الرئيسية » محلي » أقلام اقتصادية »
 
20 نيسان 2016

الضابطة الجمركية ومفاتيح الأمن الاقتصادي

بقلم: بكر ياسين اشتية

الضابطة الجمركية الفلسطينية جهاز أمن يتبع وزارة الداخلية ويناط به تنفيذ مهام أمنية من نوع مختلف، فمن ضبط ورقابة الموارد المالية الضريبية والجمركية للحكومة الفلسطينية، مرورا بتنفيذ قرارات مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية، إلى ضمان سلامة جودة السلع المتداولة محليا. وبين هذا وذاك، يحمل جهاز الضابطة الجمركية مفاتيح ومهام استقرار الأمن الاقتصادي للمناطق الفلسطينية بموارد بشرية ومخصصات مالية لا تتناسب والدور الملقى على عاتقه.

فبأقل من 0.8% من مجموع موظفي الأجهزة الأمنية (510 عناصر)، وبأقل من 1% من مخصصاتها المالية، يُطلب من الجهاز ضمان سلامة تدفق المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية على الجانب الإسرائيلي فيما يعرف ببند المقاصة الذي يشكل قرابة 57% من النفقات الجارية للموازنة العامة، والذي يغطي كامل نفقات السلطة الفلسطينية على بند الرواتب والأجور.

تسرب جمركي وتهرب ضريبي
يشكل وعاء المقاصة (المستحقات المالية الفلسطينية على الجانب الإسرائيلي) قرابة 73% من إجمالي الإيرادات المحلية للسلطة الفلسطينية للعام المالي 2016، ويتوزع بشقه الأكبر على ضرائب جمركية يجبيها الجانب الإسرائيلي من المستورد الفلسطيني على المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل، وضريبة القيمة المضافة على المشتريات الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي.

ونظرا لغياب التمثيل الفلسطيني على المعابر، وضعف السيطرة الأمنية والإدارية على الأراضي الفلسطينية التي تشكل المناطق (ج) ذات الولاية والسيادة الأمنية والإدارية الإسرائيلية 65% من مساحتها الإجمالية، تبرز إشكالية ضمان سلامة تدفق مستحقات المقاصة للجانب الفلسطيني.

وبمراجعة البيانات المالية والتقارير والتقديرات السابقة الصادرة عن كل من البنك الدولي ومنظمة الأونكتاد، وبإسقاط تلك التقديرات على العام المالي 2015، نصل إلى التقديرات التالية:

أولا- 40% من الواردات الفلسطينية من العالم الخارجي تأتي عبر وسيط إسرائيلي، الأمر الذي يؤدي إلى تسرب الضرائب الجمركية على تلك الواردات إلى الخزانة الإسرائيلية. وبإضافة الفاقد من الجمارك نتيجة عدم تصريح بعض المستوردين بالقيمة الحقيقية لوارداتهم في البيان الجمركي، يكون الفاقد على الجمارك بأدنى تقدير نحو 380 مليون دولار سنويا.

ثانيا- 35% من الواردات الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي تهرب دون تسليم فواتير مقاصتها من التاجر الفلسطيني لوزارة المالية الفلسطينية، الأمر الذي يحرم الخزانة الفلسطينية بشكل مباشر من نحو 125 مليون دولار، هذا عدا الفاقد من ضريبة الدخل نتيجة عدم الإفصاح الحقيقي عن الدخل المتحقق من تصريف تلك الواردات في السوق الفلسطينية.

وبذلك يكون مجموع التسرب الجمركي والتهرب الضريبي قرابة 505 ملايين دولار سنويا، وهو رقم كفيل بتغطية 36% من إجمالي عجز الموازنة العامة الفلسطينية قبل التمويل.

دور ضعيف للضابطة الجمركية
وبالعودة إلى جهاز الضابطة الجمركية الذي بدأ ممارسة مهامه عام 1996 بـ150 عنصرا، ثم 210 عام 2000، وصولا إلى 410-510 عناصر خلال الفترة 2009-2015، نجد أن هذا الجهاز الذي يخدم 11 محافظة فلسطينية، وآلاف الطرق ونقاط العبور الرئيسية والفرعية لخطوط التجارة الداخلية، إضافة إلى مهامه في الرقابة على المحال التجارية ونقاط البيع والتوزيع، لا يحظى بما يكفيه من مخصصات مالية كجزء من إجمالي النفقات الأمنية للسلطة الفلسطينية التي تتجاوز 27% من إجمالي الموازنة العامة.

وحري بنا في هذا الإطار مراجعة سياسات الإنفاق العام للمالية الفلسطينية على المؤسسة الأمنية بين نفقات استهلاكية جارية، وأخرى تنموية. فحصة المؤسسة الأمنية بكافة أجهزتها تبلغ نحو 42% من مجموع الإنفاق العام على الرواتب والأجور. وبينما يصل عدد موظفي المؤسسة الأمنية في موازنة رام الله إلى 65 ألف موظف أمن داخلي، نجد أن عدد موظفي الأمن الاقتصادي ضمن جهاز الضابطة الجمركية لا يتناسب والدور الملقى على عاتقه من مهام ومسؤوليات تأمين تدفقات الوعاء المالي لإيرادات الخزانة العامة.

بكر ياسين اشتية- رئيس قسم الاقتصاد سابقا، ومحاضر بجامعة النجاح الوطنية في نابلس

الجزيرة نت

 

 

مواضيع ذات صلة