الرئيسية » آخر الأخبار » اقتصاد اسرائيلي »
 
27 تشرين الثاني 2025

خفض الفائدة في إسرائيل: خطوة محدودة تحمل رسائل سياسية ومؤسسية

بوابة اقتصاد فلسطين

قرّر بنك إسرائيل خفض الفائدة الأساسية بنسبة 0.25% يوم الاثنين، 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، بعد 14 قرارًا متتالياً أبقى خلالها الفائدة دون تغيير منذ مطلع 2024. ورغم أن تأثير القرار على الاقتصاد محدود، فإن دلالاته السياسية والمؤسساتية كانت الأبرز، خصوصًا في ظل الضغوط التي تعرّض لها محافظ البنك المركزي من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ومن رؤساء القطاع التجاري.

المحافظ تمسّك باستقلالية البنك ورفض الانصياع للضغوط لخفض الفائدة بطريقة شعبوية قد تمنح حاملي القروض تسهيلات مؤقتة، لكنها تهدد بزعزعة استقرار الأسعار وإعادة إشعال التضخم. بهذا الموقف، حرص المحافظ على حماية الصلاحيات الممنوحة له بموجب قانون بنك إسرائيل لعام 2010، ومنع تكرار محاولات الحكومة إضعاف المؤسسات الرسمية واستقلاليتها.

عقدة التضخم وتاريخ الخوف من الانفلات

تجربة التضخم الحاد في أوائل الثمانينيات لا تزال حاضرة في المؤسسة النقدية الإسرائيلية. ومنذ خطة الاستقرار الاقتصادي عام 1985، لعب البنك دورًا رئيسيًا في ضبط الأسعار وحماية قيمة العملة. لهذا يصرّ البنك على أن تُبنى قراراته على معايير اقتصادية مهنية، لا على اعتبارات سياسية أو حزبية.

في المشهد الراهن، يرى المحافظ أن الحكومة تدير ميزانيتها بقدر كبير من عدم الانضباط، وسط توسع إنفاق الحرب وتدهور التصنيف الائتماني ثلاث مرات. لذلك يعتبر نفسه “المؤسسة المسؤولة” التي تحاول كبح المخاطر الاقتصادية الناتجة عن السياسات الحكومية.

الصحافي سامي بيرتس، في مقال سابق بـ"ذي ماركر"، حذّر من التداعيات الدراماتيكية لقرارات الحكومة على الاقتصاد ومن تفاقم العجز والانفلات المالي. ويرى أن على البنك المركزي التدخل أكثر للحد من هذه المخاطر، حتى لو كانت لها جوانب سياسية شديدة الحساسية.

خفض الفائدة: خطوة رمزية أكثر منها اقتصادية

بالنسبة لسموتريتش والقطاع التجاري، جاء خفض الفائدة محدودًا وغير كافٍ. فقد طالبت قطاعات الصناعة والتجارة بخفض أكبر لتحفيز النمو وخفض كلفة الاقتراض. لكن المحافظ شدّد في مقابلات لاحقة على أن خفض الفائدة بوتيرة كبيرة أو غير مدروسة قد يغذي التضخم، مشيرًا إلى أن البيئة الاقتصادية الحالية مختلفة تمامًا عن فترة ما قبل كورونا، وأن المخاطر أعلى بكثير.

وأضاف أن المؤشرات الاقتصادية العامة وتراجع التضخم قد يسمحان بخفض إضافي لاحقًا، لكنه رفض إعطاء وعود أو توقعات واضحة. كما أكّد أن الفائدة لن تعود إلى مستوياتها المتدنية جدًا التي سبقت الجائحة.

تأثير اقتصادي محدود… ورسالة سياسية واضحة

يرى المحلل الاقتصادي سفار بلوتسكير (واينت) أن خفض الفائدة بهذه النسبة الرمزية لن يؤثر كثيرًا على النشاط الاقتصادي، ولن يغيّر موازين النمو أو الدين العام أو التضخم. لكنه يرى أن الرسالة الأساسية هي إشارة إلى عودة إسرائيل تدريجيًا إلى “المسار الطبيعي” بعد عامين من الحرب.

غير أن هذه العودة تبقى مشروطة بعدم اتخاذ خطوات سياسية أو مالية غير مسؤولة قد تعيد الاقتصاد إلى دوامة التضخم والعجز. فالاقتصاد الإسرائيلي ما يزال هشًا، والتعافي يحتاج إلى ضبط الإنفاق، وتجنّب “ميزانيات انتخابية”، واستعادة قدر من الانضباط المالي.

في المحصلة، يأتي خفض الفائدة كجزء من سياسة نقدية حذرة، لكنه غير كافٍ وحده. وهو يعكس محاولة من بنك إسرائيل للقول: السياسة الاقتصادية يجب أن تُدار بعقلانية، لا تحت ضغط النزعات الشعبوية أو الحسابات السياسية القصيرة المدى.

عرب 48

 

كلمات مفتاحية::