واقع إدارة المال العام في فلسطين: تحديات متشابكة وفرص استراتيجية نحو التنمية المستدامة
بوابة اقتصاد فلسطين
تعد إدارة المال العام ركيزة أساسية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتنمية المستدامة في فلسطين، حيث أن هذه الادارة ليست مجرد عملية محاسبية أو مالية، بل هي فعل سياسي وإقتصادي يتفاعل مع واقع معقد يتسم بالاحتلال، حيث القيود المفروضة على السيادة والتحديات الداخلية المختلفة والمتنوعة.
إن فهم هذا السياق هو المفتاح لإستشراق آفاق الادارة المالية العامة، التي تعد محوراً حيوياً في مسار بناء دولة فلسطينية مستقلة وقادرة على الصمود.
التحديات المعقدة لإدارة المال العام الفلسطيني في ظل الاحتلال:
تتفاعل التحديات التي تواجه فلسطين في إدارة المال العام بين أبعاد داخلية وخارجية، تجعل من الصعب تحقيق أهداف التنمية والسيادة المالية على المستوى الخارجي، حيث تؤثر القيود الاسرائيلية المفروضة على حرية الحركة والتجارة، والتي تشمل حواجز جمركية وقيوداً على تحويل الاموال بشكل مباشر على الايرادات العامة وقدرة الحكومة على ادارة مواردها، فعدم الاستقرار السياسي وانعدام السيطره الكاملة على الحدود يضعف من أدوات السلطة في فرض سياسات مالية ذاتية وفعالة.
أما داخلياً، فتعاني فلسطين من ضعف البنية التحتية المالية، ونقص الخبرات الفنية المؤهلة، وضعف تطبيق القوانين المالية الرقابية، بالاضافة الى اعتماد مفرط على المساعدات الخارجية، مما يحد من القدرة على التخطيط المالي المستدام ويزيد من هشاشة الاقتصاد.
انعكاسات الأزمة المالية على النسيج الاجتماعي والاقتصادي:
تتفاقم الأزمة المالية لتأخذ طابعاً أعمق في ظل تفاقم البطالة والفقر، وزيادة الاحتياجات الاجتماعية، مما يفرض ضغوطا كبيرة على ميزانية الحكومة الفلسطينية، وهذه الضغوط تؤدي بدورها الى تأخر في دفع رواتب الموظفين العموميين، وتقليص الانفاق على الخدمات الاساسية كالتعليم والصحة، مما يفاقم من دائرة الهشاشة الاجتماعية ويهدد إستقرار المجتمع.
كما أن النقص في السيولة النقدية يعطل تنفيذ المشاريع التنموية الحيوية، ويحد من القدرة على الاستجابة للمتغيرات الاقتصادية والاحتياجات الطارئة، مما يؤثر على ثقة المستثمرين والمجتمع الدولي في الاقتصاد الفلسطيني.
رؤى واستراتيجيات لتعزيز إدارة المال العام وتحقيق التنمية
رغم هذا الواقع الصعب، تبرز فرص استراتيجية يمكن استثمارها لتعزيز إدارة المال العام وتحويل التحديات الى فرص تنموية:
الخلاصة:
إن إدارة المال العام في فلسطين ليست مجرد مسألة فنية، بل هي في جوهرها قضية سياسية واستراتيجية تعكس تحديات السيادة والحرية الاقتصادية، ويشكل تحسين هذا القطاع محوراً رئيسياً في بناء مؤسسات لدولة فلسطينية قادرة على الصمود والتطور.
وعلى الرغم من الصعوبات، توفر التكنولوجيا الحديثة، والاصلاحات المؤسسية، والشراكات الدولية آفاقاً واعدة لتحويل الادارة المالية إلى أداة فاعلة تعزز التنمية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
كما أن التزام القيادة الفلسطينية، والتعاون مع المجتمع الدولي، والاستثمار في قدرات الانسان الفلسطيني، كلها عوامل يمكن أن تساهم في تجاوز العقبات الراهنة، وتوفير أساس متين لدولة فلسطينية مزدهرة ومستقلة.