الرئيسية » رواد الإقتصاد »
 
19 تشرين الأول 2016

حيدر مراد.. الحكمة والاستقامة والإحسان مقومات نجاحه

ولد مراد في غزة عام 1940 لأسرة ثرية احترفت التجارة بحكم مجاورتها للبحر الذي كان منفذا للسلع من بيروت إلى غزة والأردن .

\

ظلت العائلة التي كانت ذائعة الصيت تتاجر بالزيت والتمر والصابون والحبوب، حتى فجعت بحادث أواخر الخمسينيات تمثل في غرق باخرة في عرض البحر المتوسط كانت محملة بشتى أنواع البضائع.

ومنيت الأسرة بخسارة فادحة كلفتها كل ما تملك نظرا لعدم وجود اي تأمين على البضائع في ذلك الوقت، وهو الأمر الذي دفع افرادها ليبدأوا حياتهم من تحت الصفر بعد أن ولدوا أثرياء.

بعد غرق الباخرة اضطرت العائلة لمواجهة ظروف صعبة وقاسية بيد ان ذكاء الوالد وحكمته قادته الى تكنيك تجاري تمثل بملء اكياس من الملح وبيعها بنفس السعر التي اشتراها فيه حتى ينتج انطباعا عند الآخرين بأنه مازال قادرا على الوقوف والصمود في وجه الأزمة!!

حاول الوالد انتاج انطباع بأن حاله ليس واقفا، عن وعي وتخطيط، وبالفعل فقد نجحت خطته في الانتقال من بيع الملح الى بيع سلع اخرى.

وربما يكون هذا هو الدرس الأعظم الذي تعلمه "شهبندر التجار" من والده ونجح من خلاله في الخروج من أزمات تجارية مختلفة.

الانتقال من تجارة الملح إلى تجارة الحبوب تمثل أيضا بالنسبة لمراد درسا آخر أكثر حضورا في حياته، فقد كان الوالد يشتري العدس وباقي الحبوب بنفس السعر الذي يبيع فيه.

وتمثل هاتان الحكمتان مفتاح الفهم لشخصية حيدر مراد، لكنه  أضاف اليهما معارف جديدة تحصلت له بعدما أكمل دراسته في غزة وحصل على التوجيهي من هناك، ثم سافر الى القاهرة ودرس التوجيهي المصري، ثم انتسب الى كلية التجارة والاقتصاد في جامعة القاهرة، حيث حاز على البكالوريوس عام 1962 .

في عام 1963، تزوج من سيدة غزية من عائلة اللولو وله منها ثلاثة ابناء : عيسى، يوسف، وعلي وثلاث بنات جميع ابنائه يعملون معه بشركته .

في مطلع الستينيات انتقلت العائلة من غزة الى الأردن (عمان) بعد أن حصل الوالد على الجنسية الاردنية، وكبرت الشركة حتى صارت واحدة من ابرز الشركات الاردنية حيث عمدت الى تصدير الحبوب من محاصيل حوران الى بيروت.

خبرة الحاج حيدر وسمعته واضطلاعه مكنته من استمالة والده للعمل في مجال الأدوات الكهربائية الى جانب تجارة الحبوب “وبدأنا العمل في المحل الذي تم افتتاحه لهذه الغاية في طلوع المصدار بينما استمر الوالد بتجارة الحبوب “.

وتكرست الشركة كمورد لمعظم التجار في مناطق المملكة، ودخلت بعد ذلك في سلسلة من العطاءات الضخمة الى أن صارت الشركة من كبار المستوردين للأدوات الكهربائية.

الا ان الشركة تعرضت لهزة كبيرة عام 97 بسبب افلاس بعض التجار وتعذر امكانية سدادهم لالتزاماتهم واصابة قطاع الكهربائيات بحالة من الركود الا انها تمكنت من تجاوزها كما يقول الحاج حيدر الذي يؤكد بان "الضربة التي لا تقضي عليك تقويك" .

تجربة والده دفعته لخوض تجربة جديدة تمثلت في طرقه لأبواب غرفة تجارة عمان تحقيقا لطموح قديم عند والده .

وعند ترشحه فاز الحاج حيدر بأعلى الاصوات بفارق بينه وبين رئيس الكتلة المنافسة الحاج حمدي الطباع تسعة اصوات.

وفي المرة الثانية التي ترشح فيها مراد حصل على أعلى الاصوات وكذلك في المرة الثالثة ليصبح رئيسا لاتحاد غرف التجارة قاطبة.

25 عاما قضاها مراد بين ردهات غرفة التجارة كممثل للقطاع التجاري تمكن خلالها من استحداث غرفة للتحكيم داخل الغرفة ساهمت بحل الكثير من الاشكاليات في الوسط التجاري ومأسسة العمل فيها بشكل واكب نمو القطاع التجاري.

الحاج حيدر وضع نصب عينيه خلال فترة ادارته لغرفة التجارة محددات صارمة اولها ان لا يتم الخلط بين السياسة والتجارة  إلا أنه يعتبر أن الاستقرار السياسي هو اهم ضمانة لنجاح التجارة.

الحاج حيدر الذي يتربع على سدة واحدة من أكبر أربعين شركة أردنية يؤكد ان الدور الاجتماعي للشركة هو اهم المحاور التي يركز عليها في عمله .

بعد اكثر من 50 عاما في العمل التجاري يؤكد الحاج مراد انه "لم يرجع له شيك" في حياته لانه كان يعرف بالضبط اين يضع قدميه ولم يكن يراهن على الفهلوة واللف والدوران،  فالاستقامة أهم محدد لنجاح التجارة بالنسبة إليه.

يؤمن الحاج حيدر بأن "المركب الذي ليس فيه خير يغرق" ومن منطلق هذه القاعدة يصرف الكثير من وقته في اعمال الاحسان، مقربون من الحاج حيدر يؤكدون انه انشأ قسما خاصا في الشركة لدراسة الحالات الاجتماعية ومساعدة المحتاجين من منطلق ايمانه ان لهؤلاء حصة في أرباح الشركة ودخلها باعتبار "المركب الذي ليس فيه لله غارق لا محالة".

 

 

 

 

 

مواضيع ذات صلة