الولايات المتحدة وإسرائيل تضعان خططا بديلة لغزة وسط مخاوف تعثر الاتفاق

بوابة اقتصاد فلسطين
تتصاعد المخاوف داخل الأوساط الأميركية والإسرائيلية من فشل خطة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع بروز مؤشرات على إعداد خطط بديلة لمواجهة تعثر تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، وسط استمرار الاحتلال في السيطرة على أكثر من نصف مساحة القطاع وتزايد الأزمة الإنسانية.
وذكرت صحيفة إسرائيل هيوم أن مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنر والجيش الإسرائيلي يعملان بشكل متوازٍ على صياغة خطة طوارئ لقطاع غزة، تحسبًا لعدم نجاح خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن القطاع. وأوضحت الصحيفة أن كوشنر أبلغ مسؤولين إسرائيليين أنه يواجه “تعقيدات كبيرة” تتعلق بآلية نزع سلاح حركة حماس، وصعوبة إقناع دولٍ بإرسال قوات لحفظ الأمن في غزة بعد الحرب، في ظل غياب توافق سياسي واضح حول مستقبل الحكم في القطاع.
وبحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فإن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، عرض على المجلس الوزاري الأمني الأسبوع الماضي ملامح خطة بديلة ستُطرح قريبًا رسميًا، في حال فشل الخطة الأميركية بالانتقال إلى المرحلة الثانية التي تتضمن ترتيبات أمنية ومدنية في غزة.
وفي السياق ذاته، كشفت صحيفة بوليتيكو الأميركية عن وثائق سرية حصلت عليها، ترسم صورة قاتمة للتحديات التي تواجه خطة إدارة ترمب لإنهاء الحرب في غزة. وتشير الوثائق إلى أن مسؤولين بارزين في الخارجية والدفاع الأميركية عبّروا عن قلق عميق من احتمال انهيار الاتفاق الموقع بين إسرائيل وحماس، نتيجة غموض في آليات التنفيذ وصعوبة التوصل إلى تفاهمات حول قضايا مركزية، أبرزها الانسحاب الإسرائيلي ونشر قوة دولية لحفظ الاستقرار.
وتُظهر الوثائق أن الندوة المغلقة التي عُقدت الشهر الماضي بمشاركة نحو 400 مسؤول من وزارتي الدفاع والخارجية الأميركية، إلى جانب ممثلين عن منظمات دولية، ناقشت عقبات جوهرية أمام تنفيذ الخطة، من بينها تردد الدول المشاركة في إرسال قوات ميدانية إلى غزة، وغياب تفويض واضح من مجلس الأمن الدولي حول "قوة التثبيت الدولية" المقترحة، التي يُفترض أن تشرف عليها واشنطن.
أحد مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية وصف الوضع بـ"المقلق للغاية"، قائلاً إن هناك "مخاوف مكبوتة داخل الإدارة من انهيار الترتيبات الأمنية وعودة الفوضى في القطاع"، بينما أشار الدبلوماسي الأميركي ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط، إلى أن "الملف عومل بسطحية داخل الإدارة، رغم أنه كان يستحق فريقًا متخصصًا ومتفرغًا بالكامل".
كما تكشف الوثائق عن استمرار الخلافات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بشأن من سيتولى المسؤولية السياسية والإدارية عن غزة في حال انتهاء الحرب، إذ ترفض تل أبيب عودة السلطة بشكل كامل، وتصر على ترتيبات أمنية تضمن بقاءها طرفًا فاعلًا في إدارة القطاع.
وتشير الوثائق أيضًا إلى أن حماس بدأت بالفعل بملء الفراغ الأمني عبر إعادة نشر نحو 7 آلاف عنصر في المناطق التي ما تزال خاضعة لسيطرتها، في الوقت الذي تواصل فيه القوات الإسرائيلية احتلال أكثر من 53% من مساحة القطاع، بينما يعيش 95% من السكان في النصف المتبقي المكتظ.
أما على الصعيد الإنساني، فتواجه جهود الإغاثة عقبات كبيرة، إذ لا يتجاوز عدد الشاحنات التي تدخل غزة يوميًا 600 شاحنة، وهو رقم أقل بكثير من الحد الأدنى المطلوب لتلبية الاحتياجات الأساسية. وتشير الوثائق إلى أن “كل يوم تأخير في تنفيذ الخطة يصب في مصلحة حماس”، التي تستغل الوقت لإعادة ترسيخ سلطتها وبناء قوتها مجددًا.
وأشارت إلى أن واشنطن تخطط لعقد مؤتمر دولي للمانحين بعد الحصول على قرار من مجلس الأمن، لكن الجدول الزمني لا يزال غامضًا، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت الدول ستلتزم بتقديم قوات فعلية على الأرض أم ستكتفي بالدعم المالي فقط.
وبينما يزداد التعقيد السياسي والأمني، تتعمق المخاوف في واشنطن وتل أبيب من أن يتحول وقف إطلاق النار إلى هدنة هشة مؤقتة، تُمهّد لجولة جديدة من الصراع، في ظل غياب رؤية واضحة لما بعد الحرب، وتآكل الثقة بين الأطراف كافة.