الرئيسية » في دائرة الضوء » الاخبار الرئيسية »
 
15 أيار 2025

عمال غزة بعد 7 أكتوبر: هكذا فقد عمال غزة حقوقهم لدى المشغلين الاسرائيليين

حسناء الرنتيسي- بوابة اقتصاد فلسطين

في الوقت الذي تتساقط فيه البيوت على رؤوس ساكنيها في قطاع غزة، وتُقطع فيه سبل العيش عن آلاف الفلسطينيين، يبرز ملف العمال الغزيين الذين كانوا يعملون في الداخل الإسرائيلي كإحدى القضايا الإنسانية والحقوقية الأكثر إهمالًا وظلمًا منذ السابع من أكتوبر.
هؤلاء العمال، الذين خرجوا بحثًا عن لقمة العيش، وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها مقطوعي الاتصال، ملاحقين أمنيًا، أو تحت الأنقاض، فيما جُمّدت حقوقهم، وصودرت مستحقاتهم، وأُلصقت بهم تهم جماعية تصل إلى حد "المشاركة في الهجوم" دون سند.

في هذه المقابلة الخاصة، يكشف وهبة بدارنة، ممثل نقابة العمال العرب في الناصرة، تفاصيل موثقة حول اختفاء المئات من عمال غزة، وحرمان الغالبية من تعويضاتهم القانونية، وكيف تعاملت إسرائيل مع هذا الملف بشكل انتقامي لا يمتّ للقانون الدولي بصلة.
بدارنة يضع بين أيدينا خلاصة بحث ميداني امتد لأشهر، شمل آلاف العمال، ويوضح كيف يمكن استرداد الحقوق المسلوبة رغم الحرب والحصار، مؤكدًا أن المعركة الآن ليست فقط على الأرض، بل على العدالة نفسها.

سؤال: متى بدأ اهتمامكم في نقابة العمال العرب بملف عمال غزة؟
وهبة بدارنة: نحن نتابع ملف العمال الفلسطينيين منذ سنوات طويلة، ليس من بعد الحرب فقط. ومنذ خطة فك الارتباط عام 2005، حين فقد العديد من عمال غزة وظائفهم وحقوقهم بعد خروج الاحتلال من القطاع، بدأنا بالعمل معهم. نتابع أوضاعهم من خلال باحثين ميدانيين في غزة، وحتى قبل 7 أكتوبر، كان لدينا حضور مستمر ومتابعة دقيقة لملفهم.

سؤال: كيف انعكست أحداث 7 أكتوبر على وضع عمال غزة العاملين في الداخل؟
بدارنة: بعد الهجوم، سحبت إسرائيل فجأة تصاريح الدخول والعمل من كافة عمال غزة، وبدأت بملاحقة الكثير منهم، واتهام بعضهم بالمشاركة في الهجوم رغم عدم وجود أدلة. أحد أخطر الإجراءات كان قطع مخصصات إصابات العمل عنهم، ما اعتبرناه إجراءًا جماعيًا عقابيًا غير قانوني. كما ظهرت حالات اختفاء قسري لعمال فلسطينيين على الحواجز العسكرية الإسرائيلية ابتداءً من 8 أكتوبر.

سؤال: هل هناك أرقام موثقة عن العمال المتأثرين؟
بدارنة: نعم، أجرينا بحثًا ميدانيًا استمر 6 أشهر، وشمل 2,428 عاملًا من غزة عملوا في الداخل الإسرائيلي في مجالات الزراعة، البناء، والخدمات (الفنادق والمستشفيات). هذه العينة تمثل توزيعًا قريبًا من إجمالي 18,000 عامل غزي كانوا يحملون تصاريح عمل رسمية قبل الحرب.

سؤال: كم عاملًا حصل على حقوقه بعد الحرب؟
بدارنة: فقط 700 عامل تقريبًا من أصل العينة حصلوا على مستحقاتهم المالية، بحسب ما توصلنا إليه. في المقابل، آلاف العمال لم يحصلوا على شيء، إما لأنهم استشهدوا مع عائلاتهم تحت القصف، أو ما زالوا مفقودين، أو انقطع التواصل معهم كليًا. بعضهم كان محتجزًا في مراكز الاعتقال مثل سجن عوفر وسدي تيمان، وشهادات زملائهم أكدت اختفاءهم فجأة.

سؤال: ما الإطار القانوني الذي ينظم حقوق العمال الفلسطينيين في الداخل؟
بدارنة: العامل الفلسطيني يُعامل كعامل أجنبي وفق القانون الإسرائيلي، لكنه يخضع لكافة الأنظمة الرسمية إذا كان يحمل تصريحًا مزدوجًا:

تصريح دخول للداخل يصدر عن منسق الشؤون المدنية.

تصريح عمل يصدر عن وزارة الداخلية الإسرائيلية.

بناءً عليه، يحق للعامل الفلسطيني أن يحصل على مخصصات إصابة عمل، تعويضات، تأمين صحي، وحقوق تقاعد عبر صندوق "بركي"، تمامًا كما هو حال أي عامل أجنبي في إسرائيل. القانون هنا واضح، وإسرائيل مضطرة للالتزام به بموجب التزاماتها الدولية، وليس حبًا بالفلسطينيين – كما نقول دائمًا.

سؤال: هل هناك جهات إسرائيلية مسؤولة مباشرة عن العمال؟
بدارنة: نعم، لكل قطاع جهة تنظيمية إسرائيلية:

عمال البناء يخضعون لاتحاد أرباب العمل في قطاع البناء.

عمال الزراعة يتبعون لاتحاد عمال الزراعة.

عمال الفنادق والخدمات غالبًا ما يتبعون شركات خاصة مسجلة رسميًا.

هذه الجهات، رغم كونها مؤسسات شبه حكومية، مسؤولة عن تطبيق القانون. وفي حال أخل المشغّل بحقوق العامل، تتدخل وزارة الداخلية وتتخذ إجراءات تصل حد الملاحقة الجنائية.

سؤال: كيف يمكن للعمال أو ذويهم المطالبة بالحقوق؟
بدارنة: نحن في نقابة العمال العرب في الناصرة نتابع هذه القضايا مجانًا، دون تحميل العمال أي تكاليف. المطلوب فقط هو:

معلومات دقيقة عن المشغّل (الاسم، المدينة، رقم التسجيل الضريبي).

في حال الاستشهاد أو الاختفاء، نطلب شهادة وفاة أو إفادة من العائلة.

بعدها نخاطب وزارة الداخلية التي تتحقق من ملف العامل وتتابع حقوقه المالية والتقاعدية. حتى في حال عدم توفر شهادة وفاة، يمكن لعائلة العامل التقدم بإفادة قانونية، وسنبدأ الإجراءات.

سؤال: ما موقفكم من اتهامات إسرائيل لبعض العمال بالمشاركة في الهجوم؟
بدارنة: هذه اتهامات سياسية مرفوضة. في إحدى القضايا، اتهمت إسرائيل عمالًا بأنهم شاركوا في الهجوم، وقامت بقطع مستحقات تقاعدهم، فتقدمنا باستئناف للمحكمة العليا، وأُجبرت مؤسسة التأمين الوطني على إعادة تفعيل طلبات تعويض إصابات العمل من خلال منصة إلكترونية جديدة.

سؤال: ما أبرز التحديات الآن؟
بدارنة: التحدي الأكبر هو انعدام الوعي القانوني والمعلومات الدقيقة. الناس في غزة اليوم مشغولة بالنجاة وتحت القصف، والحديث عن المحاكم والحقوق مؤجل بالنسبة لهم. لذلك نحن نركز على التوعية والإرشاد المجاني، ونسعى لتبسيط الإجراءات، ونقول للناس: هناك حقوق لا تسقط، وهناك قانون يجب استغلاله لصالحكم.

سؤال: هل من دعوة أخيرة توجهونها للعمال؟
بدارنة: نعم، المعرفة هي قوة. إذا كنت عاملًا فلسطينيًا عملت في الداخل قبل 7 أكتوبر، وكان لديك تصريح عمل رسمي، اتصل بنا مباشرة عبر نقابة العمال العرب في الناصرة. نحن نتابع ملفاتكم مع الجهات الرسمية الإسرائيلية، ونطالب بحقوقكم بالكامل دون أن تتحملوا أي تكلفة.

نريد أن نمنع ضياع حقوق 18,000 عامل، كثير منهم اليوم تحت الأنقاض أو من دون صوت. هذه مسؤوليتنا الأخلاقية والوطنية والنقابية.

كلمات مفتاحية::