الرئيسية » أقلام اقتصادية »
 
19 تشرين الأول 2025

آفاق سوق العقارات في غزة بعد الحرب: بين الدمار وإعادة الإعمار

بقلم: منال العبد الله
باحثة في الاقتصاد العقاري

بوابة اقتصاد فلسطين

يقف سوق العقارات في غزة على أعتاب مرحلة مفصلية بعد انتهاء الحرب الأخيرة. فبحسب تقديرات محلية، تضرّر أكثر من 60 ألف وحدة سكنية كلياً أو جزئياً، أي ما يعادل نحو ربع المخزون العقاري في القطاع. هذا الدمار الواسع لم يترك أثرًا عمرانيًا فحسب، بل أحدث فجوة اقتصادية عميقة ستعيد رسم خريطة الطلب والعرض خلال الأعوام المقبلة، وتفتح الباب أمام إعادة تعريف مفهوم "الملكية والسكن" في سياق ما بعد الحرب.

الطلب المتزايد على الأراضي

مع بدء جهود إعادة الإعمار وعودة شيء من الاستقرار، يُتوقّع أن يرتفع الطلب على الأراضي القابلة للبناء بنسبة تتراوح بين 15% إلى 20% خلال العام الأول، ولا سيّما في المناطق المحيطة بمدينة غزة ورفح. هذا الطلب مدفوع بحاجات آلاف الأسر لإعادة بناء منازلها، إضافة إلى دخول مستثمرين محليين يسعون إلى اقتناص فرص جديدة في سوق يعيد ترتيب نفسه من تحت الركام. في المقابل، يواجه السوق تحديات حقيقية تتعلق بارتفاع أسعار المواد الخام، وندرة الأراضي المخدومة بالبنية التحتية، ونقص التمويل المصرفي الموجّه للقطاع العقاري.

تأثير خطاب ترامب في الكنيست

أثار خطاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في الكنيست نقاشًا واسعًا حول مستقبل الدعم الدولي لإعمار غزة. ورغم أن الخطاب اتسم بنبرة سياسية حذرة، فإن السوق العقارية تفاعلت معه بإيجابية متحفظة، باعتباره إشارة محتملة على تحريك ملف الإعمار عبر قنوات جديدة أو تفاهمات اقتصادية لم يُعلن عنها بعد. إلا أن التجارب السابقة أثبتت أن أي حديث عن “إعمار مشروط سياسيًا” يبقى رهين ميزان القوى على الأرض أكثر من كونه التزامًا تنمويًا حقيقيًا.

آفاق مستقبلية

يتفق خبراء الاقتصاد العقاري على أن هذا القطاع سيشكّل المحرك الرئيس للتعافي الاقتصادي في غزة خلال السنوات المقبلة، شريطة توافر بيئة تمويل مستدامة وتسهيل دخول مواد البناء دون قيود. ومع استمرار الغموض السياسي، من المرجّح أن تشهد الأسعار تذبذبًا خلال العامين القادمين، قبل أن تتجه نحو الاستقرار التدريجي مع انطلاق المشاريع السكنية الكبرى.
في النهاية، يبدو أن مستقبل العقارات في غزة سيتوقف على مدى قدرة الإرادة المحلية والدعم الدولي على تجاوز ركام الحرب، وتحويله إلى أساسٍ لبناء مدينةٍ جديدة تُعيد تعريف الأمل في الحياة.

آفاق سوق العقارات في غزة بعد الحرب: بين الدمار وإعادة الإعمار

 

 

 

هل تتفق مع ما جاء في هذا المقال؟