سموترتش يبتز الجميع- هل تتعمق أزمة المقاصة مع قرب المؤتمر الدولي لفلسطين نهاية الشهر الجاري؟
بوابة اقتصاد فلسطين
في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد الفلسطيني من اختناق مالي متصاعد، تواصل إسرائيل، وتحديدًا وزير ماليتها بتسلئيل سموترتش، تجميد تحويل أموال المقاصة للسلطة الفلسطينية، والتي تقدر بحوالي 890 مليون شيقل عن شهري أيار وحزيران الماضيين.
لكن هذه الخطوة، رغم أنها تبدو تقنية في ظاهرها، تحمل في طياتها أهدافًا سياسية واستراتيجية معقدة، يتقاطع فيها الضغط على أوروبا، وإضعاف السلطة الفلسطينية، وتقويض فكرة الدولة الفلسطينية برمتها.
تُجمع مصادر دبلوماسية وخبراء تحدثوا إلى بوابة اقتصاد فلسطين أن سموترتش لا يجمّد المقاصة لأسباب مالية أو إجرائية، بل يسعى لتحويلها إلى أداة ضغط مزدوجة، يُوجّهها أولًا نحو الأوروبيين وثانيًا نحو القيادة الفلسطينية .
ويقول الخبراء إن الازمة قد تتعمق خاصة مع قرب المؤتمر الدولي المقرر نهاية الشهر الجاري لفلسطيني برعاية سعودية وفرنسية.
فعلى الجبهة الأوروبية، تشير التقديرات إلى أن سموترتش يسعى إلى رفع العقوبات التي فرضتها خمس دول غربية، منها بريطانيا، عليه وعلى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بسبب ممارسات وانتهاكات بحق الفلسطينيين.
ويبدو أن سموترتش يحاول أن يبعث برسالة ضمنية: “لن تُحول الأموال إلا إذا رفعتم العقوبات، أو على الأقل جمدتم نواياكم في التصعيد.”
سلطة بلا دولة.. ورسائل للأجيال الجديدة
في المقابل، يرى محللون أن سموترتش لا يطلب “ثمناً مباشراً” بقدر ما يسعى إلى إغراق الفلسطينيين في أزمة داخلية، عبر خنق موارد السلطة، وإضعاف قدرتها على تقديم الرواتب والخدمات، وبالتالي تقويض شرعيتها أمام شعبها.
الهدف، بحسب أحد الخبراء، هو إيصال رسالة استراتيجية عميقة: لا مستقبل لهذا الكيان، لا أمل لجيل الشباب، ولا جدوى من مواصلة المطالبة بالدولة.
وهذه الرسالة ليست عبثية، بل جزء من رؤية أيديولوجية تُعرف بـ"خطة الحسم"، والتي ينادي بها سموترتش وآخرون في التيار اليميني المتطرف داخل الحكومة، وتهدف إلى إبقاء السلطة الفلسطينية مجرد كيان إداري محدود الصلاحيات، بلا طموح سياسي، ولا حق في تقرير المصير.
مؤتمر دولي مرتقب... وقلق إسرائيلي
ما يعمّق قلق سموترتش هو ما يدور على الساحة الدولية. فبحسب ما رشح مؤخرًا، تعتزم السعودية وفرنسا عقد مؤتمر دولي من أجل فلسطين نهاية الشهر الجاري، وسط مؤشرات على تحرك دولي أوسع نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ويخشى سموترتش، بحسب مراقبين، أن يُفضي هذا المؤتمر إلى دفع عدد من الدول الأوروبية نحو الاعتراف الرسمي بفلسطين، أو على الأقل تبني خطوات سياسية أكثر جرأة. وهو ما يدفعه لمحاولة الضغط المبكر وخلط الأوراق، عبر ربط المقاصة بكل من ملف العقوبات الأوروبية، وملف الدولة الفلسطينية.
سباق مع الزمن قبل سقوط الحكومة؟
لكن، رغم كل ما سبق، يدرك سموترتش أن الوقت ليس مفتوحًا أمامه. فالحكومة الإسرائيلية تعيش حالة من الاضطراب الداخلي، واحتمالات تفكك الائتلاف الحاكم قائمة، سواء عبر انسحاب أحد الأحزاب أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة. وحتى في حال استمرار الحكومة، فإن الانتخابات الدورية قادمة خلال العام المقبل.
لهذا السبب، يرى مراقبون أن سموترتش يسعى في الأشهر القليلة القادمة إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية، قبل أن تتغير المعادلة داخليًا، أو تُفرض عليه تسويات دولية في توقيت غير مناسب له.
وفي ظل التحركات الدبلوماسية المقبلة، خصوصًا المؤتمر السعودي الفرنسي، فإن هذا التجميد قد يتحول إلى أزمة استراتيجية طويلة الأمد، تُعرّي السياسات الإسرائيلية وتضعها أمام اختبار دولي حقيقي.