الرئيسية » اقتصاد اسرائيلي » آخر الأخبار »
 
18 أيلول 2025

كيف تحدّى اقتصاد الحرب الإسرائيلي التوقّعات الاقتصاديّة؟

بوابة اقتصاد فلسطين

خلافًا للتجارب التاريخية التي تُظهر كيف تدمّر الحروب الاقتصادات عبر توقف الاستهلاك، إغلاق الشركات، وارتفاع البطالة، استطاع الاقتصاد الإسرائيلي منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 أن يثبت قدرة غير متوقعة على الصمود. ورغم انهيار قطاعات حيوية مثل السياحة والبناء وتراجع الصادرات، بقي الناتج المحلي الإجمالي في حالة نمو متواضع، وحافظ الشيكل على قوته، فيما واصلت بورصة تل أبيب ارتفاعها.

السر يكمن في آلية مالية غير مألوفة: بدلًا من أن يقتصر الإنفاق على شراء الدبابات والصواريخ المستوردة، ضخت الحكومة أكثر من 60 مليار شيكل (18 مليار دولار) كتعويضات مباشرة لجنود الاحتياط، أي ما يعادل 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي. هؤلاء الجنود يحصلون على رواتب تفوق المتوسط الوطني بأكثر من الضعف، مع مكافآت وخدمات إضافية، ما جعل الخدمة العسكرية فرصة اقتصادية. هذه الأموال تدفقت مباشرة إلى جيوب الأسر الإسرائيلية، التي أنفقتها على السكن والغذاء والترفيه، مما أبقى الاستهلاك المحلي محركًا للنمو.

بهذا النموذج، دمجت إسرائيل بين ما يسميه الخبراء بـ"الكينزية العسكرية" وبين عمليات موثقة كجرائم حرب؛ إذ تحولت الأجور العسكرية إلى أداة تحفيز اقتصادي داخلي. والنتيجة: اقتصاد استهلاكي قادر على امتصاص الإنفاق الهائل مع الحفاظ على مؤشرات النمو، وعلى ثقة الأسواق الدولية التي تراقب الجدارة الائتمانية للدولة.

لكن هذه الصيغة ليست محايدة اقتصاديًا، بل هي البنية المالية التي تجعل مشروع الإبادة ممكنًا وممولًا، حيث يغدو الإنفاق الاستهلاكي وسيلة للحفاظ على شرعية الدولة داخليًا وخارجيًا، وضمان استدامة العمليات الحربية على حساب الحقوق الإنسانية.

كلمات مفتاحية::