الرئيسية » آخر الأخبار » أقلام اقتصادية »
 
15 كانون الأول 2025

للنظر في الخصم من رواتب المتقاعدين

بقلم: باسم برهوم
كاتب ومحلل سياسي


 قبل عدة أشهر سألني صديق، حاله من حال كاتب هذا المقال، بمعنى أن كلينا متقاعد، سؤاله جاء كما يلي: ألا نستطيع  القيام بعمل ما، أن نرسل رسالة إلى رئيس الوزراء كي نلفت نظر الحكومة إلى أن الخصم من الراتب يجب ألا يشمل المتقاعدين، او على الاقل ان تكون نسبة الخصم اقل، والسبب ان المتقاعد من الصعب ان يجد فرص عمل اضافية تضمن له حياة كريمة واغلبهم لا يزال عليهم التزامات كبيرة. دار نقاش طويل اشترك فيه متقاعدون آخرون، وقررنا في حينه تأجيل طرح قضيتنا، وقلنا سلطتنا الوطنية تخضع لحصار مالي وسياسي، ونحن لا نريد ان نثقل عليها، ومما قلناه في حينه ان الاولوية للصحة والتعليم، واننا على استعداد للتضحية لفترة اخرى مقابل ان يلقى الناس العلاج، وان تبقى مدارسنا مفتوحة.

ومن بين ما قلناه، وكان بشأنه اتفاق شامل، اننا على استعداد ان نصبر ونتحمل مقابل ان تصل الرواتب كاملة لمن هم في قطاع غزة، الذين يعانون الامرّين. فما نمر به من ضائقة لا يساوي يوم معاناة واحدا في القطاع وقررنا ان نصمت. فاغلب المتقاعدين في نهاية الامر هم ممن انصهروا في النضال وكانوا من رواد المشروع الوطني.

واليوم، وبعد ان توقفت الحرب بشكلها الدموي المريع، وبعد أن مضى اربع سنوات على مبدأ الخصم، والذي بدأ بنسب محتملة 10 بالمئة، او 20 بالمئة، ثم اصبح 40 و 50 بالمئة ولفترة طويلة مما جعله امرا  غير محتمل بالنسبة للمتقاعدين، صحيح انهم مثل كل ابناء الشعب عليهم ان يصبروا، ولكن الصبر اوصلهم لحالة اقرب إلى الفقر، وان كل ما يطلبونه هو تخفيض نسبة الخصم، بان تكون مثلا 20 بالمئة، فقد يتوفى الله المتقاعد قبل ان يسترد ديونه المتراكمة. البعض قد يجادل، اقصد من طرف الحكومة بان نسبة كبيرة من المتقاعدين لا يشملهم الخصم لان راتبهم التقاعدي يساوي او اقل من 3000 شيكل، ولكن هناك نسبة غير قليلة ممن يتقاضون راتبا تقاعديا اكثر من ذلك، والمهم بالامر هو المبدأ ان لا يتم الخصم من رواتب المتقاعدين الذين أفنوا عمرهم في خدمة وطنهم.

ليس هناك نية لدى احد لتوسيع دائرة النقاش بما يتعلق بصندوق التقاعد والذي بالضرورة ان تكون أمواله مؤمّنة ومضمونة بشكل منفصل. ولكن هناك حاجة ان تلتفت الحكومة لهذا الامر، فالمعروف في العالم ان المتقاعدين- بالضرورة- يجب ان ينعموا بشيء من الراحة في سنوات عمرهم المتبقية. المتقاعدون الفلسطينيون لا يطالبون بان يتنعموا وإنما ان يعيشوا بكرامة، والا يتحولوا إلى عالة على ابنائهم وبناتهم او أقاربهم، واعتقد ان بإمكان الحكومة معالجة الامر إذا ما وفرت في بعض جوانب الصرف، وان تعدل نسبة الخصم للمتقاعدين.

كما ليس هناك نية لدى المتقاعدين ان بجعلوا من قضيتهم قضية رأي عام، انما هم يوجهون رسالة للحكومة. ومحاولة للفت النظر، وكل ما نتمناه ان تأخذها الحكومة بالاعتبار، وألا تهملها، وهي تعالج المشاكل الكبيرة. ولدينا ثقة بالحكومة بأنها ستعمل ما يترتب عليها. هناك نسبة كبيرة من المتقاعدين من تجاوزت اعمارهم الخامسة والسبعن، بل والثمانين واكثر،  بمعنى انهم اشخاص يحتاجون للدعم والرعاية، واغلبهم يعانون من امراض مزمنة تحتاج إلى الدواء، كما من حقهم أن تتوفر لهم حياة كريمة.

 ومن جهة أخرى، فإن لدى المتقاعدين ثقة بهيئة التقاعد بانها سوف تتابع مثل هذا الامر مع الحكومة، فهي اكثر الاطراف قدرة على معرفة اوضاع المتقاعدين، وانه بالضرورة ستقوم بما تستطيع من اجل الغاء الخصم، او جعل نسبته اقل على المتقاعدين، وان لا تتخطى نسبة الخصم الـ 20 بالمئة. هذه مطالبة نتوجه بها إلى حكومتنا العتيدة، ونرجو أن تلقى الاهتمام.

كلمات مفتاحية::
هل تتفق مع ما جاء في هذا المقال؟