خبير: التحالف الدولي لدعم فلسطين خطوة لإنقاذ المالية العامة وأموال المقاصة المفتاح الأساسي
بوابة اقتصاد فلسطين
في مقابلة مع الخبير الاقتصادي مؤيد عفانة، على راديو علم تطرق إلى أبرز نتائج اجتماع المانحين الدولي لدعم السلطة الفلسطينية، وناقش حجم الأزمة المالية الناجمة عن احتجاز إسرائيل لأموال المقاصة، إضافة إلى أهمية الصندوق الدولي المزمع تفعيله لدعم الخزينة العامة. كما سلط الضوء على حجم الاحتياجات الشهرية للسلطة، وجهود الإصلاح المالي والمؤسسي، ودور الدول العربية والأوروبية في مواجهة التحديات الاقتصادية التي يمر بها الفلسطينيون في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية.
حوار مع الخبير الاقتصادي مؤيد عفانة حول اجتماع المانحين وأزمة المقاصة
س: بدايةً، ما أهمية اجتماع المانحين بالنسبة للفلسطينيين؟
ج: الاجتماع جاء نتيجة جهود مشتركة بين الحكومة الفلسطينية والداعمين الدوليين. الحكومة قدمت رؤية طوارئ لستة أشهر لتعويض النقص الكبير في الإيرادات، بعد أن حجزت إسرائيل كامل أموال المقاصة، أي ما يقارب 200 مليون دولار شهريًا. الاتحاد الأوروبي أعلن سابقًا عن إنشاء صندوق لدعم خزينة السلطة، وأمس جددت رئيسة المفوضية الأوروبية الإعلان عن هذا الصندوق خلال اجتماعات الأمم المتحدة. هناك مؤشرات إيجابية نتمنى أن تُترجم إلى خطوات عملية خلال الأيام المقبلة، خاصة أن فرنسا والسعودية، بحكم رئاستهما لمؤتمر حل الدولتين، إضافة إلى دول مثل النرويج وإسبانيا، أبدت دعمًا واضحًا.
س: ما حجم الاحتياجات المالية للسلطة الفلسطينية؟
ج: السلطة تحتاج إلى نحو 400 مليون دولار شهريًا لتغطية النفقات الأساسية من رواتب وخدمات صحة وتعليم وأمن. لكن منذ مايو الماضي، أوقفت إسرائيل تحويل أموال المقاصة بالكامل، ولم يبقَ للسلطة سوى إيرادات محلية لا تتجاوز 80 مليون دولار شهريًا، وهذا مبلغ ضئيل جدًا. حتى لو فُعل الصندوق، فلن يحل الأزمة بالكامل، لكنه سيساعد على انفراجة جزئية تمكّن الحكومة من دفع جزء من الرواتب وتغطية بعض النفقات الحيوية.
س: هل يعني ذلك أن الرواتب الكاملة للموظفين غير ممكنة في ظل هذه الظروف؟
ج: نعم، بالتأكيد. فاتورة الرواتب وحدها تتجاوز 300 مليون دولار شهريًا، هذا دون احتساب النفقات التشغيلية الأخرى مثل الأدوية، التحويلات الطبية، الكتب المدرسية، وخدمة الدين العام. لذلك الصندوق قد يحقق استقرارًا نسبيًا، كما حدث في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، لكنه ليس حلًا جذريًا. الحل الأساس يبقى بالإفراج عن أموال المقاصة المحتجزة التي تجاوزت 10.5 مليار شيكل.
س: كيف ينظر المانحون إلى الإصلاحات التي قامت بها السلطة الفلسطينية؟
ج: هناك رضا عام، بدليل وجود توجهات إيجابية لدعم الصندوق. لكن يجب التأكيد أن الإصلاحات ليست مطلبًا دوليًا فحسب، بل حاجة فلسطينية ملحة لترشيد الإدارة العامة وضمان عدالة التوزيع.
س: متى يمكن أن تبدأ عملية تحويل الأموال عبر الصندوق؟
ج: من المفترض أن يتم ذلك بشكل عاجل. السلطة استنفدت كل خياراتها: الاقتراض البنكي وصل إلى الحد الأقصى، والإيرادات المحلية محدودة جدًا (حوالي 250 مليون شيكل شهريًا)، وحتى الشيكات المستحقة للسلطة لدى الشركات جرى استخدامها للحصول على قروض. الوضع صعب للغاية، ولذلك لا بد أن يكون الدعم سريعًا لتفادي الانهيار.
س: ما الدول التي يتوقع مساهمتها في الصندوق؟
ج: إلى جانب فرنسا والسعودية، هناك النرويج وإسبانيا بشكل أساسي، مع أمل أن يشمل الدعم كافة دول الاتحاد الأوروبي. ما نحتاجه الآن هو أن ينضم العرب أيضًا إلى هذا الجهد. للأسف، الدعم العربي تراجع كثيرًا؛ السعودية مثلًا لم تلتزم العام الماضي، وقدمت هذا العام 30 مليون دولار فقط. نأمل أن يُعيد الزخم الدولي الحالي تحريك الدعم العربي، خاصة من دول مثل الجزائر، العراق، ودول الخليج. من غير المنطقي أن تقود أوروبا الجهد بينما تتأخر الدول العربية.
في ظل الحرب الإسرائيلية وتداعياتها الاقتصادية، نؤكد أن المخرج الحقيقي هو استعادة أموال المقاصة. أما الصندوق فهو خطوة مهمة، لكنه لن يغني عن الحل الجذري.