الرئيسية » أقلام اقتصادية » الاخبار الرئيسية »
 
24 أيلول 2020

خطاب جوكووي في الأمم المتحدة: محاولة الاعتدال وضمان العلاقات مع فلسطين

بقلم: كورنيليوس بوربا
مدير تحرير- جاكرتا بوست

ترجمة خاصة- بوابة اقتصاد فلسطين

في أول خطاب له أمام أكبر قمة متبادلة للأمم المتحدة، ألقى الرئيس الأندونيسي المنتخب جوكو ويدودو، يبرز تحفظه من قضية فلسطين. ذلك وملاحظته الختامية الغريبة، تجعل من الصعب على الصحفيين التركيز على الجزء الأكثر إثارة للاهتمام من تصريحاته.

قرر الرئيس اللعب بأمان والاعتدال للتأكد من عدم تضرر أجندته المحلية الملحة، فهو لا يريد أن يبدو يثير أية جدل. وفي الوقت الحالي ، لدى جوكووي أولويتان: توفير لقاحات فيروس كورونا بأسعار معقولة وإحياء اقتصاد كان على وشك الانهيار.

في حين كان بيانه الوحيد حول فلسطين "تدعم إندونيسيا باستمرار فلسطين للمطالبة بحقوقها". وكانت السلطة الفلسطينية وقيادة حماس تتوقع أن تنقل إندونيسيا، أكبر دولة ذات غالبية مسلمة في العالم، رسالة دعم قوية أو على الأقل عزاء. لكن يبدو أن جوكوي عازم على تجنب موقف واضح.

وإذ تجنب الرئيس الأندونيسي أي تصريحات حساسة أو جدلية، فيما رآه البعض خوفا من الدول العظمى والغنية. جاء ختام حديثه عجيبا للبعض، فعادة ما يخاطب القادة الإندونيسيون، بمن فيهم جوكووي، الجمهور باللغة العربية. لكنه أبقى الأمر بسيطًا جدًا. وبحنكة أنهى خطابه قائلا "هذا كل ما لدي".

كان ينبغي لجوكووي أن يعرف في وقت سابق أن العديد من قادة العالم مثل الرئيس ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيستغلون الفرصة للتباهي بقيادتهم أو لمهاجمة دول أخرى.

 وعلما بأن كبير الدبلوماسيين في جوكوي، ريتنو إل بي مارسودي، قد أطلع الرئيس على الأزمة العالمية الحالية وكيف ينبغي لإندونيسيا أن تتخذ موقفًا بشأن أربع قضايا على الأقل. كان يبدو أن الرئيس وافق، لكنه فضل إيصالها بطريقة خفية.

أولاً، تناول جائحة الكورونا. ثانياً، التوترات في بحر الصين الجنوبي. ثالثا، تخلي بعض الداعمين من الدول العربية عن الشعب الفلسطيني. ورابعًا ، احتضار التعددية في العلاقات العالمية.

حول الوباء ، قال الرئيس ، "في الوقت الذي يجب أن نتحد ونعمل معًا للتصدي للوباء، ما نراه بدلاً من ذلك هو الانقسام العميق والمنافسات المتزايدة". كان الرئيس مترددًا أيضًا في مخاطبة الصين مباشرة في بحر الصين الجنوبي، ربما لأنه يتوقع الكثير من الصين بشأن إمدادات اللقاح ولا يريد تعريض علاقاته الجيدة مع الرئيس شي جين بينغ للخطر.

وفي دعمه للتعددية، اختار جوكووي تجنب الهجوم غير الضروري الذي كان سيتعرض له من الرئيس ترامب، المعروف بأنه خصم التعددية من خلال عقيدة "أمريكا أولاً".

رأي الكاتب (كورنيليوس بوربا)

في البداية، تمنيت أن يتعامل جوكووي بشكل خاص مع القضية الفلسطينية. ونظرا إلى دعمه القوي لقضية فلسطين في كفاحها من أجل الاستقلال، فإن جوكووي، بطريقة غير تصادمية، سيذكر العالم بخطورة عزلة قضية فلسطين من اتفاقيات السلام بين إسرائيل والعديد من الدول العربية.

لقد اختار الرئيس عن قصد أن يتصرف باعتدال، إذ امتنع عن انتقاد أي دولة، رغم أنه من الواضح أن فلسطين ستترك وحدها في السعي عن سلام دائم في الشرق الأوسط.

كان جوكووي قد تجنب المشاركة باجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة لست سنوات حتى العام الماضي، عندما اتخذ قراره وخطط لإلقاء كلمة هذا العام، الذي يتزامن مع الذكرى الخامسة والسبعين للأمم المتحدة.

و بعد أن رفض جوكووي الذهاب إلى نيويورك العام الماضي، على الرغم من أن إندونيسيا نجحت في الحصول على مقعد غير نيابي في مجلس الأمن الدولي. كان ظهور جوكووي يوم الأربعاء متأخرا، ذلك بأنه لم يتمكن من إلقاء خطابه إلا بشكل افتراضي.

منذ البداية، كان جوكووي يعطي لقضية فلسطين أولوية باعتبارها جوهر جدول أعمال سياسته الخارجية. وكرر تعهد إندونيسيا بعدم الاعتراف بإسرائيل كدولة ذات سيادة حتى تصبح فلسطين دولة مستقلة عاصمتها القدس. وكان رؤساء إندونيسيا السبعة جميعا يدافعون بصوت عالٍ عن فلسطين، بما في ذلك عندما حضر وفد فلسطيني مؤتمر آسيا وأفريقيا في باندونغ في عام 1955.

 لكن اثنين فقط من الرؤساء بدأوا محادثات مع إسرائيل. سوهارتو، الذي كان يحاول أن يصبح صانع سلام، كان دعا سرا رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين إلى مقر إقامته الخاص في جاكرتا في أكتوبر 1995. والرئيس الرابع، عبد الرحمن "جوس دور" وحيد، المسلم المعتدل، عبر بصراحة عن نيته فتح علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، قائلا إنها الطريقة الأكثر فعالية لتمكين إندونيسيا من التوسط في مفاوضات الشرق الأوسط.

جاء بيان جوكووي الناعم بشأن فلسطين مخيبا للآمال. فهو لا يختلف كثيراً عن القادة المسلمين الآخرين، الذين يدافعون بفتور عن فلسطين فقط بما يصل غايات بلادهم.

فلو كنت أنا الرئيس الإندونيسي، لذكّرت العالم الإسلامي بألا ينسى محنة الشعب الفلسطيني التي استمرت لعقود، كما كنت لأخبر القادة الفلسطينيين أنهم مسؤولون جزئياً عن تدهور الوضع.

في ختام حديثي، اسمحوا لي أن أنهي هذا العمود باقتباس الرئيس جوكووي "هذا كل ما لدي!" ----------

 

هل تتفق مع ما جاء في هذا المقال؟