الرئيسية » أقلام اقتصادية » الاخبار الرئيسية »
 
21 تموز 2025

مقترحات للتخفيف عن الموظفين في ظل الأزمة المالية: رؤية عملية للحكومة الفلسطينية

بقلم: د. شاكر خليل
استاذ وخبير اقتصاد

بوابة اقتصاد فلسطين

تواجه السلطة الفلسطينية أزمة مالية غير مسبوقة، نتيجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي في حجب أموال المقاصة، والتي تُشكّل ما نسبته 60-70% من إجمالي الإيرادات العامة للسلطة (وفق بيانات وزارة المالية الفلسطينية). وازدادت حدة الأزمة خلال الشهرين الأخيرين، حيث لم يتم تحويل أي جزء من هذه الأموال، مما تسبب بتعطيل دفع رواتب الموظفين العموميين، وفاقم الأوضاع المعيشية والاجتماعية في الضفة الغربية.

في ظل هذه الظروف الضاغطة، تبرز الحاجة إلى تدخلات حكومية عاجلة، واقعية، ومنخفضة التكلفة، تهدف إلى التخفيف عن الموظفين وضمان قدر من الاستقرار المالي والاجتماعي. وفيما يلي جملة من المقترحات التي يمكن للحكومة تنفيذها على المدى القصير:

أولاً: انتظام صرف دفعات جزئية

من الأفضل صرف دفعات نقدية منتظمة حتى وإن كانت صغيرة، على أن تكون شهرية أو دورية، بدلًا من دفعات كبيرة ومقطوعة وغير متوقعة. الانتظام يمنح الموظف القدرة على التخطيط المالي.

ثانيًا: قروض بمبالغ صغيرة بلا فوائد أو بفائدة رمزية

بالتعاون مع البنوك، يمكن توفير قروض صغيرة بحد أقصى 500 شيكل بدون فوائد أو بفوائد رمزية، وتأجيل سدادها لحين انتظام الرواتب. كما يمكن الترويج للبنوك التي تطبّق الفكرة من باب المسؤولية المجتمعية.

ثالثًا: إعادة جدولة القروض البنكية

على الحكومة التفاوض مع البنوك المحلية لإعادة جدولة القروض القائمة، دون فرض غرامات أو فوائد تأخير إضافية. مثل هذه الخطوة تعزز من صمود الموظفين وتقلل من حالات التعثر المالي.

رابعًا: قسائم شرائية ودعم غذائي

يمكن إطلاق برنامج بطاقات دعم شرائي بالتعاون مع كبار التجار والسوبرماركت، حيث يُمنح الموظفون ذوو الدخل المحدود أو العائلات الكبيرة قسائم غذائية أو خصومات مقابل إبراز بطاقات خاصة. يُشجَّع التجار على المشاركة مقابل حوافز دعائية أو إعفاءات ضريبية لاحقة.

خامسًا: تأجيل وتقسيط الرسوم الحكومية

ينبغي تأجيل أو تقسيط الرسوم الأساسية مثل المياه، الكهرباء، رسوم البلديات، المدارس، والجامعات الحكومية  وهذا ممكن عبر قرارات إدارية مؤقتة ولا يتطلب تكلفة مالية مباشرة.

سادسًا: دعم الأنشطة المنزلية الصغيرة

من المهم تشجيع الموظفين أو زوجاتهم على إطلاق مشاريع منزلية صغيرة، من خلال منح مبسطة، وتوفير تدريب ودعم مادي محدود من خلال الدول والمشاريع الداعمة لذلك.

سابعًا: السماح بالعمل الجزئي خارج أوقات الدوام

ينبغي إصدار تعليمات حكومية تسمح للموظفين بالعمل الجزئي أو الحر خارج ساعات الدوام الرسمي، بما لا يتعارض مع الوظيفة العامة، بهدف تعزيز دخلهم وتوسيع مصادر رزقهم.

ثامنًا: تعزيز الشفافية والإعلام الرسمي

للإعلام دور محوري في هذه الأزمة. على الحكومة شرح الموقف المالي بشفافية عبر الإعلام الرسمي ووسائل التواصل، وبيان أسباب الأزمة وخطوات المعالجة، مما يعزز الثقة ويخفف الاحتقان الاجتماعي.

تاسعًا: خطة أزمة معلنة وواضحة

من الضروري إعلان خطة طوارئ اقتصادية علنية لإدارة الأزمة، تتضمن آليات التقشف، أولويات الإنفاق، مصادر الدعم، ومدى الاستجابة الدولية، لخلق وضوح واستقرار نفسي لدى الموظفين والمواطنين.

عاشرًا: توسيع قاعدة الإيرادات المحلية

يمكن زيادة الإيرادات المحلية العادلة عبر مراجعة الجباية، مكافحة التهرب الضريبي، وتحصيل الرسوم من المنشآت الكبرى غير الملتزمة، دون تحميل الطبقات الفقيرة أي أعباء إضافية.

حادي عشر: استمرار الضغط السياسي والدبلوماسي

يجب تكثيف التحرك السياسي والدبلوماسي عبر القنوات الإقليمية والدولية لضمان تحويل أموال المقاصة، وفضح ممارسات الابتزاز المالي الإسرائيلي أمام المؤسسات الأممية.

ثاني عشر: ضرورة خطاب رسمي مباشر للمجتمع وللموظفين

يُستحسن أن يخاطب رئيس الوزراء الموظفين والمواطنين بشكل مباشر، ويضعهم في صورة الموقف والإجراءات الحكومية، مما يعزز الإحساس بالعدالة والاحتواء، ويخفف من الاحتقان الشعبي.

إن الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية تتطلب حلولًا استثنائية تعتمد على الشفافية، والمسؤولية، والشراكة المجتمعية. إن التخفيف عن الموظفين هو أولوية وطنية، لا لأنها مسؤولية أخلاقية فقط، بل لأنها ضمان لاستمرار المؤسسات، وتماسك النسيج المجتمعي، وتعزيز الصمود في وجه الابتزاز السياسي والاقتصادي. هذه المقترحات قابلة للتطبيق ضمن الموارد المتاحة، وتحتاج إلى إرادة سياسية واضحة، وحوار منفتح، ونهج إداري متوازن يُقدّم المصلحة العامة على أي حسابات أخرى.

*مع توضيح أنها حلول تخفيفية عاجلة ومؤقتة للتخفيف عن الموظفين لحين انفراج الأزمة.

 

هل تتفق مع ما جاء في هذا المقال؟