تقرير اقتصادي: الاحتلال والاستيطان كلّفا الاقتصاد الفلسطيني مئات المليارات منذ عام 1967
بوابة اقتصاد فلسطين
كشف تقرير اقتصادي جديد أن الاحتلال والاستيطان الإسرائيليين كبّدا الاقتصاد الفلسطيني خسائر تراكمية بمئات المليارات من الدولارات منذ عام 1967، نتيجة نهب الموارد الطبيعية، ومصادرة الأراضي، وتقييد حركة التجارة والإنتاج، وفرض نظام تبعية اقتصادية قسري يخدم مصالح الاحتلال.
التقرير الصادر عن معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) بالتعاون مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أوضح أن الاستيطان لم يكن نشاطًا عمرانيًا أو سكانيًا فحسب، بل منظومة استعمارية متكاملة تستهدف تفكيك البنية الاقتصادية والاجتماعية الفلسطينية وتحويل الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد تابع يفتقر إلى مقومات التنمية المستقلة.
ووفقًا للتقرير، فإن المستوطنات المقامة في الضفة الغربية والقدس المحتلة تسيطر على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والمراعي ومصادر المياه، كما تستحوذ على الجزء الأكبر من الثروات الطبيعية في الأغوار والمناطق الجبلية، بما في ذلك الحجر والرخام والموارد المعدنية. ويشير التقرير إلى أن هذه السيطرة حرمت الاقتصاد الفلسطيني من عوائد إنتاجية هائلة، وأسهمت في إضعاف القطاعات الزراعية والصناعية، ودمرت فرص التنمية في المناطق الريفية والحدودية.
وأكدت الدراسة أن الاحتلال عمد إلى تحويل الأرض الفلسطينية إلى مجال مغلق أمام النمو الفلسطيني ومفتوح أمام رأس المال الإسرائيلي، من خلال شبكة من الطرق الالتفافية والحواجز العسكرية، والسيطرة على المعابر، ومنع الاستثمار في المناطق المصنفة "ج". وأوضحت أن هذه السياسات أدت إلى نزيف اقتصادي مستمر، تمثل في خسائر مباشرة من استغلال الموارد، وخسائر غير مباشرة من تعطيل الطاقات الإنتاجية وهجرة اليد العاملة الماهرة.
وبيّن التقرير أن الاستيطان يشكل اليوم الوجه الاقتصادي الأوضح للاحتلال، إذ تمتلك إسرائيل منظومة من الشركات الزراعية والصناعية والخدمية داخل المستوطنات تُنتج بمليارات الشواقل سنويًا، في حين تُمنع المنتجات الفلسطينية من الوصول إلى الأسواق العالمية بحرية. وأكد الباحثون أن عائدات إسرائيل من استغلال الأراضي والموارد الفلسطينية تُقدَّر سنويًا بمليارات الدولارات، وهو ما يعادل نسبة كبيرة من الناتج المحلي الفلسطيني المفقود بفعل الاحتلال.
كما حذّر التقرير من أن استمرار هذا النهب المنظم يُقوّض أي إمكانية لقيام اقتصاد وطني مستقل، داعيًا إلى تفعيل المساءلة الدولية ضد الشركات الإسرائيلية والعالمية العاملة داخل المستوطنات، وإلى اعتماد سياسات فلسطينية ودولية لعزل اقتصاد المستوطنات ومقاطعة منتجاتها.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن تفكيك منظومة الاستيطان والاحتلال الاقتصادي هو الشرط الضروري لتمكين الفلسطينيين من تحقيق سيادتهم على مواردهم الطبيعية وبناء اقتصاد مستدام قادر على النمو بعيدًا عن التبعية.