فائض الشيكل: قنبلة نقدية موقوتة تهدد الاقتصاد الفلسطيني
بوابة اقتصاد فلسطين
تشهد السوق الفلسطينية تفاقمًا متسارعًا في أزمة تكدس الشيكل، ما يحوّلها من إشكالية نقدية إلى تهديد فعلي للاستقرار الاقتصادي والمصرفي. ووفق سلطة النقد، وصلت مستويات التراكم إلى حدّ يهدد تمويل التجارة مع إسرائيل، في ظل رفض البنوك الإسرائيلية استقبال الفائض النقدي، وتعطّل آليات التحويل المنصوص عليها في بروتوكول باريس.
وأشارت سلطة النقد إلى أن البنوك الفلسطينية لم تعد قادرة على استيعاب كميات إضافية من النقد بالشيكل، ما ينعكس سلبًا على العمليات المصرفية اليومية للمواطنين، ويخلق بيئة مهيأة لظهور سوق سوداء لتداول العملات الأجنبية. وطالبت السلطة بتحرك دولي عاجل لإلزام إسرائيل باستلام الفائض النقدي باعتبار الشيكل عملتها الرسمية.
الخبير الاقتصادي د. مؤيد عفانة يرى أن الأزمة لم تعد فنية بل باتت عنصر تهديد مباشر للاقتصاد الوطني، في ظل تعطل المادة 27 من بروتوكول باريس، التي تتيح تحويل فائض الشيكل إلى بنك إسرائيل. وأوضح أن جذور الأزمة تعود إلى النمو الاقتصادي الفلسطيني دون تعديل سقف التحويلات النقدية، مضيفًا أن الأزمة تفاقمت بعد 7 أكتوبر 2023 في ظل التصعيد الإسرائيلي.
وأشار عفانة إلى أن استمرار الأزمة يهدد بظهور سوق سوداء للعملات الأجنبية ورفع أعباء المواطنين، خصوصًا مع فروقات الصرف واحتياجات السوق المحلية لعملات أجنبية. واعتبر التحول الرقمي في المعاملات المالية أداة مركزية للتخفيف من الاعتماد على النقد الورقي.
من جهته، أكد الصحفي الاقتصادي أيهم أبو غوش أن غياب عملة وطنية فلسطينية هو السبب البنيوي الأكبر للأزمة، مضيفًا أن البنك المركزي الإسرائيلي يرفض زيادة سقف التحويلات، ما يخلق فجوة بين العرض والطلب ويعزز السوق غير الرسمية.
أبو غوش دعا إلى تعزيز الدفع الإلكتروني وسن تشريعات تنظم التعاملات النقدية، مشيرًا إلى ضرورة إعادة التفاوض على بروتوكول باريس بما يتناسب مع نمو الاقتصاد الفلسطيني، ومؤكدًا أن استمرار الأزمة يهدد السيولة ويعمق التبعية الاقتصادية لإسرائيل.
الخبير د. ثابت أبو الروس أشار إلى أن العدوان على غزة عمّق الأزمة نتيجة توقف استقبال إسرائيل لفائض الشيكل، مما أدى إلى تكدسه داخل البنوك، في ظل تراجع القدرة الاستيعابية لسلطة النقد.
ورأى أبو الروس أن استمرار الوضع سيدفع الاقتصاد نحو التعاملات النقدية اليدوية، ما يعزز التهرب الضريبي ويوسع السوق السوداء، مشيرًا إلى ضرورة تفعيل التزامات إسرائيل ضمن بروتوكول باريس وطرح الأزمة أمام الهيئات الدولية.
أما الإعلامي الاقتصادي طلعت علوي، فحمّل الحكومات المتعاقبة مسؤولية غياب رؤية استراتيجية واضحة للتقليل من الاعتماد على الشيكل. وأشار إلى أن حركة الشيكل السنوية في السوق الفلسطينية تتجاوز 22 مليار شيكل، منها نحو 4-5 مليارات تبقى متكدسة.
وأكد علوي أن غياب أدوات تحكم من سلطة النقد وضعف تجاوب البنوك فاقم من خطورة ما أسماه "الشيكل الخامل"، محذرًا من انهيار في آلية الإيداع البنكي التقليدي وازدياد الاعتماد على الاقتصاد غير الرسمي.
في السياق ذاته، شدد د. سامح العطعوط على أن الأزمة تشكل عبئًا ثقيلًا على الجهاز المصرفي الفلسطيني، موضحًا أن الحل لا يمكن أن يكون تقنيًا فقط، بل يستوجب تدخلًا سياسيًا يفرض على إسرائيل الالتزام باتفاقية باريس ويضمن استقرار المنظومة المالية.
القدس . كوم