واقع ومستقبل سوق العمل في فلسطين
بوابة اقتصاد فلسطين
فلسطين خلال الحرب على غزة و ايران و غيرها من الدول تعاني من واقع اقتصادي صعب جداً، يؤثر بشكل مباشر على سوق العمل، لا سيما على فئة النساءـ الشباب، ذوي الاحتياجات الخاصة والخريجين الجدد. في وقت تتزايد فيه أعداد خريجي الجامعات سنوياً، تتدنى الفرص التقليدية للتوظيف، مما يخلق فجوة كبيرة جداً تخلق اثراً كبيرا في مستقبل جيل بأكمله. تشير اخر التقارير الصادرة عن البنك الدولي ومنظمة العمل الدولية إلى ازمة غير مسبوقة، ارتفعت معدلات البطالة فيها لمستويات قياسية، خاصة في قطاع غزة الذي يعاني من تبعات الحرب والقيود الاقتصادية. ناهيك عن الضفة الغربية المثقلة بالحصار و الاغلاقات و تقطع سلاسل القيمة و التدفق المالي بسبب قيود الاحتلال.
يجب أن لا يكون ذلك الوضع نهاية المطاف، بل نقطة تحفيز نحو التفكير خارج الصندوق. تتطلب هذه المرحلة الصعبة جدا من طلاب التوجيهي (الثانوية العامة) المقبلين على اختيار تخصصاتهم، ومن خريجي الجامعات و المعاهد الذين يخطون أولى خطواتهم في سوق العمل، فهماً لسوق العمل ودراسة استراتيجية لمستقبلهم. اكتب هنا ليس لسرد المشاكل، بل لاقدم تحليل ونصائح مبنية على خبرة و تحليل الواقع، لمساعدة الشباب الفلسطيني على اختيارني ناجح.
لفهم حجم المشكلة، لا بد من مراجعة الاحصائيات. يبين تقرير منظمة العمل الدولية ILO الصادر في يونيو 2024 عن صورة سوداء، حيث قفز معدل البطالة في قطاع غزة إلى تقريبا 80%، بينما وصل في الضفة الغربية إلى 32% مما يرفع النسبة العامة لفلسطين الى 52%. هذه الأرقام لا تعبر فقط عن أزمة اقتصادية، بل أزمة واضحة في سوق العمل. و يسلط تقرير البنك الدولي الضوء على الانكماش الحاد في الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين، ويؤكد أن القطاع الخاص الفلسطيني المعرض بقوته و مناعته ضد الصدمات ويعتبر المحرك الرئيسي للتوظيف، يعاني من ضغوط هائلة تحد من قدرته على خلق فرص عمل جديدة.
التحديات الرئيسية التي تبرز من هذه التقارير هي:
إلى طلاب التوجيهي/الثانوية العامة "قراركم اليوم يحدد مستقبلكم غداً"
ايها الخريجون الجدد: "الشهادة وحدها لا تكفي"
انتهت مرحلة الجامعة او الكلية، وبدأت رحلة البحث عم عمل. في سوق عمل ليس بالسهل، التميز هنا هو مفتاح النجاح. الشهادة وحدها لا تكفي، استثمروا في اكتساب مهارات يطلبها السوق بشدة:
ريادة الأعمال والعمل الحر
في ظل البطالة العالية و العدد القليل من الوظائف، يظهر هنا العمل الحر وريادة الأعمال كافضل الحلول المتاحة للشباب الفلسطيني. الإنترنت ألغى الحدود الجغرافية، وأصبح بإمكان أي شاب فلسطيني لديه مهارة مطلوبة أن يعمل مع عملاء من جميع أنحاء العالم من منزله وباقل الامكانيات و تحقيق دخل شهري ثابت.
منصات عالمية مثل خمسات وUpwork و Fiverr و غيرها توفر فرص عمل في خدمات في البرمجة، الهندسة، التصميم، الترجمة، الكتابة، وإدارة مواقع التواصل الاجتماعي. هذا النموذج لا يوفر دخلاً ماديا مميز فقط بل يمنح الشباب الحرية ويطور مهاراتهم باستمرار و هناك العديد من قصص النجاح الفلسطينية حول العالم.
التغلب على أزمة سوق العمل والبطالة في فلسطين لا يكون من خلال الحلول من الحكومات أو المؤسسات فقط، بل يبدأ من تغيير في طريقة تفكير الشباب و الخريجين أنفسهم. يجب التحول من عقلية "البحث عن وظيفة" إلى عقلية "خلق القيمة" و بناء العلامة التجارية. سواء كان ذلك من خلال اكتساب شهادات و مهارات مميزة، أو إطلاق مشروع او فكرة ريادية، أو تقديم خدمات للعالم عبر الإنترنت.
المستقبل و التوظيف لمن يركب القطار اولا، لمن يمتلك القدرة على التعلم المستمر والتكيف مع المتغيرات المتسارعة في فلسطين خاصة و العالم بشكل عام. بالتخطيط و التدريب و استخدام الحلول الرقمية و الذكاء الإصطناعي يمكن للشباب الفلسطيني تحويل التحديات إلى فرص.