الرئيسية » الاخبار الرئيسية » في دائرة الضوء »
 
14 تشرين الثاني 2021

خزينة السلطة تعاني... والأزمة "متجذّرة" لا يوجد لها حلٌ اقتصادي

حمزة خليفة- بوابة اقتصاد فلسطين: تعيش السلطة الفلسطينية هذا العام وضعاً مالياً هو الأسوأ في تاريخها، حسب ما أكده مستشار رئيس الوزراء استيفان سلامة، خلال تصريحاته للإذاعة الرسمية الفلسطينية.

وتوقع سلامة أن تستمر الأزمة حتى حلول آذار/مارس من العام المقبل 2022، "حيث سنشهد عودة الدعم المالي الأوروبي للسلطة الفلسطينية، ولكن حتى ذلك الوقت نحتاج لدعم استثنائي بقيمة 400 مليون دولار، حتى نتمكن من توفير الخدمات ورواتب الموظفين حتى آذار القادم ".

أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية بكر اشتية، أوضح أن الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة أزمة متجذرة وليست جديدة، وتوقع أن تصل مديونية خزينة السلطة مع نهاية العام الجاري 2021 لحوالي 30 مليار شيقل، ما بين قروض وما بين متأخرات القطاع الخاص.

وحسب اشتية، فإن هذا يدل على مشكلة حقيقية، خاصة وأن السلطة وصلت إلى السقف النهائي من الاقتراض البنكي، هذا كله يأتي في ظل توقف المساعدات من المانحين، ما يعني أنها في مأزق حقيقي، ومن الواضح أن دولة الاحتلال ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية يحاولون وضع السلطة في الزاوية، لتقديم المزيد من التنازلات.

كما أوضح في حديثه "لبوابة اقتصاد فلسطين"، أن السلطة عليها الكثير من الالتزامات المالية المتراكمة، حيث وصلت لقرابة 17 مليار شيقل كمتأخرات لصالح القطاع الخاص، وباتت هناك أولوية لدى الحكومة لسد جزء منها، خاصة بعد تهديدات القطاع الخاص بالتوقف عن تقديم الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها التحويلات الطبية، وشركات توريد الأدوية، وشركات المقاولات وغيرها من القطاعات الحيوية.

ويرى اشتية أن عملية الاقتطاع من رواتب الموظفين العموميين التي أعلن عنها الأسبوع المنصرم، ستكون لصالح تغطية أجزاء من مستحقات القطاع الخاص، بغض النظر عن أنها ستكون خصومات بنسب قليلة لا تتجاوز 10% حسب اعتقاده.

هذا وتعول الحكومة الفلسطينية في سد الفجوة الحاصلة على الوعود الأوروبية التي تلقاها رئيس الوزراء محمد اشتية خلال زيارته الأخيرة إلى بروكسل، وأن هذه الوعود قد تفضي إلى شيء من المساعدات والدعم المالي الذي سيصب في صالح الخزينة ولو جزئياً.

وأضاف: " نعوِّل هنا على المانحين مرة أخرى، مع أنني لست مع هذا التوجه، لكن على الأقل يمكننا السير ولو قليلاً، خلف هذه الوعود".

في السياق ذاته، أوضح اشتية أن للسلطة الفلسطينية مستحقات محتجزة لدى دولة الاحتلال، حيث تقوم الأخيرة بجملة من عمليات الاقتطاع من أموال المقاصة، فصافي الإقراض بات يتناول قضايا عديدة، منها متأخرات الكهرباء وأثمان المياه ورواتب الأسرى وذوي الشهداء وغيرها، والتي أصبحت تتجاوز 100 مليون شيقل شهرياً، عدا عن 3% أي قرابة 25 مليون شيقل تقتطع شهرياً بالاتفاق، حسب ما ورد في بروتوكول باريس الاقتصادي، كما أن هناك حوالي 150 مليون شيقل تتسرب من خزينة السلطة تندرج تحت ما يسمى "التسرب الضريبي"، والذي يأتي بسبب الخروقات التي تمارسها إسرائيل في تطبيقها لبنود بروتوكول باريس.

وتابع: "هذا يدفعنا للوقوف أمام حقيقة صعبة، مفادها أن ثمة قرابة مليار دولار سنوياً من مستحقات السلطة تذهب كفاقد، وهذا الرقم كفيل بسد عجز الموازنة، وهنا يظهر تعمد الاحتلال القيام بذلك، كنوع من الابتزاز السياسي مقابل الحصول على مزيد من التنازلات، التي لا تجرؤ السلطة على تقديمها".

ويرى أن الحل الوحيد للضغط على الاحتلال يمكن أن يتم من خلال المقاومة الشعبية، وذلك لإشعار دولة الاحتلال بخطر أمني يؤثر على حالة الاستقرار، فدون وجود حراك على الأرض، لن تضطر إسرائيل على منح السلطة أموالها كاملة، فلا بد من تفعيل ورقة الضغط تلك.

"الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة استنفدت جميع الحلول الاقتصادية"، ويعتقد اشتية أن الواقع بحاجة لحلول وخطوات على الصعيدين السياسي والأمني، بالرغم من صعوبة تطبيق ذلك على الأرض، بفعل الحالة السياسية الراهنة على الصعيد الفلسطيني الداخلي.

وأردف أن السلطة في مأزق حقيقي، وباتت مجبرة على القيام بلعبة "تلبيس الطواقي" حسب وصفه، من خلال الخصم على الموظفين من أجل سداد جزء من ديونها المستحقة للقطاع الخاص، أو أن تأخذ من الجهة الفلانية لسد التزاماتها لصالح جهة أخرى، وترحيل الأزمة لوقت لاحق، وهذا دليل على غياب وفقدان أي حلول اقتصادية.

وتشكل أموال المقاصة-عائدات الضرائب الفلسطينية-ما بين 60-65% من الموارد المالية للسلطة بمتوسط شهري يصل لنحو 680 مليون شيقل، وفي المقابل فإن فاتورة الرواتب الشهرية تفوق ما قيمته 900 مليون شيقل، حيث تشكل نحو 50.4% من إجمالي النفقات خلال الشهور التسعة الأولى من العام الجاري 2021.

 بعد استعراض هذه الأرقام، نجد أنفسنا أمام سؤال مفاده هل اتجاهات الإنفاق لدى السلطة الفلسطينية تقتصر على رواتب الموظفين فقط؟ وهنا يجيب اشتية بلا، ففاتورة الرواتب تشكل نسبة معينة من مجمل الإنفاق، والباقي يذهب باتجاه النفقات التشغيلية. وهنا يحق لنا التساؤل، لماذا لا يتم الاقتصاد في النفقات التشغيلية بدلاً من اللجوء لرواتب الموظفين؟ وهو ما يأخذنا نحو تساؤل آخر، هل تعتمد الموازنة العامة على سياسات تقشف في النفقات التشغيلية؟ وهل وصلت إلى حد التقشف الأقصى؟ أم أن الموظف هو الحلقة الأضعف في هذه المعادلة؟

وأضاف اشتية: "برأيي، آخر ما يجب المساس به هو رواتب الموظفين، وعلى السلطة مراجعة نفسها في هذه القضية، واللجوء لهذه الخطوة كخطوة أخيرة لا كخطوة استباقية".

وهنا يرى أن الأمر الأخطر من ذلك كله، هو التساوق مع جميع متطلبات الاحتلال، وكأن السلطة تتكيف وتتعايش مع سياسات التضييق المالي التي يمارسها الاحتلال، وبدلاً من التصدي لهذه القرارات سياسياً ودبلوماسياً من أجل انتزاع الحقوق الفلسطينية، يتم اللجوء إما إلى رواتب الموظفين أو إلى التقشف.