لماذا اعترفت إسرائيل بـ"أرض الصومال"؟ وما المكاسب المحتملة؟

بوابة اقتصاد فلسطين
سلّطت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية الضوء على إعلان إسرائيل اعترافها بإقليم "أرض الصومال" (صوماليلاند)، معتبرة أن الخطوة قد تبدو للوهلة الأولى بداية عهد جديد من التنافس الدولي في القرن الأفريقي، لكنها في جوهرها أقرب إلى رقعة شطرنج استراتيجية تتشابك فيها المصالح الأمنية والسياسية أكثر مما تعكس تحوّلًا جذريًا في موازين القوى.
ويقع إقليم "أرض الصومال" في القرن الأفريقي، ويجاور دولًا مثل إثيوبيا وجيبوتي، ويطل على خليج عدن بالقرب من مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية العالمية، حيث تمر نسبة كبيرة من التجارة الدولية وحركة الطاقة بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي. وتكتسب المنطقة أهمية إضافية في ظل تعدد الوجود العسكري والبحري الدولي فيها، وتزايد التهديدات التي تطال الملاحة.
وتأتي هذه الخطوة في سياق إقليمي هش، إذ تعاني دول القرن الأفريقي من ضعف بنيوي وصراعات داخلية؛ فالسودان غارق في حرب أهلية، بينما تفككت الصومال منذ مطلع التسعينيات، وما زالت إريتريا تعاني الفقر والعزلة، في حين شهدت إثيوبيا خلال السنوات الأخيرة نزاعات داخلية عنيفة. وترى الصحيفة أن هذه العوامل تجعل المنطقة بيئة معقدة لأي استثمار استراتيجي طويل الأمد.
وفي هذا الإطار، أشارت «جيروزاليم بوست» إلى أن أهمية السيطرة البحرية أو الوجود العسكري التقليدي تراجعت نسبيًا، بعد أن أظهرت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر أن الملاحة الدولية يمكن تهديدها بوسائل منخفضة الكلفة، مثل الطائرات المسيّرة والصواريخ البدائية، كما سبق للقراصنة الصوماليين تعطيل حركة السفن باستخدام زوارق صغيرة وأسلحة خفيفة.
غير أن وسائل إعلام وتحليلات دولية رأت أن الاعتراف الإسرائيلي يتجاوز البعد الجغرافي المباشر، ويدخل في إطار تعزيز الحضور الأمني والاستخباراتي قرب باب المندب، وربطه بتأمين خطوط الملاحة في ظل التوتر المتصاعد في البحر الأحمر، لا سيما مع استمرار الحرب في اليمن واتساع دائرة الاستهداف البحري.
مخاوف التهجير
وفي موازاة ذلك، أثار الاعتراف مخاوف سياسية فلسطينية وعربية، بعد أن ربطت تقارير إعلامية وتحقيقات دولية سابقة، من بينها تقارير لوكالة أسوشيتد برس (AP)، بين نقاشات غير رسمية جرت في دوائر أمريكية وإسرائيلية خلال السنوات الماضية حول إمكانية البحث عن دول أفريقية كوجهات محتملة لإعادة توطين فلسطينيين من غزة، وذُكرت في هذا السياق أسماء مثل الصومال و"أرض الصومال" والسودان، دون أن تتحول تلك الأفكار إلى خطط رسمية معلنة.
وعلى خلفية هذه التقارير، حذرت جهات فلسطينية رسمية وفصائلية من أن الاعتراف بـ"أرض الصومال" قد يُستغل سياسيًا في سياق إعادة طرح سيناريوهات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وهو ما قوبل برفض قاطع من دول عربية وإسلامية، أكدت أن أي تهجير قسري للفلسطينيين يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وجريمة حرب.