رواتب على الورق: سندات الموظفين بين القانون والواقع المرير

بوابة اقتصاد فلسطين
أصدر الرئيس الفلسطيني قانونًا جديدًا للدين العام، رقم 20 لسنة 2025، يتضمن تعديلات جوهرية على القانون السابق رقم 24 لسنة 2005، بهدف ضبط سياسة الاقتراض الحكومي وتنظيم إدارة الدين بما يتوافق مع الواقع المالي الراهن.
ويعيد القانون تعريف مفهوم الدين العام ليشمل جميع الالتزامات الحكومية، المباشرة وغير المباشرة، الداخلية والخارجية، مع تحديد مواعيد استحقاقها بدقة. كما استحدث مفاهيم مالية جديدة، مثل “سقف الاقتراض السنوي” لتحديد حجم الديون المخصصة لتمويل العجز أو إعادة هيكلة الدين القائم، و”خطة السداد” التي تنظم ترصيد الأموال وفق مواعيد الاستحقاق. كذلك تم استبدال “صندوق الوفاء” بـ”حساب الوفاء”، المخصص لتجميع الأموال اللازمة لسداد الالتزامات الحكومية مع منع استخدامها لأي غرض آخر، وتحديد آلية إدارة صارمة لضمان الانضباط المالي.
وأمام هذه التعديدلات، أفادت وسائل اعلام محلية أن الحكومة تدرس إصدار سندات مالية للموظفين بدل الدفع النقدي المباشر للرواتب المتأخرة. هذه الخطوة توفر إطارًا قانونيًا لتنظيم الالتزامات، لكنها تواجه تحديات عملية كبيرة.
والسندات هي أدوات دين تصدرها الحكومات أو الشركات لجمع الأموال من المستثمرين. يشتري المستثمرون هذه السندات مقابل فائدة دورية تُدفع لهم، على أن يُعاد أصل المبلغ (رأس المال) عند نهاية فترة محددة. وتختلف السندات عن القروض التقليدية بأن الحكومة لا تُسدد أصل الدين تدريجيًا، بل تدفع الفوائد فقط خلال فترة محددة، ثم تسدد أصل المبلغ دفعة واحدة عند الاستحقاق.
وتشير مصادر مصرفية الى بوابة اقتصاد فلسطين إلى أن الموظفين لن يتمكنوا من صرف السندات نقدًا مباشرة إلا إذا وُضعت آلية تسمح للبنوك بشرائها أو خصمها مقابل سيولة فورية. هذا يتطلب ضمانات قوية على قدرة الحكومة على السداد، وهو أمر غير متوافر حاليًا بسبب محدودية السيولة واحتجاز أموال المقاصة.
الظروف المالية والسياسية الراهنة في فلسطين تجعل تنفيذ فكرة السندات أكثر تعقيدًا. فالقيود النقدية، المخاطر السياسية، واستمرار الأزمات في القطاعين العام والخاص تزيد من صعوبة تحويل السندات إلى سيولة فعلية.
وحتى مع تطبيق القانون، فإن قدرة الموظفين على الحصول على أموالهم ستظل مرتبطة بمدى قدرة الحكومة على تأمين التمويل، وتعاون البنوك، والرقابة من الجهات المانحة لضمان الشفافية والانضباط المالي.
ويخلص الخبراء لبوابة اقتصاد فلسطين إلى أن السندات تمثل آلية قانونية منظمة على المدى المتوسط لتنظيم الالتزامات الحكومية، لكنها ليست حلاً سريعًا أو جذريًا لأزمة الرواتب المتأخرة. وفي أفضل الحالات، قد تساعد في تهدئة الوضع المالي مؤقتا، بينما يتطلب تحقيق سيولة فعلية للموظفين تدخلا من الحكومة والجهات المانحة بشكل منسق وصارم.
كما حذر الخبراء من أن السندات قد تفتح شهية الحكومة على الاقتراض، خاصة في غياب بيئة رقابية وتشريعية محكمة، ما قد يؤدي إلى تراكم الديون دون حلول هيكلية للأزمة المالية.