الرئيسية » في دائرة الضوء » آخر الأخبار »
 
17 تشرين الثاني 2025

وزير الصناعة: التحول نحو الصناعة الخضراء ضرورة استراتيجية… وهدفنا اقتصاد فلسطيني منتج ومستدام

بوابة اقتصاد فلسطين

يشرح وزير الصناعة الفلسطيني، عرفات عصفور، في مقابلة أجرتها حسناء الرنتيسي لمجلة آفاق البيئة والتنمية، ملامح توجه الوزارة نحو بناء قطاع صناعي أكثر نظافة واستدامة، مستندًا إلى سياسات تشجيعية وبرامج فنية تستهدف رفع كفاءة المصانع وتقليل الانبعاثات، وصولاً إلى نموذج “الاقتصاد الدائري”. كما يتحدث عن جاهزية فلسطين للامتثال لمتطلبات الاتحاد الأوروبي الجديدة (CBAM)، وخطط الوزارة لضمان عدالة جغرافية في التنمية تشمل غزة والقدس والمناطق المهمشة.

في ظل التحولات المتسارعة عالمياً نحو الاقتصاد الأخضر والتشريعات البيئية المشددة، تجد فلسطين نفسها أمام تحديات معقدة؛ أبرزها القيود على الموارد والطاقة بفعل الاحتلال. لكن الوزارة، كما يؤكد الوزير، ترى في هذه التحولات فرصة لإعادة بناء قطاع صناعي قادر على المنافسة، وأكثر قدرة على تقليل الهدر وتحسين كفاءة الإنتاج.

الإنتاج النظيف والاقتصاد الدائري… ماذا يعنيان؟

يوضح الوزير عصفور أن الإنتاج النظيف يقوم على مبدأ الوقاية قبل المعالجة؛ أي الحد من التلوث والنفايات من المصدر ذاته، عبر استخدام استراتيجيات بيئية تكاملية في العمليات الصناعية، بما يرفع الكفاءة ويقلل الأثر البيئي.

أما الاقتصاد الدائري فهو إطار اقتصادي شامل يهدف إلى إعادة التدوير والإصلاح والتجديد وإطالة عمر الموارد داخل الدورة الإنتاجية، بحيث تتحول النفايات إلى مواد أولية جديدة.
وبينما يُعنى الإنتاج النظيف بمستوى المصنع نفسه، فإن الاقتصاد الدائري يشمل المنظومة الاقتصادية والمجتمعية ككل.

حوافز حكومية تدعم التحول الأخضر

يستند دور الوزارة إلى قانون الصناعة رقم (10) لسنة 2011، الذي يتيح حوافز وإعفاءات كمَيّة للآلات والمعدات وقطع الغيار، إلى جانب أسعار تفضيلية للمياه والكهرباء لتخفيف كلفة التشغيل. كما تمنح المادة (18) من القانون مزايا منشآت تطبق معايير الإنتاج النظيف وكفاءة الطاقة، وهو ما يدفع المصانع باتجاه أنماط إنتاج أكثر استدامة.

من التوعية إلى الإلزام التدريجي

يشير الوزير إلى أنّ الهدف ليس فرض معايير إلزامية فوراً، بل البدء بالتحفيز والتوعية عبر دائرة الصناعة الخضراء. تركز الوزارة على نشر المعرفة بأهمية الطاقة المتجددة وتقليل استهلاك الطاقة، لما لذلك من أثر مباشر على خفض التكاليف وتعزيز تنافسية المنتج الوطني.

الحصول على شهادات دولية في كفاءة الطاقة ينعكس، بحسب الوزير، على زيادة الطلب على المنتجات الفلسطينية، نتيجة التوفير في استخدام الطاقة والمياه وإعادة التدوير وتقليل الانبعاثات الكربونية.

كما تعمل الوزارة عبر “المسار الأخضر السريع” لتقديم تسهيلات للمنشآت التي تعتمد الطاقة المتجددة، وتحديث آليات الترخيص وضمان انتقال المصانع إلى التكنولوجيا النظيفة. ونُظمت عدة ورش تدريبية للكوادر العاملة في القطاع الصناعي حول نظم الطاقة والبيئة.

القطاعات الصناعية ذات الأولوية وبرامج التحسين

ترى الوزارة أن جميع القطاعات مهمة، لكن بعض الصناعات تمتلك هامشاً أكبر للتوفير في الطاقة، مثل الحجر والرخام، والصناعات الغذائية والدوائية.

من أبرز البرامج التي نُفذت:
برنامج “مستدامةالذي حقق نتائج لافتة:

خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 11,796 طنًا.

توفير 4.014 مليون شيكل في تكاليف الطاقة.

تدريب 99 خبيراً في إدارة نظم الطاقة.

تدريب 106 متدربين في الطاقة الشمسية.

تدريب 62 متدرباً في تحسين الأداء المالي الصناعي.

تدريب 114 متدرباً في الضبط الأمثل للطاقة.

كما نفذت اليونيدو برنامج “كفاءة الموارد والإنتاج الأنظف”، مستهدفاً قطاعات:

الأغذية والمشروبات

الأدوية

البلاستيك

الورق

وبلغت قيمة التوفير السنوي نحو 2.46 مليون يورو. وسجلت القطاعات مجتمعة ارتفاعاً في كفاءة الطاقة بنسبة 286.9%، وكانت النسبة الأكبر لقطاع الأغذية والمشروبات (165.2%). ووصلت نسبة توفير المواد الخام إلى 32.3% سنوياً.

خطوات لخفض كثافة استهلاك الطاقة

يوضح الوزير أن الوزارة أصدرت تعليمات “صافي القياس” بالتعاون مع مجلس الوزراء، وتساهم في إعداد تعليمات “صافي الفوترة” لتشجيع المصانع على استخدام الطاقة البديلة.

كما تُنفَّذ عمليات تدقيق طاقي لعدد من المنشآت باعتبارها خطوة أساسية لوقف الهدر، إلى جانب تعزيز استخدام الطاقة الشمسية ضمن الأطر القانونية المعمول بها.

جاهزية فلسطين لمتطلبات الاتحاد الأوروبي (CBAM)

يرى عصفور أن مفتاح التوافق مع آلية الاتحاد الأوروبي للكربون على الحدود هو الإنتاج النظيف. فخفض الانبعاثات وتحسين كفاءة الاستهلاك يتيح للمصانع الفلسطينية دخول الأسواق الأوروبية بشروط أفضل، ويمنحها قدرة تنافسية أعلى في التجارة الدولية القائمة على مبادئ الاقتصاد الدائري.

عدالة جغرافية تشمل غزة والقدس والمناطق المهمشة

تولي الوزارة اهتماماً خاصاً لقطاع غزة، وتشارك في وضع خطط الإغاثة والإنعاش وإعادة تأهيل المناطق الصناعية المتضررة حال توافر الظروف المناسبة، خصوصاً ما يتعلق بالطاقة ومدخلات الإنتاج.

أما في الضفة الغربية والقدس، فتركز الوزارة على تمكين الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ودعم المشاريع النسوية والمناطق المهمشة، وتوجيه برامج التمويل المحلية والدولية نحو تعزيز صمود القطاعات الإنتاجية.

مستقبل الصناعة الفلسطينية… إلى أين؟

يلخّص الوزير رؤيته بالقول إن مستقبل الصناعة الوطنية مرتبط بشكل مباشر بالتحول إلى الاستدامة. فالإنتاج النظيف والاقتصاد الدائري لم يعودا مجرد خيارات بيئية، بل ركيزة لخفض كلفة الإنتاج، وتقليل التبعية في الطاقة، وفتح أسواق جديدة، وتوليد فرص عمل في مجالات الهندسة البيئية والطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة.

ويؤكد أن فلسطين قادرة — رغم الظروف القاسية — على أن تصبح نموذجاً إقليمياً في إدارة الموارد بكفاءة، إذا استمر التعاون بين القطاعين العام والخاص بدعم الشركاء الدوليين.

"لا نريد مصانع أنظف فقط… بل اقتصاداً أكثر عدلاً واستدامة"

بهذه العبارة يختتم الوزير المقابلة، مؤكداً أن هدف الوزارة ليس إحداث تغيير تقني فحسب، بل بناء اقتصاد يضع الإنسان والبيئة في قلب العملية الإنتاجية.

 

 

كلمات مفتاحية::