشرين الأول 2018

أزمة "الثقة" بين المواطنين وشركتي الاتصالات تنذر بمخاطر مستقبلية

بقلم: عماد الرجبي
صحفي اقتصاد

عماد الرجبي- بوابة اقتصاد فلسطين

"فقدان الثقة".. هي الأزمة الناشبة حاليا بين المواطنين وشركتي الاتصالات الفلسطينية، والتي تنذر بمخاطر مستقبلية خاصة على قطاع الاتصالات حال لم يتم معالجتها بسرعة قبل فوات الأوان.

فمنذ بدء عمل "جوال" 1999 و"الوطنية موبايل" 2006 في فلسطين لم تفلح الشركتان في إزاحة هذه الفجوة من خلال الخدمات والأسعار التي يقدمانها للمشتركين، بل يبدو أن سياساتهما عمقت الأزمة؛ ما يستدعي ضرورة النظر في سياسات جديدة تراعي متطلبات المواطنين وتجد حلولا للمشاكل التي يعانوا منها.

الحقائق.. لا تصدق!

تؤكد الشركتان والحكومة وتقارير دولية أن قطاع الاتصالات يتعرض لضغوط كبيرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي فهو من يتحكم بالترددات والمعدات إضافة إلى أن منافسة الشركات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير شرعية نظرا لانتهاكها الأراضي الفلسطينية المحتلة دون دفع أي نوع من الضرائب.

ورغم ذلك، فان تلك المعطيات الحقيقية لم تؤثر على المشتركين بل زادتهم سخطا على الشركات الفلسطينية ما يشير إلى عمق الأزمة بين الطرفين. أزمة، تكمن خطورتها بأن المواطنين لم يعودوا يؤمنوا بالحقائق والمصارحة الصادرة من الشركتين والتي تعد من أفضل الوسائل لمخاطبة الجمهور في علم الإعلام.

ويظهر احتجاج مشتركي الشركتين بشكل واضح على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة على صفحة حراك "بكفي يا شركات الاتصالات" التي تضم حوالي 394 ألف شخص إضافة لما يتم تداوله في الجلسات بين الناس.

وارتفعت حدة الاحتجاجات على أداء الشركتين بعد إطلاقهما لخدمات الجيل الثالث التي لم ترقَ لتطلعات المشتركين خاصة بعد مقارنتهم للخدمات المقدمة في إسرائيل ودول الجوار ومن أهمها الأردن. مقارنة، رغم صحتها على أساس قطاعي لكن فيها نوع من الظلم بسبب اختلاف الظروف السياسية ووجود الاحتلال.

وظهرت نقمة المواطنين بشكل واضح على الشركات الفلسطينية بعد القرار الإسرائيلي غير القانوني، بنشر أبراج لتقوية شبكاتها لخدمة المستوطنين في الضفة الغربية.

وأمام هذا، حذر خبراء اقتصاد ووسطاء ماليون شركتي الاتصالات من خطر تلك الخطوة الإسرائيلية الأخيرة التي ستؤدي إلى خفض أرباحهم في المستقبل إذا لم يتم معالجة القضية رابطين ذلك بغضب المواطنين على أداء الشركتين كما طالبوا بضرورة تحسين أداء وأسعار الخدمات، وفقا لمقابلات صحفية سابقة.

من أسباب انخفاض الثقة

تعود خلفيات استشاط المواطنين على الشركتين منذ نشأت "جوال" وملاحظة انخفاض أسعار خدماتها بعد دخول المنافس "الوطنية موبايل" إضافة إلى عدم رضاهم عن أسعار خدمات الجيل الثالث.

كما أن المواطنين لديهم سخط كبير على أسعار الانترنت لا سيما بسبب إجبارهم على دفع تكاليف خط النفاذ في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية التي تزداد يوما بعد يوم.

ويزداد غضب المواطنين عندما يرون ارتفاع الأرباح للشركات لا سيما الاتصالات الفلسطينية ويعملوا على مقارنتها بالخدمات والأسعار المقدمة لهم.

وأمام تلك الأسباب بات المواطن يشعر بـ "الاستغلال" من قبل الشركتين وإدارة الظهر لآرائهم، وفقا لما يتم تداوله على صفحات التواصل الاجتماعي، بل أكثر من ذلك أصبح الكثير منهم يعتقدون أن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تنحاز إلى الشركتين، وفق آرائهم المنشورة غالبيتها على صفحة "بكفي يا شركات الاتصالات". يأتي ذلك وسط تأكيد الوزارة أن دورها رقابة وتنظيمي ودعوتها في عديد من المناسبات إلى ضرورة خفض الأسعار للوقوف أمام كافة التحديات.

الحوار مع المواطنين

لم تكذب أو تنافق شركات الاتصالات عندما قالت في أكثر من مناسبة إنها تواجه بمنافسة غير عادلة من قبل الشركات الإسرائيلية فكانت صريحة جدا مع مشتركيها في هذا الجانب. لكن الأمور تعقدت جدا إذ "ضاعت" الثقة بين المواطنين والشركة خاصة إن المواطنين باتوا يعتقدون أن الأطراف المعنية والشركتان "تديران ظهورهم لآرائهم".

لذلك، بات من الضروري إعداد دراسات جديدة حول سلوك المواطنين والوقوف على أسباب غضبهم لتستطيع الشركات معرفة كافة المشاكل وتعالجها بأسرع وقت ممكن.

كما أنه من ضروري تعميق الحوار بين الشركتين والمواطنين وكافة الأطراف لمعرفة مشاكل المواطنين في قطاع الاتصالات وإيجاد حلول لها ما يؤدي بعد ذلك إلى إعادة الثقة وتغيير الرأي العام.

وأيضا، إعادة النظر في السياسات الإعلانية ذات النجاح المرحلي القائمة على الجوائز؛ لتحفيز المشتركين على زيادة الإقبال على خدمات الشركات إضافة إلى سياسات التسعير ونوعية الخدمات.

إن إيجاد حلول لأزمة "الثقة" صارت ضرورة في وقتنا ولمستقبلنا، خاصة وأن إسرائيل قالت إنها ستنشر المزيد من الأبراج التابعة لها في الضفة ما يعني المزيد من الخسائر الفادحة للشركات عبر شراء المواطنين شرائح هواتف إسرائيلية، ناهيك عن أي تحديات جديدة قد تطرأ وستؤثر على قطاع الاتصالات.

وتبقى مناداة الشركات بمعاقبة مستخدمي الشرائح الإسرائيلية أمر قانوني لكنه في النهاية علاج يعمل على حل المشكلة سطحيا بينما حلها بشكل نهائي فانه يستوجب إعادة بناء الثقة القوية مع المواطنين.

كلمات مفتاحية::
هل تتفق مع ما جاء في هذا المقال؟