الرئيسية » اقتصاد اسرائيلي »
 
03 آب 2025

صفقة ضخمة تهز قطاع الهايتك الإسرائيلي

بوابة اقتصاد فلسطين

أُعلن الأسبوع الماضي عن صفقة كبرى في قطاع صناعات التكنولوجيا المتقدمة (الهايتك) الإسرائيلي، حيث استحوذت شركة بالو ألتو نيتووركس (Palo Alto Networks) الأميركية العملاقة والمتخصصة في الأمن السيبراني، والتي يُعد أحد مؤسسيها من أصول إسرائيلية، على شركة سايبرآرك (CyberArk) الإسرائيلية مقابل نحو 25 مليار دولار.

تُعد هذه الصفقة واحدة من أكبر صفقات تاريخ صناعة الأمن السيبراني عالميًا، كما أنها ثاني أكبر صفقة في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي بعد استحواذ شركة غوغل على شركة WIZ الإسرائيلية مقابل 32 مليار دولار في آذار/مارس الماضي. وتمثل هذه الصفقة اندماجًا بين اثنتين من أبرز الشركات العالمية في مجال السايبر، حيث يُتوقع أن يتجاوز تأثير هذا الاندماج مجرد جمع القدرات، ليؤسس لكيان مهيمن ورائد في مجال الأمن السيبراني خلال السنوات المقبلة، وفق ما أفادت به وسائل الإعلام الإسرائيلية.

سايبرآرك: من وحدة 8200 إلى العالمية

تأسست سايبرآرك عام 1999 على يد أودي موكدي (خدم في الوحدة 8200 التابعة للاستخبارات العسكرية) وألون كوهين (خدم كمهندس برمجيات وقائد في مدرسة الحواسيب التابعة لوحدة الحوسبة العسكرية، ومتخصص في أمن المعلومات).
طوّر كوهين براءة اختراع عُرفت باسم غرفة الخزائن لشبكة الاتصال (Network Vault)، أصبحت أساسًا لمجموعة منتجات الشركة في مجال حماية وإدارة الحسابات ذات الصلاحيات العالية، والتي تُعد الأكثر حساسية لهجمات السايبر.

يقع المقر الرئيسي للشركة في بيتح تكفا وسط إسرائيل، إضافة إلى مقر تطوير رئيسي هناك، ومقر إداري في الولايات المتحدة. يعمل في الشركة حاليًا نحو 4,000 موظف، ويُقدَّر دخلها السنوي لعام 2025 بنحو 1.3 مليار دولار.
على مدار السنوات، توسعت الشركة لتصبح رائدة في إدارة الهويات وأمن الحسابات، بينما تركز حاليًا على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في حماية الأنظمة الرقمية، لمواجهة الهجمات التي تستند إلى أدوات الذكاء الاصطناعي.

أرباح تتجاوز المؤسسين

لا تقتصر مكاسب صفقة بيع سايبرآرك على المؤسسين والعاملين وحاملي الأسهم، بل تمتد لتشمل صناديق الاستثمار وصناديق التقاعد وشركات التأمين الإسرائيلية، مثل صندوق المعلمين وشركة كلال. هذه الصفقة ستنعكس إيجابًا على محافظ التوفير والتقاعد لعشرات آلاف المواطنين.

الحكومة الإسرائيلية بدورها من أكبر المستفيدين، إذ يتوقع أن تجني خزينة الدولة نحو 2 مليار دولار ضرائب (حوالي 6.7 مليار شيكل)، بحسب تقديرات صحيفة "غلوبس". المبلغ النهائي مرهون بنسبة المساهمين الإسرائيليين وإقامتهم الضريبية. يأتي ذلك بعد تحصيل الدولة نحو 15 مليار شيكل ضرائب من صفقة بيع شركة ويز قبل أشهر.

رسالة دعم لاقتصاد مضطرب

لا تُمثل الصفقة مجرد نجاح لشركة سايبرآرك، بل هي إشارة طمأنة للاقتصاد الإسرائيلي في وقت يواجه فيه تباطؤًا في النمو، اتساع العجز المالي، وضغطًا في الأسواق بسبب حرب الإبادة المستمرة على غزة.
وتكتسب الصفقة أهمية خاصة لقطاع الهايتك، الذي يعاني في الآونة الأخيرة من تباطؤ المبيعات وتراجع الاستثمارات الأجنبية، كما أظهرت تقارير رسمية.

يؤكد تقرير سلطة الابتكار الإسرائيلية أن قطاع الهايتك أصبح بين 2018 و2024 محرك النمو الأول في الاقتصاد الإسرائيلي، مساهمًا بنحو 40% من زيادة الناتج المحلي، ويمثل 53% من إجمالي الصادرات، ويعمل فيه حوالي 400 ألف موظف ضمن 9,000 شركة هايتك بينها 500 مركز لشركات عالمية. كما يُعد القطاع الأسرع نموًا في الوظائف والأجور والأعلى مساهمة في الضرائب.

صفقة في توقيت حساس

تزامن الإعلان عن الصفقة مع مرحلة اقتصادية حساسة، تميزت بتراجع المؤشرات الكلية وبدء تطبيق رسوم جمركية أميركية على الصادرات الإسرائيلية، بقرار من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
تشير التقديرات إلى أن العجز في ميزانية 2025 بلغ 6.9% من الناتج المحلي، وهو الأعلى منذ أزمة كورونا، ما يدفع الحكومة نحو رفع الضرائب وإلغاء إعفاءات تشمل:

الإيجارات حتى 5,500 شيكل.

مشتريات التجارة الإلكترونية حتى 75 دولارًا.

كما تتجه الحكومة إلى خصم يوم عطلة إضافي وتشديد مكافحة التهرب الضريبي استعدادًا لميزانية 2026. هذا إلى جانب فشلها في كبح التضخم واستمرار ارتفاع أسعار الفائدة.

وزاد الضغط مع دخول الرسوم الجمركية الأميركية حيز التنفيذ بنسبة 15%، رغم توقعات تل أبيب بتراجع القرار بعد زيارة نتنياهو للبيت الأبيض. تُقدَّر الصادرات الإسرائيلية للولايات المتحدة بنحو 20 مليار دولار سنويًا مقابل واردات بـ13 مليار دولار. وبرغم أن الأثر المتوقع طفيف، إلا أن القرار يضيف عبئًا على اقتصاد متراجع ويأتي وسط دعوات أوروبية متزايدة لفرض عقوبات اقتصادية ومقاطعة السلع الإسرائيلية.

هل ينقذ الهايتك الاقتصاد الإسرائيلي؟

رغم أن قطاع الهايتك وصناعات التكنولوجيا المتقدمة يشكلان ركيزة أساسية في الاقتصاد الإسرائيلي، إلى جانب الصناعات العسكرية والأمنية، إلا أن الخبراء يحذّرون من أن هذه النجاحات وحدها لن تكفي لإنقاذ الاقتصاد من أزماته البنيوية، مثل اتساع العجز وارتفاع الدين الخارجي.
وفي ظل تراجع مكانة إسرائيل الدولية وتصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية، لم يعد الرهان على قطاع الهايتك والصناعات الأمنية ضمانة كافية لاستقرار الاقتصاد أو نموه المستدام.

 

 

 

مواضيع ذات صلة