خبير اقتصادي: سوقنا رهينة للتهريب إلى إسرائيل… والأسعار لا تعبّر عن قدرة المواطن الشرائية
رام الله – بوابة اقتصاد فلسطين
أكد الخبير الاقتصادي د. شاكر خليل، في مقابلة خاصة مع "بوابة اقتصاد فلسطين"، أن أزمة ارتفاع الأسعار في الضفة الغربية ليست مرتبطة فقط بعوامل موسمية أو تضخم عالمي، بل تعود بدرجة أساسية إلى اختلال هيكلي في السوق الفلسطيني، ناتج عن التداخل مع السوق الإسرائيلي، وانتشار ظاهرة التهريب.
وأوضح د. خليل أن "الطلب في السوق الفلسطيني بطبيعته منخفض، نتيجة لانخفاض دخل المواطن وتراجع القدرة الشرائية، وبالتالي لا يمكن تفسير ارتفاع الأسعار على أساس زيادة الطلب. المشكلة الحقيقية تكمن في جانب العرض".
وأشار إلى أن الكميات المتوفرة في السوق المحلي تُستهلك بسرعة بفعل الطلب الإسرائيلي، قائلاً: "الاقتصاد الإسرائيلي أكبر بكثير من اقتصادنا، وعندما يعاني من نقص في سلعة ما –سواء نتيجة توترات، أو دعاية، أو حتى تقلبات موسمية– يتم سحب كميات كبيرة من منتجاتنا، غالبًا عبر التهريب، لسد هذا النقص، ما يؤدي إلى ارتفاع كبير ومفاجئ في الأسعار لدينا".
وضرب مثالًا على ذلك بأسعار الخضار، موضحًا: "قبل أيام كان سعر كيلو البندورة شيقلًا واحدًا فقط، ثم ارتفع خلال 72 ساعة إلى 10 أو 12 شيقلًا في بعض المناطق. هذا ليس ارتفاعًا طبيعيًا أو موسميًا، بل نتيجة طلبيات مفاجئة من السوق الإسرائيلي".
وأكد أن هذا النمط لا يقتصر على البندورة والخيار، بل يشمل اللحوم والفواكه أيضًا، مشيرًا إلى أن "أسعار لحمة الخروف فاقت 125 شيقلًا للكيلو، رغم قلة الطلب محليًا، وذلك بسبب سحب الكميات إلى السوق الإسرائيلي، الذي يدفع أكثر ويستحوذ على المعروض".
الحلول: ضبط التهريب وتفعيل العقوبات
وفي معرض حديثه عن الحلول، شدد د. خليل على ضرورة وقف التهريب بشكل عاجل، مشيرًا إلى أن "هذه الظاهرة أصبحت تؤثر على الاقتصاد الوطني، وتشكّل تهديدًا حقيقيًا للمستهلك الفلسطيني"، مضيفًا: "لا يمكن أن تُسعّر السلع لدينا وفق قدرة الاقتصاد الإسرائيلي، بينما يعيش المواطن الفلسطيني على دخل متدنٍّ ومتآكل".
واقترح سلسلة من الخطوات تشمل "حملات ضبط ومساءلة حقيقية ضد المهربين، وتضافر جهود وزارة الاقتصاد والزراعة والمؤسسات الرقابية، بالإضافة إلى رفع الوعي المجتمعي حول خطورة هذه الظاهرة".
حول الدعوات إلى مقاطعة السلع المرتفعة:
وعلّق الدكتور خليل على دعوات مقاطعة المنتجات مرتفعة السعر، قائلاً: "أنا لا أؤيد المقاطعة في هذه الحالة، لأن الطلب منخفض أساسًا. المشكلة ليست في قلة الطلب، بل في وجود سوق بديل يسحب هذه المنتجات. حتى إن لم يشترِ المواطن المحلي، هناك من يشتري من خارج السوق الفلسطيني، وبالتالي الأسعار لا تتأثر كثيرًا".
وختم بالقول إن "التفسير المنطقي الوحيد لهذا الاختلال هو التهريب المنظم من السوق الفلسطيني إلى السوق الإسرائيلي، وهو ما يستدعي تدخلاً حاسمًا، لأن استمرار الوضع بهذه الطريقة يعني ترك المواطن في مواجهة غلاء لا قدرة له على تحمله".