الرئيسية » أقلام اقتصادية »
 
25 آذار 2021

هل يجوز فصل العامل لعدم التزامه بالبروتوكول الصحي؟ عمر صبرة – باحث قانوني

بقلم: عمر صبره
باحث قانوني

مازالت فلسطين تواجه جائحه وبائية بفايروس كورونا (كوفيد-19)، وبسببه تقوم الدولة بعمل توازن ما بين مواجهة الوباء ومكافحته من جهة وإعادة الحياة للاقتصاد الفلسطيني من جهة أخرى.

ونتيجة لهذا الوباء أصبحنا بحاجة إلى دراسات قانونية لدراسة العلاقة بين أصحاب العمل والعامل بسبب عدم معالجة قانون العمل للمستجدات التي تلبي احتياجات طرفي العمل، وطرحت تساؤلات عدة هل يحق لصاحب العمل أن يجبر العامل بالعمل خلال فترة الوباء؟ وهل يحق للعامل الأجر وهو في بيته حفاظًا على صحته من أجل أن لا يصاب بهذا الوباء؟ وهل على صاحب العمل التزامات من أجل توفير مستلزمات البروتوكول الصحي العام؟ وهل من حق صاحب العمل إلزام العامل بارتداء الكمامة والقفازات ومستلزمات البروتوكول الصحي بمكان العمل؟ وهل يحق لصاحب العمل منع العامل من العمل إذا لم يلتزم بالبروتوكول الصحي؟ وهل يحق لصاحب العمل بفصل العامل لتكرار عدم التزامه بالبروتوكول الصحي؟ وهل فصله فصل تعسفي لعدم الالتزام بالبروتوكول الصحي؟

إن قانون العمل الفلسطيني (7) لسنة 2000 لم يتعرض لأحكام التزام العامل وصاحب العمل بالبروتوكول الصحي لحداثته، بل ترك باب النقاش المجتمعي مفتوحًا حول علاقة العامل وصاحب العمل، ويرجع التزامات طرفي الإنتاج إلى البروتوكول الصحي الصادر عن وزارة الصحة.

ما هو البروتوكول الصحي؟

يعتبر البروتوكول بوجه عام القاعدة التي يجب التصرف وفق القواعد أو الإجراءات المكتوبة له، فقد يكون بروتوكولًا دبلوماسيًا، أو صحيًا، أو بيئيًا، أو طبيًا.. ألخ.

فيعتبر البروتوكول الصحي هو عبارة عن مجموعة من القواعد أو التوجيهات أو الإجراءات التي يجب اتباعها لمواجهة وباء أو فيروس أو مرض.

إن وزارة الصحة الفلسطينية مثل كل وزارات العالم، ومنظمة الصحة العالمية وضعت بروتوكولاً صحياً لمواجهة وباء جائحة فيروس كورونا، ويعتبر البروتوكول العام ملزمًا لكافة أفراد المجتمع؛ فقسمت البروتوكول بإجراءات الصحة والسلامة العامة الوقائية الواجب اتباعها من قبل المؤسسات والشركات والمحال التجارية والمهن وسائقي مركبات النقل العام والمواطنين.

إن وزارة الصحة تلزم الجميع بتطبيق البروتوكول ومعاقبة من يخالفه إضافة كما نصت عليه المادة (9) من قانون الصحة العامة رقم (20) لسنة 2004 (تقوم الوزارة وبالتنسيق مع الجهات المختصة بمكافحة الأمراض المعدية وغير المعدية والوراثية بالوسائل كافة. وعليها مراقبة معدلات انتشار تلك الأمراض من خلال جمع المؤشرات اللازمة).

وبالإضافة لدور وزارة الصحة لتنفيذ قانون الصحة العامة، فإن المادة (83) تنص (على مجلس الوزراء إصدار الأنظمة أو اللوائح اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون).

وقد وضع قانون الصحة العامة عقوبات على من يخالف الإجراءات المقررة (كالحبس والغرامة وتشديد العقوبات) وفق القانون لمواجهة الوباء.

ما هي التزامات صاحب العمل بالبروتوكول الصحي؟

يترتب على صاحب العمل مجموعة الالتزامات التي يجب اتباعها لتنفيذ البروتوكول الصحي وفق ما يلي:

الالتزام بممارسة الأعمال حسب أيام العمل التي تحددها الحكومة، إضافة لالتزامها بالإغلاق وفق الأيام التي تفرضها، وضمان سلامة العاملين، ومنع أي عامل يظهر عليه أي أعراض مرضية من العمل حماية للعامل والعاملين الآخرين، وتوفير كافة مستلزمات الحماية من الوباء كوضع لافتات إرشادية توعوية توضح آليات السلامة، إضافة لتوفير المعقمات والمطهرات المطابقة للمواصفات، والكمامات والقفازات للعاملين، والعمل على التباعد بين العاملين، وتعقيم مكان العمل بشكل دوري وبانتظام.

ما هي التزامات العامل بالبروتوكول الصحي؟

إن على العامل مجموعة التزامات تترتب عليه خلال العمل فعليه الالتزام بالعمل بالوقت المحدد له وفق ما حدده له صاحب العمل، وعليه ارتداء الكمامات بوقت العمل ومن لحظة خروجه من منزله حتى العودة إلى منزله، ويجب عليه عدم الخروج من المنزل والذهاب إلى مكان عمله إن ظهرت عليه أعراضًا مرضية من ضمن أعراض الوباء، والالتزام بالحجر المنزلي حتى لا يعدي الآخرين بنقله الوباء لخروجه من الحجر.

وعلى العامل أيضًا الالتزام بالتباعد الجسدي، وكذلك قيامه بغسل يديه وتعقيمهم بشكل دوري حفاظاً على نفسه وعلى الآخرين.

هل يحق لصاحب العمل فرض عقوبات على العامل غير الملتزم بالبروتوكول الصحي؟

إن مكافحة الوباء واجب ملزم على صاحب العمل والعامل، وعليهم أن يقوما باتباع البروتوكول الصحي للحفاظ على أنفسهم والآٔخرين، لأن هذا الفايروس هو معدي وينتقل إلى الآخرين بسرعة من خلال الاختلاط المباشر.

وعليه، فإن على العامل الالتزام بالبروتوكول الصحي وارتداء الكمامة بشكل دائم مادام على رأس عمله، وعلى صاحب العمل توفير كافة مستلزمات الوقاية الصحية من معقمات وقفازات وكمامات وإلزامه للعامل بارتدائها، حيث أصبح له سلطة إجبار من قبله للعامل على الالتزام بالبروتوكول الصحي، وفي حال عدم التزام العامل يحق فرض عقوبات على العامل بعقوبات تدريجية وفق مصفوفة العقوبات المقررة من قبل وزارة العمل.

وكذلك من حق العامل ترك مكان العمل لعدم توفر مستلزمات البروتوكول الصحي وفق الإجراءات المقررة من قبل وزارة الصحة وتركه للعمل، وهنا ليس استنكاف عن العمل، بل هو حق لحماية صحته.

هل فصل العامل لعدم التزامه بالبروتوكول الصحي فصل تعسفي؟

إن تكرار قيام العامل بعدم اتباع إجراءات البروتوكول الصحي بالتعقيم وارتداء الكمامات والتباعد والذهاب إلى العمل، وعليه أعراض من أعراض إصابته بالمرض بفايروس كورونا، مع توفير صاحب العمل كافة الالتزامات المطلوبة منه وتأكيده على العامل بضرورة الالتزام بارتداء الكمامة والتعقيم والتباعد وتكرار تنبيه للعامل بضرورة الالتزام بالكمامة والتباعد وتدرجه بالتنبيه على العامل شفويًا وكتابيًا لعدم الالتزام، فيحق له ممارسة أقصى أنواع العقوبات وفق لائحة العقوبات المعلنة من قبل صاحب العمل.

ويحق لصاحب العمل إجبار العامل بالخروج بإجازة إجبارية نتيجة عدم التزامه بالبروتوكول الصحي، ويحق لصاحب العمل بعد استنفاذ كافة العقوبات التدريجية مع العامل غير الملتزم بارتداء الكمامة بإنهاء خدمات الموظف ولا يعتبر هذا الإنهاء فصلا تعسفيًا، حيث نصت المادة 40 من قانون العمل الفلسطيني (لصاحب العمل إنهاء عقد العمل من طرف واحد دون إشعار مع حقه في مطالبة العامل بكافة الحقوق الأخرى عند ارتكابه أياً من المخالفات).

وعملاً بنص الفقرة 3 من المادة (40) من قانون العمل الفلسطيني التي تنص (تكراره مخالفة النظام الداخلي للمنشأة المصادق عليه من وزارة العمل أو التعليمات المكتوبة الخاصة بسلامة العمل وصحة العمال رغم إنذاره بها حسب الأصول).

علمًا بأن المشرع لم يحدد عدد مرات تكرار الإنذار، ولكن محكمة النقض الفلسطينية (حكم رقم 31/2010 بتاريخ 7/4/2010) اعتبرت أن الإنذار يكون مرة على الأقل، أما محكمة التمييز الأردنية (حكم تمييز رقم 1947/98) (حكم تمييز رقم 705/2000 بتاريخ 8/6/2000) اعتبر الإنذار مرتين على الأقل قبل الفصل.

وعليه، فصل العامل غير الملتزم بالكمامة لا يعتبر فصلاً تعسفيًا مادام تم التدرج بتوجيه العقوبة إليه مع احتفاظه بحقوقه العمالية الأخرى، حيث أن فصله هنا نتيجة تسببه بإيذاء الاآخرين (صاحب العمل والعاملين معه والمراجعين) هي عقوبات نتيجة عدم التزامه بالبروتوكول الصحي وبالإضافة لتسببه أضرارًا لنفسه وللآخرين.

أما بخصوص أماكن العمل التي لا يوجد لها نظامًا داخليًا والتزمت بالبروتوكول الصحي، أعتقد أنه ينطبق عليها هذه المادة بتكرار مخالفة البروتوكول بتطبيق نص المادة المذكورة أعلاه.

ختامًا.. يجب على صاحب العمل والعامل الالتزام التام بالبروتوكول الصحي مع ضرورة تشديد عقوبات أشد بحق غير الملتزم بالبروتوكول الصحي وفق قانون الصحة العامة أو عقوبة أشد بقانون آخر لتسببه الضرر للغير، وخاصة المصاب بالوباء، وهو يعلم بأنه مصاب ولا يلتزم بالحجر الصحي، إنني أوصي بفرض عقوبة بحقه بعد الشفاء بالحبس والغرامة المالية لتسببه الضرر للغير، عملا بالقاعدة الفقهية لا ضرر ولا ضرار وفق نص المادة (19) من مجلة الأحكام العدلية.

وأيضاً أوصى مجلس الوزراء أو وزير العمل بضرورة إصدار لائحة أو نظامًا يحدد الإجراءات الملزمة لصاحب العمل والعامل الخاضعين لقانون العمل لمكافحة جائحة كورونا وفق البروتوكول الصحي العام وتحديد العقوبات لغير الملتزم وتدريج فرض العقوبة حتى يكون تشريعًا ملزماً، والله ولي التوفيق.

كلمات مفتاحية::
هل تتفق مع ما جاء في هذا المقال؟