35 مليار دولار عالقة: لماذا يؤخّر نتنياهو صفقة الغاز مع مصر؟

مترجم- بوابة اقتصاد فلسطين
في وقت تعاني فيه المنطقة من تحولات سياسية واقتصادية متسارعة، يتعمّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إبطاء إنجاز واحدة من أضخم صفقات الغاز في تاريخ إسرائيل-صفقة تصدير 130 مليار متر مكعب من غاز حقل ليفياتان إلى مصر، بقيمة تقدَّر بنحو 35 مليار دولار.
مصادر إسرائيلية، نقل عنها موقع واللا، تفيد بأن نتنياهو يربط الموافقة النهائية على الصفقة بـ"ثمن سياسي" يريد تحقيقه قبل التوقيع. فإلى جانب تثبيت اتفاق طويل الأمد مع القاهرة ومنع أيّ خروقات مستقبلية، يسعى نتنياهو لتعزيز الدور المصري في الترتيبات الخاصة بقطاع غزة، على أمل أن يتوَّج ذلك بلقاء مباشر يجمعه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
المفاوضات حول الصفقة لا تُدار بين تل أبيب والقاهرة فقط، بل تشارك فيها الولايات المتحدة بشكل فعّال. وتشير التقارير إلى دور محوري للسفير الأميركي في إسرائيل مايك هاكبي، الذي يقود اتصالات تُوصف بأنها "سرّية" بهدف دفع الأطراف نحو اتفاق نهائي. هذا الضغط الأميركي تجلّى مؤخراً في خطوة لافتة تمثلت بإلغاء وزير الطاقة الأميركي كريس رايت زيارته لإسرائيل الشهر الماضي احتجاجًا على التعطيل.
ورغم حاجة القاهرة الماسّة للغاز لتغطية متطلبات اقتصادها، يعرب الشركاء في حقل ليفياتان عن خشيتهم من أن يؤدي مزيد من التأخير إلى بحث مصر عن بدائل، وإن كانت أعلى تكلفة. ولهذا يحافظون على قناة تواصل مفتوحة مع رئيس شركة الطاقة المصرية، الدكتور علاء عرفة، لمتابعة تطورات المفاوضات أولاً بأول.
لكن التأخير لا يرتبط بنتنياهو وحده. فوزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين هو الآخر يجمّد المصادقة النهائية، لكن لأسباب اقتصادية داخلية، أبرزها الضغط على شركة "شيفرون" -الشريك الأكبر في حقل ليفياتان -لتخفيض أسعار الغاز المخصص لشركة الكهرباء الإسرائيلية. كوهين يقول إنه يريد صفقة مربحة للدولة، وجاذبة للشركات الأجنبية، لكن دون أن يدفع المواطن الإسرائيلي ثمنًا أعلى للطاقة.
وخلال اجتماع عُقد أمس، أعاد كوهين مطالبة الشركاء في ليفياتان بخفض كبير على سعر الغاز، رغم التغييرات في سوق الطاقة خلال العامين الماضيين. رجل الأعمال أهارون فرنكل، الذي يمتلك حصة مؤثرة في حقل "تمار"، يعارض بشدة أي خفض للأسعار، وقد رفع حصته مؤخرًا لتعزيز موقفه التفاوضي.
في المحصلة، تبدو الصفقة رهينة حسابات سياسية معقّدة:
- نتنياهو يحاول استثمارها لتعميق العلاقة مع مصر وتحقيق مكاسب إقليمية.
- الإدارة الأميركية تضغط لعدم إضاعة فرصة استراتيجية للطاقة في شرق المتوسط.
- ومصر، التي تعاني عجزًا متزايدًا في إمدادات الغاز، تنتظر قرارًا إسرائيليًا يتأخر كل أسبوع.
ومع اقتراب زيارة نتنياهو المرتقبة إلى الولايات المتحدة نهاية الشهر، تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن ملف الصفقة سيكون في صدارة جدول الأعمال، وأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيدفع بقوة نحو إنجازها، بما يشمل الضغط على القاهرة لتليين موقفها وعقد قمة محتملة مع نتنياهو.
صفقة الغاز هذه - إذا رأت النور - ستكون أكبر اتفاق طاقة بين الجانبين منذ سنوات، في وقت تتشابك فيه المصالح الاقتصادية مع اعتبارات سياسية تتجاوز الحدود، وتمتد إلى مستقبل غزة والعلاقات الإقليمية برمتها.
موقع واللا