جوجل: من مرآب في كاليفورنيا إلى بوابة العالم
بوابة اقتصاد فلسطين
في عالم التقنية المتسارع، تُروى حكاياتٌ وُلدت من رحم الطموح، ونشأت بين جدران الجامعات لتتحول إلى كياناتٍ عملاقةٍ تعيد رسم ملامح العصر. من بين هذه الحكايات، تبرز قصة "جوجل" كأحد ألمع نماذج النجاح التي غيّرت وجه الإنترنت وريادة الأعمال المعاصرة.
من "BackRub" إلى "Google": ولادة الفكرة داخل ستانفورد
في عام 1996، انطلقت الشرارة الأولى في جامعة ستانفورد، حين شرع طالبان في الدكتوراه، لاري بيدج وسيرجي برين، في مشروع بحثي هدفه تحسين طرق البحث على الإنترنت. أطلقا عليه اسم "BackRub"، واعتمد على خوارزمية جديدة لا تكتفي بالكلمات المفتاحية، بل تقيّم أهمية الصفحات استنادًا إلى الروابط المؤدية إليها — وهي النواة الأولى لخوارزمية PageRank الشهيرة.
في العام التالي، تغير الاسم إلى "Google"، مستلهمًا من المصطلح الرياضي "Googol"، ليعكس الطموح في فهرسة كمٍّ هائل من المعلومات.
وفي 4 سبتمبر 1998، تأسست شركة "جوجل" رسميًا بعد حصولها على تمويل أولي بقيمة 100 ألف دولار، لتبدأ رحلتها من مرآب متواضع في كاليفورنيا.
الهندسة في خدمة الحلم: كيف بُني صرح جوجل؟
اعتمد بيدج وبرين على لغة جافا لبناء منصة مرنة وقابلة للتوسع، قادرة على التعامل مع ملايين الطلبات بكفاءة عالية. هذا النهج البرمجي المبكر — القائم على تقييم "روابط الثقة" بين الصفحات — منح "جوجل" دقةً وسرعةً غير مسبوقتين، ما ساعدها على التفوق السريع على محركات كبرى مثل "ياهو!" و"ألتا فيستا".
نمو مذهل: من محرك بحث إلى إمبراطورية تقنية
لم يتوقف طموح المؤسسين عند حدود البحث، بل انطلقا نحو مجالات أوسع:
2004 الطرح الأولي للأسهم، ما وفّر تمويلاً ضخمًا للتوسع.
2006 الاستحواذ على "يوتيوب"، وترسيخ النفوذ في المحتوى الرقمي.
2007 إطلاق نظام "أندرويد"، الذي أصبح لاحقًا النظام الأوسع انتشارًا.
2010 إطلاق متصفح "كروم"، الذي تصدّر مشهد التصفح العالمي.
2015 تأسيس "ألفابت" لتصبح جوجل واحدة من أبرز أذرعها، مع التفرغ للابتكار في الذكاء الاصطناعي والسيارات ذاتية القيادة وغيرها.
بصمة جوجل على لغات البرمجة: "جو" و"دارت"
لم تكتفِ جوجل بتغيير طريقة استخدام الإنترنت، بل أثرت جوهريًا في هندسة البرمجيات:
لغة "Go" (Golang): صُممت لتكون بسيطة وعالية الأداء، مثالية لبناء تطبيقات الخوادم والبنية التحتية، وتبنتها شركات كبرى مثل "Docker" و"Dropbox".
لغة "Dart": طُورت لتسهيل بناء تطبيقات الويب والموبايل، وهي العمود الفقري لإطار "Flutter" الذي يتيح تطوير تطبيقات متعددة المنصات من قاعدة شيفرة واحدة.
هاتان اللغتان تعكسان روح جوجل: البساطة، الكفاءة، وقابلية التوسع.
منتجات أعادت تشكيل العالم
جوجل لم تتوقف عند البرمجة ومحركات البحث، بل أعادت تشكيل حياة البشر بأدوات مثل:
Google Maps وGoogle Earth: لتحويل استكشاف العالم إلى تجربة رقمية.
Google Translate وGmail وDrive: لتغيير مفاهيم التواصل والعمل.
استثمارات في الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والسيارات ذاتية القيادة.
ورغم هذه الابتكارات، تواجه جوجل تحديات وانتقادات تتعلق بالخصوصية والسيطرة على سوق الإعلانات.
كيف غيّرت جوجل وجه العالم؟
قصة جوجل تلخص كيف يمكن لفكرةٍ بحثيةٍ طموحة أن تُشعل ثورة تقنية تغير العالم.
بدأ كل شيء داخل قاعة جامعية، ليتحوّل إلى مشروع ينظم المعلومات العالمية، ويضعها في متناول مليارات البشر بكبسة زر.
المصدر: Codemotion | تحرير: أرقام