تفاصيل التحركات الفلسطينية للافراج عن المقاصة وسط تردد أميركي وضغط أوروبي
بوابة اقتصاد فلسطين
تسعى السلطة الفلسطينية، التي تواجه ضائقة مالية غير مسبوقة، إلى تحرك دولي للضغط على إسرائيل من أجل الإفراج عن أكثر من ملياري دولار من أموال المقاصة المحتجزة. في هذا السياق، أفاد دبلوماسي أوروبي ومسؤول فلسطيني لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، وترجم الخبر موقع بوابة اقتصاد فلسطين بأن القيادة الفلسطينية تدرس خيارات دبلوماسية محدودة، بينما تمضي بمساعٍ دولية مكثفة.
وكشف المصدران أن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ، وجّه رسالة إلى وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من هذا الشهر، دعاهم فيها إلى التدخل والضغط على الحكومة الإسرائيلية للإفراج عن ما يقارب 8 مليارات شيكل (نحو 2.4 مليار دولار) من إيرادات الضرائب والرسوم الجمركية التابعة للسلطة.
وفقًا للمصادر، تدرس السلطة الفلسطينية اتخاذ خطوات تصعيدية في حال استمرار حجز الأموال، بما يشمل وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، أو حتى إعلان حالة الطوارئ في الضفة الغربية. رغم أن هذه التهديدات تكررت سابقًا، إلا أن تنفيذها الكامل كان نادرًا، حيث أن التنسيق الأمني يُعتبر من العوامل التي ساعدت على حفظ الاستقرار في الضفة.
لكن مثل هذه الخطوات تحمل مخاطر سياسية وأمنية، إذ أن إعلان الطوارئ قد يؤدي إلى تدهور في الخدمات العامة، ما قد يثير احتجاجات شعبية يصعب السيطرة عليها، فضلًا عن إمكانية استغلال ذلك من قبل فصائل منافسة.
كما تبحث القيادة الفلسطينية في مخاطبة منظمات دولية ومواصلة الضغط على إسرائيل قانونيًا ودبلوماسيًا، رغم أن هذه المساعي لم تؤتِ ثمارًا تُذكر حتى الآن.
سموتريتش اتخذ خطوات أخرى لتعطيل النظام المالي الفلسطيني، من بينها توجيه وزارته للتخلي عن التعويضات التي تُمنح للبنوك الإسرائيلية عند تعاملها مع نظيراتها الفلسطينية، وهي خطوة تهدد بشل القطاع المصرفي في الضفة الغربية، الذي يعتمد على التعامل بالشيكل.
وعُرف عن سموتريتش تأييده لانهيار السلطة الفلسطينية، ما يسهل – برأيه – ضم الضفة الغربية دون منح الفلسطينيين حقوقًا متساوية.
في اجتماع عقد ببروكسل مؤخرًا، ناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي هذه الأزمة مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الذي أكد أن الملف بيد سموتريتش، بينما ترفض عدة دول أوروبية لقاء الأخير تجنبًا لمنحه شرعية سياسية.
وكان سموتريتش قد أوقف سابقًا التحويلات لعدة أشهر، قبل أن يوافق على الإفراج عنها مقابل تنازلات، منها ما نُقل عن تفاهمات مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بعدم تمرير قرار أممي ضد إسرائيل.
لكن في ظل إدارة ترامب الحالية، تبدو واشنطن أقل انخراطًا في هذا الملف، ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى تكثيف تحركاته كأكبر مانح للسلطة الفلسطينية.
قبل شهرين، دعت السلطة الولايات المتحدة إلى إرسال وفد للتحقق من تنفيذها إصلاحات بشأن مخصصات الأسرى، بعد أن وقع عباس مرسومًا يُنهي "نظام الدفع مقابل القتل". إلا أن واشنطن لم ترسل بعد أي وفد رسمي.
وفي تطور لافت، التقى السفير الأمريكي الجديد لدى إسرائيل، مايك هاكابي، يوم الثلاثاء، مع حسين الشيخ في رام الله، في أول اجتماع من نوعه. وتناول اللقاء تطورات غزة، وسبل إيصال المساعدات الإنسانية، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية بالضفة الغربية.
بالإضافة إلى احتجاز الأموال، يعاني اقتصاد الضفة من شلل بسبب وقف تصاريح العمل لما يزيد عن 100 ألف عامل كانوا يعملون في إسرائيل ومستوطناتها، ما حرم السوق الفلسطينية من تدفق مالي شهري ضخم.
كما تسببت القيود على النظام المصرفي في أزمة سيولة حادة، مع عدم قدرة البنوك على تصريف الفائض من الشيكل، مما أدى إلى شلل شبه كامل في حركة الأموال.
في ظل تفاقم الأزمة، عقد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى اجتماعًا طارئًا لمجلس الوزراء لبحث سبل التعامل مع الوضع المالي المتدهور.
ورغم دراسة القيادة الفلسطينية اتخاذ خطوات حاسمة، أكدت مصادر أن السعودية ودولًا عربية أخرى طلبت التريث، على أمل أن تُفرج إسرائيل عن ما لا يقل عن 270 مليون دولار من الأموال المحتجزة منذ مايو.
حتى الآن، لم يُظهر سموتريتش أي استعداد للتراجع، فيما لم يرد مكتبه على أي استفسارات أو طلبات للتعليق.
في ختام الأسبوع، قالت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، كاجا كالاس، إن "جميع الخيارات تبقى مطروحة" إذا لم تفِ إسرائيل بالتزاماتها بإيصال المساعدات لغزة.
وأعرب المسؤول الفلسطيني، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، عن أمله في أن يربط الاتحاد الأوروبي أيضا قراره بشأن العقوبات الإسرائيلية بما إذا كان سموتريتش يوافق على الإفراج عن عائدات المقاصة التي تفرضها السلطة الفلسطينية.
قال متحدث باسم كالاس إنهم يبحثون في الأمر لكنهم لم يردوا بحلول وقت نشر هذه القصة.
وبينما يدرس الاتحاد اتخاذ خطوات أشد حيال تأخير التحويلات، أعرب الدبلوماسي الأوروبي عن أسفه لـ"غياب شخص بالغ مسؤول" في الحكومة الإسرائيلية، مؤكدًا أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم يتدخل "لأن الولايات المتحدة لم تطلب منه ذلك".