الاستيطان يؤجج أزمة المياه في الضفة الغربية
بوابة اقتصاد فلسطين
تصاعدت أزمة المياه في الضفة الغربية مع تزايد اعتداءات المستوطنين على البنية التحتية المائية وتقييد الاحتلال الإسرائيلي لحقوق الفلسطينيين في استخراج المياه الجوفية، ما فاقم من حدة النقص المزمن في إمدادات المياه خلال ذروة فصل الصيف.
ففي الفترة ما بين 21 حزيران و1 تموز، نفذ مستوطنون هجمات متكررة على نبع عين سامية شرق رام الله، حيث قاموا بتخريب خطوط أنابيب المياه الرئيسية، وإتلاف كاميرات المراقبة وشبكات الكهرباء والاتصالات، الأمر الذي عطّل محطة المياه المركزية التي تزود أكثر من 19 تجمعًا سكانيًا بشكل مباشر، و14 تجمعًا آخر بشكل مشترك، يستفيد منها نحو 110 آلاف شخص. كما سُجلت اعتداءات مماثلة على ينابيع في نابلس وسلفيت، فضلًا عن التعدي على نبع العوجا في الأغوار، مما ينذر بنقص حاد في المياه.
وتضاف هذه الاعتداءات إلى القيود الإسرائيلية طويلة الأمد، حيث تسيطر إسرائيل على 84% من مصادر المياه في الضفة الغربية، وتخصص 52% منها للمستوطنات، مقابل 16% فقط للفلسطينيين. كما تمنع السلطات الإسرائيلية الفلسطينيين من حفر آبار يتجاوز عمقها 140 مترًا، بينما تسمح للمستوطنين بالحفر حتى عمق 500 متر، ما يؤدي إلى استنزاف الطبقات الجوفية وتجفيف الآبار الفلسطينية.
وبحسب بيانات سلطة المياه الفلسطينية، انخفضت حصة محافظتي القدس ورام الله من مياه عين سامية إلى أقل من 20%، بعد أن كانت المورد الرئيسي للمنطقة. كما تتجاوز نسبة الفاقد المائي في الضفة الغربية 35%، نتيجة ضعف البنية التحتية وغياب القدرة على صيانة الشبكات في المناطق المصنفة "ج"، حيث تمنع إسرائيل أي أعمال تطوير أو تحديث.
وفي عام 2024، اقتطعت إسرائيل 374.3 مليون شيكل من أموال المقاصة مقابل المياه، إضافة إلى مبالغ أخرى لمعالجة مياه الصرف الصحي، رغم عدم تقديم خدمات فعلية للفلسطينيين. هذه الاقتطاعات، إلى جانب الاعتماد على شراء المياه من شركة "ميكوروت" الإسرائيلية بأسعار تفوق تكلفة الإنتاج المحلي، أثقلت كاهل الميزانية الفلسطينية وعززت التبعية الهيكلية.
ويرى خبراء أن أزمة المياه في الضفة الغربية ليست مجرد مشكلة طبيعية، بل نتيجة مباشرة لسياسات إسرائيلية ممنهجة تجعل من المياه أداة للهيمنة والسيطرة على السكان الفلسطينيين ومواردهم.