الرئيسية » اقتصاد اسرائيلي » آخر الأخبار »
 
14 آب 2025

الشذوذ الإسرائيلي: صفقات بمليارات الدولارات رغم الحرب وتهديدات المقاطعة

مترجم- بوابة اقتصاد فلسطين

في الوقت الذي تستمر فيه الحملة العسكرية على غزة بلا أفق واضح، تُسجّل الشركات الإسرائيلية سلسلة من الصفقات العملاقة، وخروجات استثمارية لافتة، وإيرادات ضريبية قياسية. مشهد اقتصادي متناقض يعكس فجوة واسعة بين نجاح قطاع الأعمال، وبين الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تحيط بإسرائيل.

قبل شهرين، وتحديدًا يوم الجمعة 13 يونيو/حزيران، كان سؤال واحد يتردد في كل بيت داخل إسرائيل وربما في أنحاء العالم: كيف يمكن لدولة صغيرة في الشرق الأوسط، شهدت نهوضًا وانهيارًا متزامنين تقريبًا، أن تجمع بين فشل أمني وعسكري وإداري شامل في أكتوبر/تشرين الأول 2023 – الذي وُصف بأكبر كارثة منذ قيام الدولة – وبين قدرة على تنفيذ عمليات عسكرية وتكنولوجية وتنظيمية معقّدة، إلى جانب تدمير واسع للقدرات واستسلام فعلي لأخطر أعدائها؟

هذا التناقض الحاد أصبح سمة حياتنا اليومية، ويتجلى بقوة في الأسابيع الأخيرة، وخصوصًا في الجانب الاقتصادي. نحن أمام دولة يقودها وزراء يتصرفون بتهور، يمارسون سوء استخدام للسلطة على نطاق يتجاوز الوزارات والسياسيين، ويستمتعون بذلك علنًا. وفي المقابل، تسجل بورصة تل أبيب أرقامًا قياسية، ويستمر الإسرائيليون في الإنفاق الاستهلاكي، وأسعار العقارات تبقى مستقرة نسبيًا، والشيكل يحافظ على توازنه، فيما ترتفع الإيرادات الضريبية شهريًا.

ورغم الحملة العسكرية التي لا تنتهي، وتراجع الإجماع الداخلي والدولي حول الحرب، وتنامي الدعوات للإضراب العام، يعيش الاقتصاد حالة نشاط استثماري غير مسبوقة. الشركات تعلن صفقات كبرى شبه يومية، والبنوك – المؤشر الأبرز لصحة الاقتصاد – تحقق أرباحًا فصلية قياسية. وهذا يحدث بعد فترة وجيزة من قرارات اقتصادية تضمنت رفع ضريبة القيمة المضافة وتجميد الأجور.

استثمارات أوروبية رغم المقاطعة
في الأيام الأخيرة، أعلنت شركة إلبيت عن عقد بقيمة 1.63 مليار دولار لتزويد دولة أوروبية بحلول دفاعية متكاملة، في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الأوروبية لإسرائيل. يحدث ذلك بينما تعلن المستشارة الألمانية وقف بيع أسلحة قد تُستخدم في غزة، ويقرر صندوق الثروة السيادي النرويجي تقليص استثماراته في السوق الإسرائيلية، بما في ذلك في شركات غير مرتبطة مباشرة بالحرب.

ورغم الموقف السياسي البارد، قرر صندوق الاستثمار التكنولوجي التابع لوزارة المالية الإيطالية ضخ عشرات الملايين من اليورو في شركات إسرائيلية. كما أفادت تقارير أجنبية بأن شركات يابانية تدرس شراء طائرات مسيّرة من الصناعات الجوية الإسرائيلية، فيما وُقعت صفقة ضخمة لتوريد الغاز الإسرائيلي إلى مصر بقيمة 35 مليار دولار، رغم العلاقات المتوترة مؤخرًا.

نشاط استثماري في القطاع الخاص
القطاع الخاص يشهد كذلك تحركات لافتة: صندوق استثمار أمريكي استحوذ على شركة Sabin الإسرائيلية مقابل 2.5 مليار دولار، وشركة DigiX البريطانية اشترت شركة الأمن السيبراني Findings من تل أبيب – التي لا يتجاوز عدد موظفيها 30 – مقابل 305 ملايين دولار، وهو رقم يبدو عاديًا مقارنة بصفقات سيبرانية أكبر.

قبل أسبوعين فقط، بيعت شركة CyberArk الإسرائيلية بمبلغ 25 مليار دولار، وفي مارس استحوذت Google على Waze بمبلغ قياسي بلغ 32 مليار دولار، أي أكثر من 100 ضعف ما دفعه البريطانيون مقابل Findings.

المخاوف من عدم استدامة النمو
رغم المؤشرات الإيجابية، يتخوف اقتصاديون من أن هذه الديناميكية غير قابلة للاستمرار. فالأرباح القياسية للبنوك، التي تجاوزت 5 مليارات شيكل لكل من لئومي وهبوعليم في ربع واحد، تعود بالأساس إلى رفع أسعار الفائدة من قِبل بنك إسرائيل وغياب المنافسة، ما مكنها من زيادة عوائد القروض وخفض الفوائد على الودائع. ومع أن العملاء ما زالوا قادرين على تحمل أعباء الفائدة المرتفعة، إلا أن استمرار هذا الوضع قد يرهقهم في غضون أشهر.

تراجع توقعات النمو
بيانات وزارة المالية أظهرت أن إيرادات الدولة بين يناير ويوليو بلغت 324 مليار شيكل، بزيادة 17% عن الفترة نفسها من العام الماضي، مع رفع توقعات الإيرادات لعام 2025 بأكثر من 20 مليار شيكل. لكن في المقابل، تراجعت توقعات النمو من 5.6% بداية 2024 إلى 3.1% فقط هذا الأسبوع، ما يعني أن العبء الضريبي يزداد فيما تتقلص وتيرة توسيع الاقتصاد.

هذا التوازن الهش يجعل الاقتصاد عرضة لانتكاسات مفاجئة، خاصة إذا تضررت الأسواق العالمية، ما يتطلب قيادة سياسية واقتصادية متماسكة بدل الانشغال بمعارك إعلامية واستعراضية.

غلوبس

كلمات مفتاحية::