الرئيسية » الاخبار الرئيسية »
 
02 أيلول 2020

كيف يمكن التصدي لقرار ضم مناطق من الضفة الغربية المحتلة؟

بوابة اقتصاد فلسطين

في ورقة بحثية أعدها معهد ماس حول "مواجهة الآثار الاقتصادية للقرار الإسرائيلي بضم مناطق من الضفة الغربية المحتلة"، قال معد الورقة الباحث مسيف جميل أن الضم ليس سوى تشريع للاستعمار الاستيطاني وأن هذه الخطة ليست مفاجئة وتأتي ضمن خطط إسرائيلية ممنهجة بشكل تاريخي. فقد بدأت سياسة الضم منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 مروراً بضم القدس الشرقية وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل عام 1980، وضم الجولان السوري عام 1981، ناهيك عن الاستمرار في مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وبناء جدار الفصل العنصري الذي ضم فعلياً 9.4% من الأراضي الفلسطينية، وقسم القرى والمدن الفلسطينية. بمعنى أنه لا يوجد فرق بين الضم بالقوة والقانون، فهما وجهان لنفس العملة الاستعمارية المتواصلة منذ قرن.

كما أكد جميل على أن الضم يعتبر خرقاً جديداً للقوانين والمعاهدات الدولية، إضافة إلى الخروقات العديدة التي قام بها الاحتلال الإسرائيلي، مما أدى إلى إثارة ضجة سياسية ودبلوماسية واسعة النطاق، وأسفر عن بروز مواقف رسمية من القيادة الفلسطينية ومن المجتمع الدولي وبعض الدول العربية مثل الأردن، الرافضة وبشدة لهذا الضم الجديد. فكان الموقف الرسمي للقيادة الفلسطينية أن أعلنت القطيعة مع الادارة الأمريكية، ووقف التنسيق الأمني، بالإضافة الى وقف العمل باتفاقيات أوسلو وغيرها كتعبير صارخ عن رفضها لهذه الرؤية وهذا الضم.

"الضم" تدمير للتنمية والاقتصاد

وفيما يتعلق بالآثار المترتبة على الضم في منطقة غور الأردن ومناطق "ج" تحديداً، أكد الباحث على أن إجمالي الآثار السلبية الاقتصادية المباشرة لعملية الضم تتمثل في فقدان كافة مقومات التشغيل والاستثمار، وبالتالي تراجع العملية التنموية بسبب عدم القدرة على تأسيس بنية تحتية للتوسع العمراني والاستثماري، وبتر التواصل الجغرافي الذي سيؤثر سلبا على حركة التجارة والاستثمار وحركة الأفراد ورأس المال وخلق بيئة استثمارية طاردة، وخسارة كبيرة في موارد الإيرادات التي تغذي الخزينة الفلسطينية، وعدم السيطرة على مخزون الموارد الطبيعية الذي سيخدم التنمية المستقبلية، والذي يتمثل في الأرض أولا، والمياه، والمعادن، والفوسفات، والمواد الخام الأخرى، والطاقة البديلة الممكن انتاجها وخاصة في مناطق الأغوار.

وأوضح الباحث أن هذا الضم كفيل بتدمير جدوى الاقتصاد الفلسطيني من خلال تكريس السيطرة الإسرائيلية على المعابر مع الأردن، واجبار الفلسطينيين على استخدام الموانئ الإسرائيلية، وحرمانهم من إنشاء ميناء ومطار خاص بهم، وربط ذلك بلائحة اشتراطات طويلة. هذا بالإضافة إلى ضم غور الأردن بالكامل، وكافة المستوطنات والبؤر الاستيطانية الإسرائيلية، وإنشاء شبكة طرق وأنفاق وجسور لربط هذه المناطق بإسرائيل، بما ينذر بموجة جديدة وغير مسبوقة من مصادرة أراضي المواطنين الفلسطينيين. مثل هذا الضم سيكبل ويكبح أي تخطيط اقتصادي تنموي وطني، وذلك بسبب فقدان الفلسطينيين كافة المزايا الاقتصادية التي تدعم العملية التنموية، وتكبد الاقتصاد الفلسطيني 23% من ناتجه المحلي.

ما يمكن عمله

وخلال استعراض الورقة البحثية التي تم عرضها ونقاشها في "ماس" استعرض المدير العام للمعهد رجا الخالدي ما يمكن عمله لمواجهة هذه الخطة، منوهاً إلى أهمية الإغاثة الإنسانية. فرغم التزايد الأخير في مشاريع وتدخلات العديد من المؤسسات الدولية العاملة ضمن الحيز التنموي المحدود والمتاح في هذه المناطق المحتلة، إلا أنها لا تكفي لإحداث أي تأثير دائم في معالجة حالة الفقر وضعف الاقتصاد ومعاناة السكان في هذه المناطق، والحفاظ على الحقوق والممتلكات والأراضي ومنع التوسع الاستعماري والضم لغاية يومنا هذا. ونوه إلى أن إطار التدخل يجب أن يقوم على عدة مستويات؛ مستوى القاعدة وهي تعتبر الموجه والمحرك للتدخلات الإنمائية المحتملة، وأكد على دور المجتمع الدولي والمحلي والأهلي والرسمي في تسهيل وتشجيع المعاملة التفضيلية لصالح المناطق المهددة. أما المستوى الثاني فيعتمد على السلطة الوطنية التي لها دور قيادي وتنسيقي وتعبوي وسياسي/دبلوماسي في دعم القاعدة من خلال قوانين وإجراءات محابية للفقراء. كما لها دور في القضايا الاقتصادية والاستثمارات الكبرى والتعامل مع احتياجات السكان والفرص الاستثمارية الصغيرة في مناطق "ج" ضمن رؤية تنموية وطنية.

وشدد الخالدي على ضرورة القيام بعدة تدخلات فورية مكملة لبعضها وممكنة ومنها تفعيل التخطيط والتوسع العمراني بما يخدم تجسيد الهوية الوطنية الفلسطينية، وتوسيع العمل في هذه المناطق كأولوية وطنية، تنطلق من احتياجات المجتمع الفلسطيني التنموية.

دعوة لمقاومة محاولات تهجير البدو بالأغوار

من جهته، بدأ وليد عساف رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مداخلته بالتركيز على ضرورة فهم الواقع القانوني للمناطق "ج"، وكيف حول الاحتلال الوقائع على الأرض إلى حقائق تمهيداً وتسهيلاً لضمها، وبناء على هذا الفهم يجب أن يتم تحديد ما يمكن عمله. ودعا عساف في ختام مداخلته الى ضرورة مقاومة التهجير القسري للمجتمعات البدوية القاطنة في الأغوار وضرورة دعمها ومساندتها وذلك من خلال تزويدها بالخدمات الأساسية. كما أشار الى ضرورة توسيع العمل والاستثمار في المناطق "ج". وركز عساف على أوضاع الفلسطينيين الـ 17,000 المقيمين في تجمعات بدوية، بالإضافة للقرى الفلسطينية في مناطق "ب" المستهدف ضمها، وأشار الى أهمية تعزيز قدرتهم على الصمود وضرورة تأمين الأساسيات الأربع لمقومات الحياة الكريمة: التعليم، والصحة، والماء، والكهرباء، حيث يشكل هؤلاء "الذخيرة" في معركة مكافحة الضم والاستيطان.

من جانبها ركزت فاتنة الهودلي المستشارة في دائرة شؤون المفاوضات في مداخلتها على التعريف بخطط الضم الإسرائيلي بأنواعها، وقد نوهت الهودلي بأن خطة الضم الجديدة تستهدف الضفة الغربية بشكل أكبر من قطاع غزة، وبناء على هذه الخطة سيتم عزل الضفة وتقسيمها، وإبقاء الفلسطينيين في مناطق معزولة. وقد شددت الهودلي أن ترجمة هذه الخطة على الأرض سيحرم الفلسطينيين من الحدود الدولية، وأن فرض السيادة على الأرض بالقوة مخالف لما جاء به القانون الدولي.

كما تطرق مازن سنقرط  رئيس مجلس إدارة ومدير عام مجموعة شركات سنقرط العالمية في مداخلته إلى الأسباب التي حدت من الاستثمار في مناطق "ج"، ويتمثل أهمها في أن معظم السياسات الفلسطينية تركز على الاستثمار في المناطق "أ"، بالإضافة إلى تخوف البنوك من إعطاء قروض في المناطق "ج". وذكر سنقرط أن حجم الاستثمار الإسرائيلي في المناطق "ج" والمقدر بحوالي نصف مليار دولار قد خصص أغلبه للاستثمار في الزراعة. ودعا سنقرط إلى وضع خطة أو رؤية تنموية بعيدة المدى لمناطق الاغوار (2020-2050) تسهم بتحويل الأغوار "لمنطقة اقتصادية خاصة"، نظرا لإمكانية التوسع بها مقارنة بالمناطق الأخرى. وقد دعا سنقرط إلى ضرورة اشراك أطراف ثالثة كالاتحاد الأوروبي مثلا من أجل الدفع باتجاه تحقيق مثل هذه الرؤية، حيث أن نجاح تنفيذ هذه الخطة سيشكل الدعامة الأساسية لتشكيل كثافة سكانية طاردة للاستيطان في مناطق الاغوار.

"العقبة" تجربة فريدة

فيما تحدث سامي صادق، رئيس بلدية العقبة، عن التجربة الفريدة والناجحة لبلدية العقبة في مواجهة الاحتلال وممارساته، إذ استند نجاح هذا النموذج إلى ثلاثة محاور أساسية: الاعلام، والقانون، ودعم الدول المانحة. وتكمن أهمية هذه التجربة في كونها تدعم وجود المواطنين على أرضهم. وشدد صادق على ضرورة أن تحتذي باقي البلديات في الأغوار بهذا النهج من أجل دعم وجود المواطنين في مناطق الأغوار. وقد ذكر صادق أن احد أهم العوامل التي تشجع الاحتلال على ضم المناطق "ج" في الأغوار، خلوها من السكان وذلك بسبب عدم وجود إجراءات على الأرض تدعم وجود السكان، وقد ذكر صادق بأنه قد تم منح نحو 80 منزلا رخصا للبناء منذ العام 2006 في بلدية العقبة.

من جانب المشاركين، دعا منيب المصري إلى ضرورة وضع خطة مدروسة لمواجهة الضم، وعلى ضرورة أن يكون هناك دور فاعل للفلسطينيين في الخارج في دعم هذه الخطة بدلا من الاتجاه للتعاون مع طرف خارجي. وبدوره أثنى طلعت علوي على التجربة الناجحة والفريدة لبلدية العقبة، ودعا إلى ضرورة أن تكون منطقة الأغوار منطقة اقتصادية حرة، ودعا أيضا إلى ضرورة العمل على الغاء تواجد أي مكاتب ضريبية في مناطق الأغوار.

كلمات مفتاحية::